على الرغم من أنّ كلّ استطلاعات الرأي وجميع التقديرات الرسمية والحزبية والشعبية تشير إلى تراجع واضح في نسبة المشاركة في الاقتراع في انتخابات مجالس المحافظات أو المجالس المحلّية، فإنّ جميع الأطراف السياسية مصمّمة على إجرائها في موعدها المحدّد نهار الإثنين المقبل 18 كانون الأول من دون الأخذ بهذه النسب التي لا تؤثّر على قانونيّتها بعيداً عن حجم تمثيلها.
تراهن القوى السياسية على إعادة تفعيل العمل في مجالس المحافظات التي تُعتبر حكومات محلّية وتلعب دوراً أساسياً في التنمية واستقطاب الاستثمارات وما يعنيه ذلك من استكمال المحاصصة وما فيها من عائدات سياسية واقتصادية وشعبية على هذه الأحزاب.
تأتي أهميّة هذه الانتخابات من كونها الأولى منذ نحو عشر سنوات منذ إجراء آخر انتخابات محلّية، وكونها تأتي بعد قرار حلّ هذه المجالس نتيجة تظاهرات عام 2019 المعروفة بحراك تشرين. وهو ما يجعلها مصيرية بالنسبة للقوى السياسية وسعيها إلى ترميم مواقعها وقواعدها وتقديم تجربة جديدة تأخذ بعين الاعتبار الحدّ من الفساد وتنفيذ بعض المشاريع الحيوية والأساسية التي تشكّل حاجة حقيقية في محافظات العراق المنكوبة من الناحيتين الإنمائية والخدماتية.
كما تُشكّل فرصة مهمّة للقوى السياسية كاختبار حقيقي قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة، وبالتالي يستطيع كلّ حزب معرفة حجم قواعده الشعبية وقدرته التمثيلية، وما يعنيه ذلك من فرصة من أجل تحسين الأداء وإعادة بناء الثقة مع الناس.
تأتي أهميّة هذه الانتخابات من كونها الأولى منذ نحو عشر سنوات منذ إجراء آخر انتخابات محلّية، وكونها تأتي بعد قرار حلّ هذه المجالس نتيجة تظاهرات عام 2019 المعروفة بحراك تشرين
المتمسّكون بالانتخابات
يُعتبر “الإطار التنسيقي”، بكلّ أحزابه وفصائله وميليشياته، من أكثر الأطراف المتمسّكة بإجراء هذه الانتخابات، وقد أُضيف إليهم بشكل أكثر إلحاحاً حزب “تقدّم” بقيادة محمد الحلبوسي، الذي يسعى إلى تكريس زعامته في المحافظات الغربية وفرض نفسه شريكاً لا يمكن إخراجه من المعادلة السياسية حتى بعد قرار المحكمة الاتحادية العليا إلغاء عضويّته البرلمانية.
ضمنت هذه الأحزاب والقوى من مختلف المكوّنات السيطرة والهيمنة على المجالس المحلّية وحكوماتها من خلال التعديل الذي قامت به على قانون الانتخابات واعتماد النسبة على قاعدة عتبة 1.7 أو قانون سانت ليغو، الذي يعطي الأحزاب والتحالفات الكبيرة القدرة على السيطرة والاستحواذ على أكبر عدد من المقاعد.
غياب لتيّار الصدر
يغيب التيار الصدريّ بقيادة مقتدى الصدر بقرار ذاتي عن الانتخابات نتيجة مسار سياسي في اعتزال الحياة السياسية بدأ بقرار استقالة 73 من نوابه من البرلمان وإعلان مقاطعة الانتخابات المحلّية ومنع مؤيّديه من المشاركة فيها ترشُّحاً واقتراعاً.
كما أنّ التيار المدني، أو ما يُعرف بالتشكيلات المنبثقة عن حراك تشرين ومعها الأحزاب الصغيرة، يُعتبر الغائب الأكبر عن هذه الانتخابات على الرغم من مشاركته، بسبب عجزه عن إنتاج قيادة مقنعة وبناء قاعدة شعبية واسعة منافسة لقواعد الأحزاب المهيمنة تسمح له بتحقيق خرق أو الحصول على مقاعد وازنة في مختلف المحافظات.
الأحزاب الكبرى من المكوّنين الشيعي والسنّي ستخوض الانتخابات في المحافظات التي تُعتبر ذات طبيعة واحدة من المكوّن بقوائم منفصلة، في حين ذهبت إلى تشكيل قوائم مشتركة في المحافظات المختلطة، كما فعل “الإطار التنسيقي” الشيعي في نينوى على سبيل المثال، و”تحالف القيادة” السنّي (محمد الحلبوسي وخميس الخنجر) في البصرة.
تذهب التقديرات واستطلاعات الرأي التي جرت إلى أنّ حظوظ ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي والتحالف الذي شكّله والمؤلّف من الدعوة الإسلامية وحزب البشائر برئاسة صهره ياسر صخيل المالكي وتحالف النهج الوطني ودعاة الإسلام وحزب الدعوة – تنظيم العراق الذي كان ينتمي إليه رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني قبل الاستقالة منه، وحزب الوارثون وحركة الصقور وحزب العمال وتيار الأعيان وحركة الأطياف وحركة بداية وحركة لأجل المثنّى وحركة الضياء الوطنية، ستكون كبيرة في تصدّر الفائزين بين قوى وفصائل “الإطار التنسيقي” وداخل المكوّن الشيعي، ومن المتوقّع أن يحصد مقاعد محافظتَي كربلاء والحلّة، بالإضافة إلى سيطرته على مجلس محافظة العاصمة بغداد.
تتوقّع هذه التقديرات أن يأتي في المرتبة الثانية “تحالف نبني” داخل المكوّن الشيعي، الذي يضمّ أحزاباً وتشكيلات وفصائل مثل الصفوة وإرادة وحقوق، الاسم السياسي لكتائب حزب الله، وصادقون، الاسم السياسي لعصائب أهل الحق، والصدق والعطاء والمنتج الوطني والولائي وتنظيم بدر بقيادة هادي العامري، والعقد الوطني – نينوى، واقتدار وطن وحركة الجهاد والبناء وتحالف خدمات.
إقرأ أيضاً: إقصاء الحلبوسي أم السُّنّة.. إبحث عن المالكي
يأتي بعد هذين التحالفين تحالف قوى الدولة بقيادة عمّار الحكيم وتيار الحكمة وائتلاف النصر بقيادة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي وتيار الكلمة وحركة إنجاز وأرام وحركة شباب التغيير وتجمّع الأمل.
تتوقّع هذه التحالفات الفوز بغالبية المقاعد الشيعية في المحافظات التي تشارك فيها، حيث يتوقّع ائتلاف دولة القانون الفوز بنسبة 40 في المئة من أصوات الشيعة، وتذهب نسبة 35 لـ”تحالف نبني” الذي يضمّ عدداً من الفصائل، بينما قد يحصل تحالف قوى الدولة على نسبة 20 في المئة، وتذهب نسبة 5 في المئة إلى القوى الشيعية الأخرى من خارج هذه التحالفات.