نيامي – برزت للأزمة السياسية في النيجر وجوه عديدة، بداية من تدهور الأوضاع الأمنية واضطرابها وازدياد عدم اليقين والقلق من عودة الجماعات المسلحة العابرة للحدود، وتظهر الأبعاد الاقتصادية ضمن أهم تداعيات الأزمة الحالية وأشدها تأثيرا بسبب تجاوزها النيجر إلى جوارها الإقليمي.
تصنف النيجر ضمن أفقر بلدان العالم وأقلها نموا، إذ تشير إحصائيات صندوق النقد الدولي إلى أن 42% من سكانها يعيشون في فقر مدقع، وبلغ ناتجها المحلي الإجمالي 13.97 مليار دولار في عام 2022، ويمثل الناتج الإجمالي المحلي للنيجر 0.01% من الاقتصاد العالمي، وتعتمد على الدعم الخارجي بنسبة 40%.
ويركز اقتصاد النيجر على الزراعة وتربية المواشي وتصدير اليورانيوم، إذ تساهم الزراعة بنحو 44% في الناتج الإجمالي المحلي، وتوفر سبل العيش لـ87% من السكان.
وارتفع الدين العام منذ 2011 بسبب مساعي الحكومة النيجرية لتوسيع الاستثمار العام خاصة المتعلق بالبنية التحتية، وزاد من تضرر الاقتصاد في السنوات الأخيرة زيادة الإنفاق على الأمن لمواجهة أنشطة الجماعات المسلحة وعمليات الاختطاف في مناطق إنتاج اليورانيوم.
تداعيات تعليق المساعدات الخارجية
ظلت النيجر تتلقى دعما سنويا لميزانيتها بمبلغ يبلغ نحو ملياري دولار، بهدف دعم القطاعات الحيوية والاستقرار المالي للبلاد، غير أن جميع الدول المانحة قررت تجميد مساعداتها للبلاد بعد الانقلاب العسكري الأخير، مما سيكون له آثار كبيرة على الاقتصاد المتداعي.
وهنا أبرز القرارات المتعلقة بالمساعدات الموجهة للنيجر:
الإيكواس: علقت كل المعاملات التجارية والمصرفية، وجمدت الأصول النيجرية.
الولايات المتحدة الأميركية: أعلنت تعليق مساعدات تنموية تبلغ قيمتها 100 مليون دولار، ووقف المساعدات العسكرية التي تقدمها للجيش.
الاتحاد الأوروبي: أعلن مسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل عن إيقاف الميزانية التي خصصها الاتحاد للنيجر، فضلا عن إيقاف التعاون الأمني، وتبلغ المساعدات الأوروبية 554 مليون دولار.
كندا: علقت المساعدات التنموية، وقد ساهمت كندا بـ59.33 مليون دولار خلال عامي 2021 و2022، كما قدمت مساعدات إنسانية بـ10 ملايين دولار، وكانت قد خصصت 10 ملايين دولار سنويا حتى 2026.
هولندا: علقت تعاونها في بعض البرامج التنموية والعسكرية مع النيجر.
البنك الدولي: أنفق 1.5 مليار دولار في النيجر، وفي بداية العام الماضي اتفق البنك مع حكومة النيجر على قرض بنحو 131 مليون دولار، وهو البرنامج الذي يواجه مصيرا مجهولا بسبب الانقلاب.
تأثير العقوبات
أعلنت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) مجموعة عقوبات تضمنت:
إغلاق الحدود البرية والجوية بين دول الإيكواس والنيجر.
إنشاء منطقة حظر طيران لجميع الرحلات التجارية من وإلى النيجر.
تعليق جميع المعاملات التجارية والمالية بين دول الإيكواس والنيجر.
تجميد جميع المعاملات الخدمية بما في ذلك المعاملات في مجال الطاقة.
تجميد جميع الأصول الوطنية للنيجر في البنوك المركزية الإقليمية.
وقف كل المساعدات المالية للنيجر.
حظر السفر وتجميد أصول المسؤولين العسكريين المتورطين في الانقلاب.
وعقب الإعلان عن تلك العقوبات، قطعت نيجيريا الكهرباء عن النيجر، وكان لهذا القرار تداعيات لأن نيجيريا توفر 70% من الكهرباء التي تحتاجها النيجر.
وكان للعقوبات التي فرضت على النيجر وقطع الكهرباء من نيجيريا تداعيات من أبرزها:
ارتفاع أسعار المواد الأساسية لتوقف الوارد من الخارج واضطراب الإنتاج في الداخل.
تلف الكثير من المواد الغذائية التي تعتمد على التبريد بسبب توقف الإمداد الكهربائي، حيث يتوفر الإمداد ساعة لينقطع 5 ساعات أخرى، وفي بعض المناطق يمتد الانقطاع لثلثي اليوم.
صعوبة الحصول على النقد الأجنبي مما يعيق استيراد السلع وتقديم الخدمات الأساسية.
توقف النمو الاقتصادي بسبب تأثير زيادة الأسعار على كل من المستهلكين والشركات.
تراجع أنشطة الشركات التي تتعامل بالدفع الإلكتروني، مما يؤثر سلبا على سلسلة المعاملات.
تصاعد مخاطر الاحتيال بسبب محاولات تجاوز العقوبات والالتفاف عليها.
تداعيات على دول الجوار
مما لا شك فيه أن دول الجوار ستدفع فاتورة العقوبات الاقتصادية بدرجات متفاوتة:
نيجيريا: تعدّ أكثر الدول تأثرا نظرا لطول الحدود بين الدولتين (1600 كلم) والترابط بينهما، فضلا عن أن الكثافة السكانية للنيجر تتركز في الجنوب المتاخم لنيجيريا، ويمثل سوق النيجر 75% من إجمالي قيمة الصادرات من التجارة غير الرسمية عبر الحدود مع نيجيريا، وفقا لدراسة أجراها البنك النيجيري المركزي.
كما تتأثر 7 ولايات في نيجيريا من إغلاق الحدود مع النيجر، وتحدثت تقارير عديدة عن توقف الشاحنات على جانبي الحدود مع ولاية كاتسينا النجيرية معظمها محملة بمواد غذائية وسلع قابلة للتلف، إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد التي تستوردها نيجيريا من النيجر مثل المواشي.
بنين: تستخدم النيجر ميناء كوتونو عبر الممر البري الرابط بين البلدين، وهو من أكثر الممرات ازدحاما وتعبره ألف مركبة يوميا، وسيتوقف هذا الخط ويعيق عجلة الاقتصاد بين البلدين.
غانا: تأثر سوق البصل في غانا التي تستورد 70% من استهلاكها من النيجر، وارتفعت أسعاره إلى الضعف بعد فرض العقوبات على نيامي، وحذر المستوردون من استمرار إغلاق الحدود تجنبا لآثار كارثية على تجار البصل، وصدرت النيجر ما قيمته 23 مليون دولار من البصل في 2021.
المصدر : الجزيرة