فيما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، الجمعة، نقلا عن مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين، أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تستعد لإرسال قنابل وغيرها من الأسلحة إلى إسرائيل بنحو “عشرات الملايين من الدولارات” لتعزيز ترسانتها العسكرية، على الرغم من زعمها “أن الولايات المتحدة تسعى من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة”.. زعمت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية من جهتها أن العملية الإسرائيلية المكثفة في رفح، قد تكون ضربة حاسمة للعلاقة المتدهورة بين إسرائيل وإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي بدأ صبره ينف] من إصرار رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على مواصلة عملياته العسكرية في غزة.
هل هناك ما يسند هذا الكلام أم أنه “أسمع كلامك لا أصدقك أشوف أفعالك لا أستغرب”، وفي هذا السياق نشرت مجلة “ذي نيشن” الأمريكية، قبل أيام، مقالا لجاك ميركنسون علق فيه على التقارير الإخبارية التي تحدثت عن غضب الرئيس الأمريكي جو بايدن من بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي. وأكد الكاتب أنه “لا يوجد خلاف بين بايدن ونتنياهو..انظروا لأفعال الإدارة الأمريكية لا أقوالها”.
وبحسب “فايننشال تايمز” فإن بايدن يدرس التكلفة السياسية التي قد تترتب على الحفاظ على الوضع الراهن مع إسرائيل، بينما يتجه إلى معركة صعبة لإعادة انتخابه هذا الخريف، ربما ضد منافسه دونالد ترامب.
بايدن يدرس التكلفة السياسية التي قد تترتب على الحفاظ على الوضع الراهن مع إسرائيل، بينما يتجه إلى معركة صعبة لإعادة انتخابه هذا الخريف، ربما ضد منافسه دونالد ترامب.
وذكرت أنه بعد أيام فقط من وصف بايدن سلوك الرد الإسرائيلي على هجمات “حماس” في 7 أكتوبر/تشرين الأول بأنه “فوق القمة” (مبالغ فيه)، قدم الرئيس الأمريكي طلبا محددا وفوريا الإثنين، وقال إن العملية العسكرية المخطط لها في رفح “لا ينبغي أن تستمر”، دون “خطة ذات مصداقية، وذلك “لضمان عدم تعرض الأشخاص هناك للأذى”.
وأضاف الرئيس أنهم “مكشوفون وضعفاء وبحاجة إلى الحماية”.
ولجأ إلى رفح المدينة الواقعة على طول الحدود مع مصر نحو 1.5 مليون شخص (أكثر من نصف سكان غزة)، بحثاً عن ملاذ آمن، بعد أن أجبروا على ترك منازلهم، جراء العملية العسكرية في القطاع، والمستمرة منذ 134 يوما.
ولم يذكر بايدن تفاصيل العواقب، ولم يدن الهجوم المحتمل على رفح بعبارات صارخة، مثل حلفاء الولايات المتحدة مثل أستراليا وكندا ونيوزيلندا، الذين أصدر قادتهم بيانا مشتركا هذا الأسبوع حذروا فيه من أن العملية ستكون “كارثية”.
لكنه أوضح الجمعة أن “توقعه” هو أن الإسرائيليين لن يقوموا بأي “غزو بري واسع النطاق”، بينما كانت المفاوضات بشأن وقف مؤقت لإطلاق النار للسماح بالإفراج عن الأسرى الذين تحتجزهم “حماس” مستمرة.
ووفق الصحيفة تشير هذه التصريحات الفظة إلى مصير رفح كنقطة تحول محتملة في العلاقة بين واشنطن والقدس، والصراع في الشرق الأوسط.
وبرأيها فقد وقف المسؤولون الأمريكيون، بما في ذلك بايدن، باستمرار إلى جانب إسرائيل منذ بدء صراعها ضد “حماس”، لكن تسامحهم يؤدي بسرعة إلى تآكل نهج نتنياهو تجاهها، والأزمة الإنسانية المتفاقمة.
أشارت إلى أن وزارة الصحة في غزة، قالت إن الغارات الإسرائيلية خلفت أكثر من 28 ألف شهيد، ونحو 70 ألف جريح، كما دمرت حوالي 80% من المنازل والمباني في شمال غزة. وأن وكالات الأمم المتحدة تحذر من أن ربع سكان القطاع على الأقل معرضون لخطر المجاعة.
ولفتت إلى أن الولايات المتحدة ضغطت في الأسابيع الأخيرة على إسرائيل للسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة، والعمل مع السلطة الفلسطينية لصياغة خطة ما بعد الحرب، ومعالجة الاضطرابات المتفاقمة في الضفة الغربية، ولكن دون نجاح.
وكتبت الصحيفة: “كانت واشنطن تأمل وتتوقع أيضاً أن تكون إسرائيل قد حولت عملياتها الآن إلى استراتيجية أقل كثافة لمكافحة الإرهاب، ولكن فيما يتعلق برفح يبدو أنها تخطط لعكس ذلك تماماً”.
وأشارت إلى أن نتنياهو تعهد الأربعاء بـ”تحرك قوي” في المدينة لتحقيق “النصر الكامل” في غزة، وقال إنه سيتم السماح للمدنيين بالمغادرة، ولكن مع إغلاق الحدود المصرية، لم يعد هناك مكان آخر يمكنهم الفرار إليه.
وزعمت الصحيفة أنه إذا تجاهلت إسرائيل تحذير بايدن وواصلت هجوماً برياً شديد الوطأة في المدينة غير آبهة بحياة المدنيين، فإن ذلك سيضر بالجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى والمحاولات الدبلوماسية للتوسط في تسوية أوسع للصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي طال أمده، وفق “فايننشال تايمز”.
لكنه قد يؤدي أيضًا إلى وصول العلاقة المتوترة بين بايدن ونتنياهو إلى نقطة الانهيار، ويهدد برد فعل عنيف أوسع من الديمقراطيين في “الكابيتول هيل”، حيث يأمل الرئيس الأمريكي في تعزيز دعم الحزب قبل محاولته إعادة انتخابه في نوفمبر/تشرين الثاني.
والأسوأ من ذلك، حسب الصحيفة، أن تحدي إسرائيل المستمر، وإحجام الولايات المتحدة عن الاستفادة من نفوذها الذي لا مثيل له على البلاد، يغذي الشكوك حول مدى النفوذ الحقيقي الذي تتمتع به الولايات المتحدة في المنطقة التي سعت إلى السيطرة عليها لعقود من الزمن، كما يزيد من تشويه مكانتها وصورتها في العالمين العربي والإسلامي.
تحدي إسرائيل المستمر، وإحجام واشنطن عن الاستفادة من نفوذها الذي لا مثيل له على البلاد، يغذي الشكوك حول نفوذها الحقيقي، ويزيد من تشويه مكانتها وصورتها في العالمين العربي والإسلامي.
ونقلت عن أستاذ الشؤون الدولية والشرق الأوسط بجامعة جونز هوبكنز فالي نصر، قوله إن “التصور هو أن الولايات المتحدة لا تستطيع ولن تمارس ضغطًا كافيًا على إسرائيل لتحقيق مرادها، ويمكن لإسرائيل بسهولة أن تقاوم أهم قوة عظمى في العالم والمتبرع الرئيسي لها”.
وأضاف: “تبدو الولايات المتحدة ضعيفة أمام العالم، وخاصة في الشرق الأوسط”.
وأشارت إلى أن عضو الكونغرس الديمقراطي من كولورادو جيسون كرو، لفت إلى تصاعد القلق في بعض أنحاء واشنطن من احتمال انتقال الهجوم الإسرائيلي إلى رفح.
وتابع: “لقد أذهلني بصراحة هذا النهج.. لا أعرف ما الذي يحاولون تحقيقه”.
وزاد: “إذا لم تحمي المدنيين، وإذا لم تكن أكثر دقة في عملياتك العسكرية، فإن ذلك يخلق مشاكل أكثر، وما نراه هنا الآن هو رد فعل سلبي هائل ضد إسرائيل، وهو ما لا يجعلها أكثر أمانا”.
ويقول كرو، وهو عضو في لجنتي الشؤون الخارجية والاستخبارات بمجلس النواب، إن بايدن بحاجة إلى أن يكون أكثر حزما مع نتنياهو.
وأضاف: “لقد حان الوقت لنكون واضحين للغاية، بأن الولايات المتحدة لن تدعم هجوماً برياً في رفح، وسيؤدي ذلك إلى عرقلة فرص السلام، وسوف يعرقل فرصنا في تأمين صفقة الرهائن.. سيكون الأمر صعبًا للغاية بالنسبة للأمن القومي الأمريكي في المنطقة”.
وذكر الصحيفة: لقد استخدم أعضاء آخرون في حزب بايدن مصطلحات أقوى، حيث قال السيناتور عن ولاية ماريلاند كريس فان هولين، في خطاب ألقاه في قاعة مجلس الشيوخ الإثنين، إن “الحجب المتقن” للمساعدات المقدمة لغزة من قبل إسرائيل هو “جريمة حرب نموذجية.. والسؤال الآن هو: ماذا ستفعل الولايات المتحدة؟ ماذا سنفعل؟ ماذا سيفعل بايدن؟”.
وأضاف: “الجواب في الكابيتول هيل، حيث يظل الدعم لإسرائيل يشكل حجر الأساس الذي لا يتزعزع للسياسة الخارجية الأمريكية”.
وصوت حوالي 70 من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي من أصل 100 لصالح مشروع قانون تمويل الأمن القومي الذي قدمه بايدن بقيمة 95 مليار دولار هذا الأسبوع، والذي تضمن أموالاً لإسرائيل وكذلك أوكرانيا وتايوان.
ووفق الصحيفة فمن غير الواضح، ما إذا كان التشريع سيوافق على مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون، ولكن عدم اليقين هذا يرجع في الأساس إلى ردة الفعل العنيفة ضد المساعدات لأوكرانيا، وليس المساعدات لإسرائيل، وتعنتهم بشأن سياسات الهجرة على الحدود مع المكسيك.
واتخذ البيت الأبيض بعض الخطوات التي من شأنها إحباط إسرائيل.
إدارة بايدن لم تكن مستعدة للذهاب إلى أبعد من ذلك، ولم تهدد بحجب المساعدات العسكرية، وتواصل الضغط على الكونغرس للموافقة على مساعدات تزيد عن 14 مليار دولار لإسرائيل.
وفي الأول من فبراير/شباط، اتخذت خطوة نادرة بفرض عقوبات مالية على 4 مستوطنين إسرائيليين بسبب أعمال العنف المتطرفة في الضفة الغربية المحتلة.
وصدرت الأسبوع الماضي مذكرة للأمن القومي تربط استخدام أي مساعدات عسكرية أمريكية بما يتوافق مع القانون الإنساني الدولي، في تلميح إلى تطبيق أكثر صرامة للقوانين الأمريكية التي قد تفرض شروطا على مبيعات الأسلحة لإسرائيل.
لكن إدارة بايدن، حسب الصحيفة، لم تكن مستعدة للذهاب إلى أبعد من ذلك، ولم تهدد بحجب المساعدات العسكرية، وتواصل الضغط على الكونغرس للموافقة على مساعدات تزيد عن 14 مليار دولار لإسرائيل.
كما أنها لم تتحرك للاعتراف رسميًا بالدولة الفلسطينية، الأمر الذي من شأنه أن يعزز التزام الولايات المتحدة بحل الدولتين، ولكن إسرائيل تعارضه.
وأكدت “فاينانشل تايمز” أنه خلف الكواليس، يقول المحللون إن بايدن أوضح لنتنياهو أنه سيحتاج في النهاية إلى اتخاذ خيارات صعبة لإنهاء الصراع والتحرك نحو تسوية طويلة الأمد مع الفلسطينيين.
ونقلت مفاوض السلام السابق في الشرق الأوسط الذي خدم في عهد ثلاثة رؤساء وهو مستشار في معهد واشنطن، دينيس روس، قوله: “يميل بايدن إلى أن يكون مباشراً إلى حد ما، خاصة في المناسبات الخاصة، لذلك لا أعتقد أنه يترك الكثير للخيال”.
وأشارت الصحيفة إلى أن بايدن وروس يعرفان بعضهما البعض منذ 40 عاما لكن نادرا ما يلتقيان وجها لوجه.