معمر فيصل خولي
ليست بحاجة صانع القرار السياسي في تركيا إلى الاشتباكات الجارية بين القوات السورية و ” قسد” ليدرك بأن اتفاق العاشر من آذار لم يكتب له النجاح وربما لم تفاجأه تلك الاشتباكات نظرًا لخبرته التاريخية في التعامل مع حزب العمال الكردستاني.
تركيا من جهتها لن تقبل في استنساخ تجربة إقليم كردستان العراق في شمال شرق سوريا، وقد يتساءل البعض بأن تركيا قبلت الأول وها هي الآن ترفض الثاني بشدة.
نقول أن إقليم كردستان العراق كان برعاية وحماية أمريكية الهدف منه اضعاف حكم نظام صدام حسين، والذي ساعد على نجاح تلك التجربة بأن السواد الأعظم من إقليم كردستان العراق من أبناء القومية الكردية، أضف إلى ذلك أن تركيا في ذلك الوقت لم تكن تجمعها علاقات طيبه مع الرئيس صدام حسين من اجل افساد تلك التجربة، كما أن تركيا لم ترغب في الصدام مع التوجهات الأمريكية – في حينه- في العراق خاصة بعد حرب تحرير الكويت وتفكك الاتحاد السوفييتي وهيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على القرار الدولي.
لذلك راقبت تركيا تلك التجربة عن كثب كي لا تأخذ أبعاد أكثر من الحكم الذاتي وأن يستمر جزء أصيل من الدولة العراقية، وما أدل على صحة هذه الرؤية، وقوفها ضد الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان الذي جرى في أيلول/ سبتمبر عام 2017م. على الرغم من العلاقات الطيبة التي كانت- ولاتزال – تجمع بين القيادة التركية والكردية وخاصة في جناحها البارزاني.
أما في الحالة السورية فإن انشاء حكم ذاتي في شمالي شرق سوريا يكاد يكون الأمر في غاية الصعوبة في سوريا الجديده. ذلك لأن الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا يسعيان إلى إنجاح تجربة الحكم الجديد ضمن إطار الدولة الموحدة” المركزية”. وقطع الطريق على إيران للعودة إلى سوريا عبر بوابة أكراد سوريا. هذا جانب، أما الجانب الآخر، أن الحكم الجديد في سوريا هو حليف لتركيا الأمر الذي سيضيق الخناق أو يقضي على أي حكم ذاتي في شمال شرق سوريا، وإضافة إلى ما تقدم أن العامل الديموغرافي في شمال شرق سوريا يختلف تمامًا عن إقليم كردستان العراق، فالأكراد في شمال شرق سوريا لا يشكلون أكثر من 10 % لذلك فإن نجاح تجربة الحكم في شمالي العراق ليس بالضرورة نجاحها في شمال شرق سوريا، فلكل تجربة سياقها الوطني والإقليمي والدولي الخاص.
