قرار مجلس الأمن يدعم الحراك الإيجابي لملف الصحراء المغربية

قرار مجلس الأمن يدعم الحراك الإيجابي لملف الصحراء المغربية

الرباط – قرر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الاثنين تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء المغربية (مينورسو) لمدة عام، ما من شأنه أن يدعم الحراك الإيجابي لمسار الحل في الصحراء المغربية على قاعدة الحكم الذاتي الموسع التي يقدمها المغرب باعتبارها أساسا جادا وذا مصداقية للحل.

واستفاد المغرب من الاهتمام الإعلامي باجتماع مجلس الأمن ليقدم صورة تفصيلية عن حيثيات الهجوم الذي استهدف مدينة السمارة في الصحراء المغربية ليل السبت – الأحد، والذي تُوجه فيه أصابع الاتهام إلى بوليساريو وداعمتها الجزائر.

وأشادت المملكة المغربية بتبني مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للقرار الجديد، وفق بيان وزارة الشؤون الخارجية المغربية، مؤكدة على أن الدعم الدولي المتنامي من حوالي مئة بلد لمبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب، وفتح أكثر من ثلاثين قنصلية عامة بالعيون والداخلة، وعدم اعتراف أكثر من 84 في المئة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ببوليساريو، فضلا عن النهضة التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المنطقة في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، يكرس فعليا المقاربة التي تنتهجها المملكة في معالجة هذه القضية.

وحدد القرار، وفق البيان، بوضوح أطراف العملية السياسية، والتي يجب أن تتحمل مسؤوليتها السياسية والقانونية والأخلاقية في البحث عن حل نهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، حيث ذكر الجزائر تحديدا ست مرات، وهو نفس عدد المرات التي ذكر فيها المغرب، مما يؤكد أن الجزائر هي بالفعل الطرف الرئيسي في النزاع المفتعل.

وأكد محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، أن القرار الأممي يوسع التراكمات الإيجابية لصالح ملف الصحراء المغربية ويحافظ على مقتضيات وأحكام حاسمة تنسجم مع ثوابت الموقف السيادي المعبر عنها في خطب العاهل المغربي الملك محمد السادس.

ولفت بودن في تصريح لـ”العرب” إلى أن التدابير المبينة في القرار الأممي من شأنها أن تلعب دورا حاسما في تعزيز السلم والأمن كمقصديْن رئيسيّين للأمم المتحدة باتباع خطوات نشطة تعتمد على مقاربة العمل مقابل العمل وممارسة الضغط على الجزائر للانخراط في العملية السياسية.

وأتى التصويت بعد أيام قليلة من تقديم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى أعضاء مجلس الأمن الدولي، تقريره السنوي حول الوضع في الصحراء، مشيدا بـ”التعاون الوثيق” بين السلطات المغربية ومينورسو في الصحراء المغربية مُقابل عرقلة الجبهة الانفصالية لمهام البعثة.

ويحدد القرار رقم 2703 الجديد الموائد المستديرة باعتبارها الإطار الوحيد للمسلسل السياسي، لاسيما بمشاركة الجزائر كطرف معني بشكل مباشر.

وأكد مجلس الأمن أن الحل النهائي لا يمكن أن يكون إلا “حلا سياسيا واقعيا وعمليا ودائما وقائما على التوافق”، مسجلا أن هذه المعايير تقترن، من جديد، بدعم مجلس الأمن لمبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب، والتي وصفها بـ”الجادة وذات المصداقية”.

وتم إطلاق الموائد المستديرة كشكل من المفاوضات من طرف المبعوث الأممي السابق الألماني هورست كولر، الذي جمع ممثلي المغرب والجزائر وموريتانيا وبوليساريو حول طاولة واحدة في ديسمبر 2018 ومارس 2019 بجنيف، وبعدها رفضت بوليساريو والجزائر أي مشاركة وطالبتا بإجراء مفاوضات مباشرة بين المغرب وبوليساريو فقط دون الجزائر.

وقالت ممثلة الولايات المتحدة إن “واشنطن ترحب بتأكيد مجلس الأمن دعمه لجهود ستيفان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، ومينورسو، كما تدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي كحل مقبول سياسيا”.

وأضافت أن مجلس الأمن وجه رسالة تقضي بضرورة إيجاد حل سياسي للملف دون أي تأخير، كما أنه يتأسف لعدم وجود إجماع حول قرار تجديد ولاية مينورسو. وبينت أن “أميركا قلقة من الأوضاع الإنسانية وظروف المعيشة ونقص الوصول إلى المساعدات في مخيمات تندوف بالجزائر”.

واعتبر بودن أن المجموعة الدولية تعارض بشدة للسنة الثالثة عشرة على التوالي استمرار الجزائر في عدم السماح بتسجيل سكان مخيمات تندوف وفقا لاتفاقية اللاجئين لسنة 1953، كما أن الوضع العام في المخيمات واستمرار عسكرتها يزيدان مؤشرات الخطر على المستوى الإنساني.

وخلص إلى أن القرار الأممي الجديد يبعث رسالتين لا لبس فيهما، واحدة إلى الجزائر تقضي بوجوب أن تتحمل مسؤوليتها على أكثر من مستوى، وأخرى إلى بوليساريو تتعلق بتورطها في تقييد عملية الإمداد الآمن لمينورسو وتحرك أفرادها بحرية في الإطار العملياتي.

وعقد أعضاء مجلس الأمن في السادس عشر من أكتوبر المنقضي مشاوراتهم نصف السنوية مع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية، والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء ورئيس مينورسو ألكسندر إيفانكو.

ووزعت الولايات المتحدة مشروع القرار الأول في 20 أكتوبر، كما عقدت جولة من المفاوضات بعد أربعة أيام، وبعدها اقترحت موزمبيق وروسيا بعض التعديلات التي تدعو إلى إضافة صياغة جديدة.

وبعدما تم تجاهل التعديلات المتعلقة بإقحام بند الاستفتاء في الصحراء كما تصر عليه بوليساريو والجزائر امتنعت كل من روسيا وموزمبيق عن التصويت.

وأتى اعتماد مجلس الأمن هذا القرار غداة فتح النيابة العامة المغربية تحقيقاً في عملية “إطلاق مقذوفات” أدّت ليل السبت – الأحد إلى مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين بجروح في مدينة السمارة بالصحراء المغربية. وقدم السفير المغربي لدى الأمم المتحدة عمر هلال في تصريح للصحافيين تفاصيل ضافية عن الهجوم.

وأكد هلال أن هناك أربعة انفجارات وقعت في المدينة الروحية للصحراء المغربية، كما قدم صوراً للانفجارات في الحي الصناعي، حي السلام وحي النهضة، حيث لا توجد منشآت عسكرية وإنما منازل سكنية.

وأشار هلال إلى أنه تم إبلاغ مينورسو، وقامت عناصرها بالتوجه إلى المكان، في انتظار تقريرهم ومشاركته مع مجلس الأمن. وفي الوقت نفسه لفت إلى التحقيق الذي أُجري من قبل الشرطة القضائية بهذا الخصوص، لتحديد التفاصيل العلمية لهذه الانفجارات، مؤكدا أنهم الآن في مرحلة جمع المعلومات. وأوضح أنه لم يتم توجيه أي اتهام حتى الآن، في انتظار نتائج التحقيق.

ومع ذلك أشار إلى وجود العديد من الدلائل، بما في ذلك البيان رقم 901 الذي أصدرته بوليساريو، ولفتت فيه إلى “قوات مغربية متمركزة في قطاعات المحبس، السمارة والفرسية”، مشددا على أن عدم تقديم جبهة بوليساريو نفيًا لهذا البيان يؤكد مسؤوليتها عن استهداف المدنيين.

وأوضح أن القانون الإنساني الدولي وقرارات مجلس الأمن يصنفان استهداف الأرواح المدنية أعمالا إرهابية وأعمال حرب تترتب عليها عواقب ومسؤوليات.

وفي إشارة ضمنية إلى تحميل المسؤولية للجزائر، أكد هلال أن المسؤولين يجب أن يتحملوا مسؤولياتهم القانونية والسياسية، بالإضافة إلى من يستضيفونهم ويزودونهم بالصواريخ والمدافع، حيث ستحدد التحقيقات التقنية مصدر المتفجرات.

العرب