“خاتم الأنبياء”، ليس هذا اسم جمعية دينية أو خيرية، بل هو اسم مجموعة شركات هائلة في النظام الاقتصادي في إيران. المؤسسات الدينية هناك تسيطر على حوالي 80 بالمائة من الاقتصاد الإيراني.
كل مسافر نزل في مطار طهران الدولي هو بمثابة زبون لحرس الثورة الإيرانية، أحب ذلك أم كره. فهذه القوات الخاصة للجمهورية الإسلامية هي التي تدير “مطار الإمام الخميني الدولي” في العاصمة الإيرانية وهي التي تستفيد من الرسوم العالية عند هبوط الطائرات وإقلاعها. وفي مطارات وموانئ أخرى فإن قوات الحرس الجمهوري هي التي تراقب الحدود الإيرانية وهي التي تسمح بدخول سلع إلى البلاد أو منعها. كما تعمل هذه القوات على هامش قوانين الضرائب، حيث ليس هناك من يحاسبها عن تلك السلع أـو عن قيمة المتاجرة بها أو عما يجنى عند بيعها من أرباح في السوق السوداء.
تتشكل “قوات حرس الثورة الإسلامية” من قوات برية وبحرية وجوية، كما لها السيطرة على كل الأسلحة الاستراتيجية لإيران. ويقدر عدد أفرادها بـ 120 ألفاً. وقوات الحرس الثوري هي عبارة عن مؤسسات اقتصادية هائلة، حيث تقوم ببناء مصحات لعلاج العيون وتعمل في قطاعات السيارات والطرق السريعة والسكك حديدية وفي بناء مترو الأنفاق والسدود. كما تتشابك أنشطتها مع اقتصاد النفظ والغاز واستخراج المعادن.
ويصعب فهم التشابكات بين تلك الأنشطة، وقليلا ما يتحدث الإعلام الغربي عن ذلك، كما جاء ذلك في مؤسسة “بي بي سي” عام 2009 ، حيث كان الحديث عن صفقة للحرس الثوري بقيمة 8 مليارات دولار أمريكي للقيام بربط ميناء شابهار بخط السكك الحديدية الإيرانية. فمن ميناء خليج عمان البحري إلى الحدود الباكستانية تبعد أفغانستان الغنية بالخامات بمسافة أقل من 100 كيلومتر.
العنصر المؤثر في هذا المشروع الاستراتيجي على صعيد البنية التحتية كما في العديد من الاستثمارات بالمليارات هي مؤسسة “خاتم الأنبياء”. ولا توجد خلف مثل هذه الأسماء الدينية مؤسسات خيرية بل مجموعات شركات تكنلوجية تابعة للحرس الثوري. وقد تمكنت من تقوية نفوذها بشكل قوي خصوصا بعد تأسيسها نهاية 1980 في عملية إعادة بناء البلد بعد الحرب بين أيران والعراق.
ويقول الخبير في قضايا إيران بهمان نيروماند في حديث مع DW إن شركات تلك القوات تسيطر على ثلث الاقتصاد الوطني على الأقل. وحسب تقديرات البنك العالمي، فإن مستوى القوة الاقتصادية الإيرانية بلغ عام 2014 أكثر من 425 مليار دولار، ويعني ذلك أن حجم معاملات تلك القوات كان بمستوى 140 مليار دولار.
رجال أعمال بألبسة دينية
لا يسيطر الحرس الثوري وحده على الاقتصاد الإيراني، بل إن هناك أيضا الجمعيات الخيرية التي يديرها رجال دين بشكل مباشر. وتعتبر وزارة الخارجية الألمانية أن نخب قوات “الدولة الدينية” تسيطر على 80 بالمائة من الاقتصاد الإيراني.
وليس هناك من يعرف الحجم الكامل للأنشطة التجارية التي تقوم بها تلك المجموعات، حيث ليس هناك من مؤسسة تقوم بمهمة المراقبة. فعندما اختفت المليارات في عهد الرئيس أحمدي نجاد تساءل الإيرانيون عن اختفائها، لكن لم يتضح مسارها، كما يتذكر بهمان نيروماند الذي يعيش في برلين، ملاحظا أن أولئك الحكام كانوا فقط نشالين “بالمقارنة مع الذين يحكمون إيران حاليا”.
وهناك مؤسسة دينية أخرى تحت اسم “ستاد” والتي تم تأسيسها بعد وفاة آية الله الخميني عام 1989 “مركز لتطبيق أوامر الإمام” بـ 90 مليار حسب وكالة الانباء “رويتر”. وكانت أساسا عبارة عن مؤسسة لتنظيم شؤون العقارات التي كان يملكها المهاجرون وأنصار الشاه بهدف مساعدة الفقراء والمساكين. ومنذ ذلك الحين أصبحت “ستاد” من أكبر المؤسسات المؤثرة وهي تابعة مباشرة ” للزعيم الأعلى” في إيران.
من المستفيد من قرار رفع العقوبات
منذ عام 1989 يشرف آية الله خامنئي على “إمبراطورية ستاد” والتي تنشط في صناعات النفط والاتصالات أو في قطاع حبوب منع الحمل وتربية النعام. وتوجد أجزاء من أنشطتها ضمن اللائحة الأخيرة للعقوبات الأمريكية ضد إيران، حيث كانت الإدارة الأمريكية تود بذلك ضرب المصالح الاقتصادية للقيادة الإيرانية مباشرة. وكما قال وزير المالية الأمريكي فإن “ستاد” ليست عبار عن مؤسسة عادية بل إنها “شبكة هائلة تشمل شركات مموهة وتعمل على جمع ممتلكات بتكليف من القيادة الإيرانية”.
بعد رفع العقوبات الغربية ستستفيد بالخصوص تلك المؤسسات الغنية بالمليارات والتي تديرها نخب الدولة الدينية في إيران. ويعبر باهمان نيروماند عن أمله في أن يستفيد الشعب أيضا منها ولو قليلا، ملاحظا: “الشعب العادي أيضا سيستفيد بعض الشيء من رفع العقوبات، حيث ستنتعش التجارة بشكل أفضل وسيساهم ذلك في استفادة التجار وأصحاب المحلات في إيران وكل الذين يقدمون خدمات من نهاية تلك العقوبات”.
نقلا عن دوتشه موقع ويليه الالماني