الرباط – يقوم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الثلاثاء بزيارة إلى المغرب من أجل تعزيز شراكة استراتيجية إقليمية، ودفع الديناميكية الحالية لحل نزاع الصحراء المغربية، وذلك في سياق متوتر بسبب استمرار الأزمة مع الجزائر المجاورة، فضلا عن التوتر في الخليج.
ووصل بلينكن إلى الرباط مساء الاثنين بعد مشاركته في قمة تاريخية بإسرائيل مع وزراء خارجية الإمارات والمغرب والبحرين ومصر، في ما اعتبرته إسرائيل رسالة قوية ضد إيران.
وسيجتمع بلينكن مجددا مع نظيره المغربي ناصر بوريطة بالرباط إضافة إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش. كما سيلتقي ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الموجود في المغرب، في محاولة لتخفيف الخلافات مع حلفاء واشنطن التقليديين في الخليج بشأن أزمة النفط وإيران وأوكرانيا.
ويرتقب أن تتطرق مباحثاته مع المسؤولين المغاربة إلى قضايا أمنية ثنائية وإقليمية ومكافحة الإرهاب في منطقة الساحل وحقوق الإنسان، إضافة إلى التداعيات الاقتصادية للحرب في أوكرانيا، ومنها على وجه الخصوص تأثر واردات القمح، بحسب مسؤولين أميركيين.
ويتوقع أن يكون نزاع الصحراء المغربية في مقدّمة القضايا التي سيتم التطرق إليها، وهي القضية التي تتصدر أولويات السلطات المغربية.
واعتبر المؤرخ المغربي موساوي عجلاوي في تصريح لموقع “لو360” شبه الرسمي أن “القضية الوطنية سوف تهيمن مجددا على هذه الزيارة”.
ومنذ أواخر 2020 تعترف الولايات المتحدة، الحليف التقليدي للمغرب، بسيادته على هذه المنطقة الصحراوية الشاسعة، المتنازع عليها مع جبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر، وذلك بموجب اتفاق ثلاثي نص أيضا على استئناف المغرب علاقاته مع إسرائيل.
وجددت الخارجية الأميركية في بيان قبيل وصول بلينكن إلى الرباط، دعم المقترح المغربي لحل النزاع المتمثل في منح الإقليم حكما ذاتيا تحت سيادته.
ووصفت هذا المخطط بأنه “جاد وذو مصداقية وواقعي، وهو مقاربة محتملة لتلبية تطلعات شعب الصحراء المغربية”.
وأكدت الخارجية دعمها لمبعوث الأمم المتحدة للصحراء المغربية ستافان دي ميستورا، من أجل إعادة إطلاق “العملية السياسية للصحراء المغربية، تحت رعاية الأمم المتحدة”.
وفي مقابل مقترح الحكم الذاتي، تؤكد جبهة بوليساريو مطالبتها بإجراء استفتاء لتقرير المصير بإشراف الأمم المتحدة. بينما يدعو مجلس الأمن المغرب وجبهة بوليساريو والجزائر وموريتانيا إلى استئناف المفاوضات المتوقفة منذ 2019، “من دون شروط مسبقة” من أجل “حل سياسي عادل ودائم ومقبول”.
وتأتي زيارة بلينكن إلى المنطقة بينما تستمر الأزمة الدبلوماسية بين المغرب والجزائر، والتي بلغت حد إعلان الأخيرة قطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط، مقدمة جملة من المبررات والاتهامات التي نفاها المغرب.
وقررت الجزائر أيضا في نهاية أكتوبر عدم تجديد عقد استغلال خط أنابيب الغاز المغاربي – الأوروبي، الذي كانت تستخدمه لتصدير الغاز إلى إسبانيا عبر المغرب.
ويتوقع أن يطرح بلينكن في الجزائر، حيث يختم جولته الإقليمية الأربعاء، موضوع إعادة تشغيل هذا الأنبوب. وهو ما سيتيح تقليص ارتهان بلدان الاتحاد الأوروبي للغاز الروسي.
ولم يستبعد المحلل السياسي المغربي موساوي عجلاوي في حواره مع موقع “لو360” أن “المقاربة الأميركية ترى أن استقرار المنطقة يمر عبر التعاون بين المغرب والجزائر”. وتساءل “هل سينجح بلينكن في إقناع النظام الجزائري بهذا التوجه؟ ذلك ما سننتظره أيضا من زيارته إلى الجزائر”.
وستكون قضايا التعاون الأمني، خصوصا في منطقة الساحل، حاضرة هي الأخرى على جدول أعمال زيارة بلينكن إلى الجزائر، التي تعد حليفا تقليديا لروسيا، بالإضافة إلى ملف الأزمة الأوكرانية.
كما ستُطرح القضايا الأمنية الإقليمية أيضا ضمن مباحثاته مع ولي عهد أبوظبي، والذي يعد مقربا من العاهل المغربي الملك محمد السادس.
وسيكون الاجتماع مع ولي عهد أبوظبي الأهم خلال رحلة إقليمية لم تتضمن على غير العادة لوزير خارجية أميركي التوقف في دول الخليج أو محادثات مع مسؤولين سعوديين.
وحلفاء واشنطن العرب غاضبون مما يعتبرونه تراجعا عن التزام الولايات المتحدة بالأمن في المنطقة، في مواجهة التدخل الإيراني في اليمن والعراق وسوريا ولبنان.
وتصطف الإمارات والمغرب وإسرائيل في جبهة واحدة ضد إيران، معتبرة إياها مصدر تهديد، بينما تسعى الولايات المتحدة إلى إحياء المحادثات مع المسؤولين الإيرانيين حول الاتفاق النووي، وهو ما ترفضه إسرائيل.
وجددت الخارجية الأميركية في بيانها الاثنين إشادتها “بالقرار التاريخي” للرباط القاضي بـ”استئناف العلاقات مع إسرائيل”.
وحضر بلينكن هذا الأسبوع اجتماعا بين إسرائيل ودول عربية بما في ذلك الإمارات والمغرب، لكنه لم يلتق بأي مسؤولين سعوديين كبار.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تركز على التحدي الاستراتيجي المتمثل في تنامي النفوذ الصيني، وينصب اهتمامها الآن على أزمة أوكرانيا، فقد أكد الارتفاع الكبير لأسعار النفط استمرار أهمية منتجي النفط في الخليج.
وقال مسؤولون أميركيون إن من المتوقع أن يؤكد بلينكن أهمية الإمارات والسعودية في محادثاته مع الشيخ محمد بن زايد، ويبحث قضايا إيران واليمن وأسواق الطاقة العالمية وتقارب الإمارات مع سوريا.
العرب