اتفقت مجموعة العشرين في ختام قمة شنغهاي على اعتماد سياسات تحفيز نقدي وضريبي لدعم الاقتصاد العالمي المتباطئ، بينما يبدو الانتعاش العالمي “غير متساو وأقل من التوقعات”.
وحذر وزراء مالية الدول الأكثر ثراء في العالم في بيانهم الختامي من المخاطر التي يواجهها النمو “والصدمة التي يمكن أن يحدثها خروج محتمل لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي”.
وشددت المجموعة على ضرورة استخدام كل الوسائل المتاحة من سياسات نقدية وتحفيز ضريبي وإصلاحات هيكلية على صعيد “فردي وجماعي” في الوقت نفسه.
كما طالبت البنوك المركزية بمواصلة نشاطها وضمان استقرار الأسعار وبتعزيز سياساتها النقدية الراهنة “التي تعتبر متساهلة أصلا”.
واجتماع المجموعة هو تجمع دولي لتوجيه مسارات الاقتصاد العالمي، إذ تمثل دوله قرابة 85 بالمئة من حجم الاقتصاد العالمي، واكتسب هذا التجمع أهمية كبيرة منذ الأزمة العالمية في 2008.
وتفجر جدل قبيل القمة بسبب معارضة ألمانيا لخطط إنعاش مالي جديدة بسبب تأثيرها السلبي المتوقع مستقبلا في ظل انكماش النمو العالمي حاليا.
وقال وزير المال الألماني فولفغانغ شويبله إن “تعزيز النشاط الاقتصادي من خلال المزيد من الليونة في السياسة النقدية قد يأتي بنتيجة عكسية”.
لكن شركاء ألمانيا، التي تعد أكبر اقتصاديات الاتحاد الأوروبي وأكثرها حيوية، وفي مقدمهم الولايات المتحدة لا يبدون استعدادا لمشاطرة برلين خطها “المتشدد” على صعيد تقويم الميزانية.
وأكد وزير المالية الفرنسي ميشال سابان أن “البنوك المركزية أعلنت (في شنغهاي) أنها مستعدة لبذل جهود أكبر إذا اقتضى الأمر”، ولو أن السياسة النقدية “لا يمكنها حل كل المشاكل”.
85 بالمئة نسبة حجم اقتصاديات دول مجموعة العشرين من حجم الاقتصاد العالمي
وقال إن “أحدا لا يطلب خطة تحفيز مالية على الصعيد العالمي خلافا لما تم الاتفاق حوله في العام 2009”، في خضم الأزمة المالية، لكننا “نطلب من الدول التي تتمتع بوضع أفضل اتخاذ إجراءات أكثر حزما”.
وتمارس واشنطن ضغوطا منذ أشهر عدة حتى تستخدم الدول الفائض لديها لدعم الطلب، في تلميح واضح إلى ألمانيا.
وإزاء هذا الوضع الاقتصادي المتدهور يتحتم على الدول استخدام أي هامش مناورة متوفر لديها. وهناك إشارات عديدة تنذر بالمخاطر من بينها تدهور أسعار المواد الأولية وتقلب الأسواق المالية بينما تسجل الاقتصاديات الناشئة تباطؤا، بحسب سابان.
وفي خضم ذلك، حذر جوروج أوزبورن، وزير المالية البريطاني من أن حكومة بلاده قد تضطر إلى إجراء اقتطاعات جديدة في النفقات العامة في موازنة الشهر المقبل.
وقال إن “غيوم العاصفة تتلبد بوضوح في الاقتصاد العالمي وذلك تترتب عليه عواقب على دول عدة بينها بريطانيا”، مضيفا “لذلك، قد نحتاج إلى خفض إضافي للنفقات”.
ويأمل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في إقناع البريطانيين بالتصويت لصالح البقاء في الاتحاد في الاستفتاء المزمع إجراؤه في الـ23 من يونيو المقبل رغم فشله في ضم بوريس جونسون عمدة لندن إلى معسكر مؤيدي بقاء المملكة في الاتحاد.
وتخشى دول المجموعة من مغادرة بريطانيا التكتل الأوروبي، إذ اصطف الوزراء للتحذير من عواقب هذه الخطوة. وقال وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية إن “من شأن خروج بريطانيا أن يشكل صدمة تؤدي إلى ارتفاع المخاطر المحيطة بالاقتصاد العالمي”.
ورغم ذلك، لم يعبر وزراء عن أي قلق إزاء الصين بعد أن تراجع النمو إلى أدنى مستوى له منذ 25 عاما. وتعهدت الدول بـ”التشاور عن كثب” حول أسعار العملات الأجنبية وأعادت التمسك بالتزاماتها بعدم خفض قيمة عملاتها لزيادة قدرة التنافسية.
لكن يبدو أن هناك مخاوف من أن تقدم الحكومة الصينية على خفض سعر تداول عملتها اليوان لتعزيز قطاع الصادرات المتراجع لديها، مع أن المسؤولين الصينيين ينفون ذلك.
صحيفة العرب اللندنية