الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران… بين حالتي المد والجزر

الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران… بين حالتي المد والجزر

اياد العناز

أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقرير سرّي أرسلته إلى الدول الأعضاء أن إيران أسرعت بتركيب مجموعتين حديثتين من أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم في موقع فوردو، وأنها بدأت العمل على المزيد بينما تخطط لتركيب مجموعات أخرى في محطتها تحت الأرض في نطنز، وأنها أبلغت الوكالة بأنها ستركب ثماني مجموعات يحوي كل منها 174 جهاز طرد مركزي متقدم خلال الأسابيع القادمة في الوحدة الأولى من محطة فوردو لتخصيب الوقود، وأن من شأن مئات من أجهزة الطرد المركزي الجديدة أن تضاعف قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم ثلاث مرات في المنشأة النووية المدفونة بعمق تحت الأرض، وكانت إيران قد أعلنت في 2002 عن وجود موقعين نوويين لها في منشأة لتخصيب اليورانيوم في نطنز ومنشأة لإنتاج الماء الثقيل في آراك، وكذلك عن وجود برنامج مدني وآخر عسكري سري، وعملت في السنوات اللاحقة على امتلاك التقنيات اللازمة وبذلت جهودًا لتطويرها وأصبح لديها مخزون متراكم من اليورانيوم عالي التخصيب بما يكفي لإنتاج أسلحة نووية.
ومع التطورات الميدانية بين إيران وإسرائيل على أثر قصف الأخيرة للقنصلية الإيرانية في سوريا هدد المسؤولون في النظام الإيراني بتحويل برنامجهم النووي إلى برنامج عسكري في محاولة منهم لإظهار سياسة المواجهة الردع والقوة المقابلة.
واستمرت سلسلة المواجهة بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية والنظام الإيراني بعد العديد من المحاولات لثني طهران عن عدم استجابتها لشروط مفتشي الوكالة باستمرار عملهم عبر الزيارات المفاجئة أو استخدام نظام المراقبة عبر الكاميرات التابعة لها والتي تم وضعها في العديد من المحطات النووية ومنها محطة نطنز وفوردو ، حتى أعلنت الوكالة في الثاني من تموز 2024 عن تقرير ذكرت فيه قيام إيران بتركيب اربعًا من ثماني مجموعات متطورة تستخدم في تخصيب اليورانيوم والتي اعترفت فيها إيران انها ستعمل على اضافتها بسرعة في محطة فوردو وستنتظر الإجراءات اللاحقة لتشغيلها.
وتم احاطة دول الأعضاء في الوكالة من الأوربين بالتطور الذي حدث في عدد هذه المجموعات التقنية والتي زادت عن الحد المسموح به وخلافًا لاتفاقية العمل الشاملة المشتركة عام 2015،
وأن القرار الإيراني بتركيب أجهزة الطرد المركزي ( آي-آر-6) يأتي ردًا على القرار الذي أصدره مجلس محافظي الوكالة المكون من 35 دولة ضد إيران في الخامس من حزيران 2024 والذي دعى فيه إيران لتعزيز التعاون مع الوكالة والغاء الحظر الذي فرضته في الفترة الماضية على دخول المفتشين، وتعمل طهران حاليًا على استخدام مجموعتين من أجهزة الطرد المركزي ( آر – آر-6) في محطة فوردو لتخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 60٪ بدلًا من 20٪ وهو ما اتفق عليه سابقًا مع لمفتشي الوكالة.
ومحاولة من إيران إظهار مديات قدرتها ومواجهته الضغوط السياسية والعقوبات الاقتصادية فإنها تعلمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية انها ستعمل على تشغيل العشرات من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة في أكبر موقع التخصيب لديها في محطة نطنز تحت الأرض.
هذه التحولات في العلاقة بين إيران والوكالة الدولية كانت ضمن الإجراءات الإيرانية لمعالجة القرارات التي أصدرها لمفتشي الوكالة عبر التقارير الفصلية والمواقف الشهرية ضمن الاجتماعات التي تتداول حالة التطور العلمي والتقني للبرنامج النووي الإيراني ومواجهته عبر العقوبات الأميركية والغربية التي اخذت مجالات عديدة وأساليب مختلفة رغم التحذيرات التي تقوم بها الوكالة ولكن المسؤولين الايرانيين دائما ما يذهبون لحالة التصعيد عندما يرون أن ذلك يحقق لهم مكاسب ومنافعه عديدة عند حدوث أي أزمات أو متغيرات سياسية في المنطقة العربية، أو رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في استمرار جلسات الحوار والمفاوضات مع إيران عبر الوساطة العربية في العاصمة العربية ( مسقط) والعمل على إنتاج اتفاقية جديدة للبرنامج النووي الإيراني تخدم جميع الأطراف.

 

وحدة الدراسات الإيرانية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجة