ملاحظتان حول قرار وقف إطلاق النار

ملاحظتان حول قرار وقف إطلاق النار

بدون الدخول في الأسباب التي قادت الشرق الأوسط إلى يوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر عام 2023م،  ولا الدخول في تفاصيل حرب لاتزال مستمرة لأكثر من عام على غزة، ودخول حزب الله الحرب في اليوم التالي في وصفه ” جبهة الإسناد”، وبعد الضربات القاسية التي تعرض لها الحزب من كاغتيال حسن نصر الله، وصفي الدين هاشم ، ومقتل العديد من قيادات الصف الأول في الحزب، وتدمير الضاحية الجنوبية التي تعد المقر الرئيسي له، ناهيك عن الدمار الذي لحق بمؤسسات الحزب في أماكن مختلفة لبنان ونزوح عدد كبير من لبنانيين عن بيوتهم بعد تدميرها أو طلب إسرائيل منهم مغادرة تلك الأماكن.

بعد كل ذلك، وعبر الوسيط الأمريكي توصلت إسرائيل وحزب الله إلى وقف إطلاق النار التي تشير مضامينه إلى هزيمة لحقت به  ويكفي هنا  أن نشير  إلى إحدى مضاميننه التي تؤكد هزيمته.

كان حزب الله على الدوام يربط وقف عملياته العسكرية في شمالي إسرائيل إذا أوقفت الأخيرة حربها على غزة، حتى أن الأمين العام السابق لحزب الله في خطابه الأخير تحدى قيادة إسرائيل من رئيس وزرائها مرورا بوزير دفاعها وصولا إلى رئيس هيئة أركانها في عودة المستوطنين إلى مستوطناتهم قبل وقف إطلاق النار في غزة، لكن  ما الذي حدث؟ اغتالت إسرائيل ” الأمين المتحدي” وقبل حزبه من بعده في التخلي عن جبهة الاسناد لاتمام صفقة وقف إطلاق النار، وبذلك كسب نتنياهو التحدي.

بعد هذا أكثر من عام على الحرب على غزة وبعد وقف اطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، يمكن رصد لنا أن نرصد ملاحظتين حول مجريات تلك الحرب ؟

أولًا: التحدي والفرصة: مما لاشك فيه أن يوم السابع من أكتوبر عام 2023م، شكّل صدمة نفسية وعسكرية وسياسية  وأمنية لقادة إسرائيل والمجتمع الإسرائيلي على حد سواء، حيث لم تتعرض منذ نشأتها في عام 15 أيار/ مايو 1948م، وفي حروبها التي خاضتها ضد الجيوش العربي لهذا النوع من الصدمات.

لكن بعد أن استوعبت إسرائيل الصدمة التي شكلت لها تحدي حقيقي، تمكنت  إسرائيل مع مرور الوقت من تحويل التحدي إلى فرصة استراتيجية قد لا تتكرر في غضون سنوات قليلة. حيث شنت حربًا قاسية ليس للقضاء  فقط على حركة حماس في قطاع غزة فقط وإنما على المجتمع الإنساني والأعيان المدنية فيها. ولم تكتفي أيضا في اغتيال قياداتها السياسية والعسكرية في غزة ، بل امتدت آلة الاغتيال إلى  خارجها، حيث اغتالت صالح العاروي نائب رئيس الحركة في 2 كانون الأول/ يناير عام 2024م، في الضاحية الجنوبية في العاصمة لبنانية بيروت، واغتالت إسماعيل هنية رئيس حركة حماس في 31 تموز/ يوليو من العام الحالي في العاصمة الإيرانية طهران. أما لبنانيًا فقد اغتالت العديد من القيادات السياسية والعسكرية في الحزب وفي مقدمتهم حسن نصرالله وفؤاد شكر والعديد من قيادات الصف الأول السياسي والأمني والعسكري .

ثانيًا: محور المقاومة: كثيرا ما تغنى أنصار هذه المحور بمحورهم والتمجيد به، وأنهم في مركب واحد في مواجهة إسرائيل فيما اطلقت عليه ” وحدة الساحات” . لكن السابع من أكتوبر أثبت عكس ذلك، فعلى الرغم من جبهة الإسناد اللبنانية فقد كانت متواضعة قياسا بما تقترفه إسرائيل في غزة، كما أن إيران لم تقدم على استهداف إسرائيل إلا بعد ما قامت الأخيرة في الاعتداء على قنصليتها في سوريا، ومقتل بعض ضباطها من الحرس الثوري فيها، حتى هجمات الحوثي والفصائل العراقية على إسرائيل ليست هجمات من التي من شأنها أن تغير مجرى الحرب، أما بخصوص فيلسوف المقاومة والممانعة الذي يقطن القصر الجمهوري في دمشق ربما وأقول ربما لا علم لديه بأن أمرًا قد حدث في السابع من أكتوبر عام 2023م! هذا الفيسلوف دوره في المحور ينحصر في تلقي الضربات تباعا من إسرائيل دون أن تمثل تلك الضربات أي انتهاك لسيادته الوطنية!.

أثبت أحداث السابع من أكتوبر أن محور المقاومة لم يكن كذلك، وأن وحدة الساحات، وصف مبالغ فيه، وأنها مجرد شعارات إعلامية أثبتت الوقائع المصيرية زيفها. ولا أبالغ ومتأسفًا على قول ذلك، أن الشرق الأوسط سيكون في قبضة إسرائيل.