تقييد السريّة الماليّة في بنما وأميركا… دونه مخاوف

تقييد السريّة الماليّة في بنما وأميركا… دونه مخاوف

timthumb.php

في عام 2009، التزم قادة دول مجموعة العشرين، على وقع الأزمة المالية العالمية، تفكيك الملاذات الضريبية التي سمحت لأثرياء العالم بتجنّب دفع الضرائب. وكان شاغل الولايات المتحدة والحكومات الأوروبية البنوك التي يستغلّها بعض المتهربين من الضرائب والمجرمين في نظام مالي دولي موازٍ. وعليه، أقدم معظم الدول على خطوات بارزة تعرقل إخفاء الأموال في الخارج وتفاقم الأخطار المترتبة عليه (الإخفاء). وأجمع قادة 132 دولة على آلية لتبادل المعلومات طوّرتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. ويتوقع أن تبدأ 96 دولة تبادل المعلومات المصرفية في ما بينها في العامين المقبلين، بواسطة نظام آلي يجيز للسلطات الضريبية في الدول المشاركة متابعة شؤون ممتلكات مواطنيها في الخارج. لكن بنما، وهي مركز من المراكز المالية الدولية الكبرى، رفضت التوقيع على الاتفاق.

لكن تسريب ملايين الوثائق من مكتب المحاماة البانامية، موساك فونسيكا، المتخصص في تيسير المعاملات الخارجية الملتبسة والغامضة، قد يحمل بنما على التوقيع. وأعلن رئيسها، خوان كارلوس فاريلا، يوم الأربعاء (الماضي)، أنّ حكومته ستعيّن فريقاً من الخبراء المحليين والدوليين لاقتراح تدابير لـ «تعزيز الشفافية في النظم المالية والقانونية». ويرحب بمراجعة النظم القانونية والمالية في بنما، وهي يسّرت تبييض الأموال والتهرب من دفع الضرائب. وليس من قبيل الصدفة أن آلافاً من المسؤولين الحكوميين والأقطاب الماليين في أصقاع المعمورة كلها توجهوا الى بنما لإخفاء أموالهم. والحق يقال، لا حاجة للحكومة البانامية الى توصيات لجنة لتلتزم بالمعايير الدولية الرامية الى تشارك المعلومات أو التوقيع على اتفاق المساعدة الإدارية المتبادلة في المسائل الضريبية. وسعت بنما، في السنوات الأخيرة، الى العودة عن سابق عهدها والعدول عن مكانتها مركز الملاذات الضريبية. فعلى سبيل المثل، سعت الى اتفاقات لتقاسم المعلومات الضريبية الثنائية، مع الولايات المتحدة وغيرها من الدول. وأقرت بنما في2014، سياسات مصرفية جديدة تهدف إلى عرقلة إنشاء كيانات تجارية وهمية وتقييده. ووافقت على التزام المعيار الدولي لتبادل البيانات. لكنها غيّرت موقفها، وأعلنت أنها غير مستعدة للامتثال للشروط التي وضعتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في شباط (فبراير) المنصرم. وعلى رغم الإعلان هذا، قال رئيس الحكومة البانامية، ألفارو اليمان، يوم الأربعاء (الماضي)، أن الخلافات مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لا تعصى الحل.

وأشار مسؤولون في بنما، إلى أن النظام المصرفي الأميركي ليس نموذجاً للشفافية يحتذى. وهم لا يجافون الصواب وملاحظتهم في محلها. فالولايات المتحدة هي، الى اليوم، أحد أكبر الملاذات الضريبية في العالم. وجذب عدد من الولايات الأميركية مبالغ أجنبية من طريق تيسير إنشاء شركات وهمية وغيرها من الكيانات القانونية التي تخفي هويات أصحابها وتتستر عليها. وأقرت الحكومة الأميركية بعض الخطوات لمعالجة هذه المشكلة، إلا أنها لم تكن كافية. وتسعى إدارة أوباما إلى إقرار قواعد جديدة تسد ثغرات التهرب الضريبي، وتلزم البنوك والمؤسسات المالية الاستعلام عن هوية العملاء الذين ينشئون حسابات باسم شركات وهمية.

وعقدت واشنطن اتفاقات ثنائية مع عدد من الدول، بما في ذلك جزر البهاماس وجزر الكايمان، لتبادل المعلومات الضريبية. ويدعو الى الأسف أن المعاهدات الضريبية الأخيرة التي أبرمتها الولايات المتحدة مع عدد من الدول، والتعديل المقترح لاتفاق التعاون الإداري في المسائل الضريبية، لا تزال عالقة في مجلس الشيوخ ولم تقر بَعد بسبب مخاوف وثيقة الصلة بحفظ الخصوصية وخطر انكشاف البيانات المالية. ولا يستخف بهذه المخاوف، لكنها تحول دون تغيير نظامٍ ييسّر التهرب من دفع الضرائب.

نيويورك تايمز

إعداد علي شرف الدين

نقلا عن الحياة