في أعقاب سلسلة من التقارير غير المؤكدة وصور وسائل الاعلام الاجتماعية التي أشارت بأنه قد تم نشر أفراد من “الجيش الوطني الايراني” (أو “ارتش”) في سوريا، تم تأكيد وجودهم هذا الأسبوع من خلال إعلانات جديدة عن الخسائر البشرية والتصريحات الرسمية. وكما اشتُبه، شارك أفراد من الجيش الإيراني في القتال حول نفس المنطقتين اللتين وضع فيهما «الحرس الثوري الإسلامي» قدماً له في وقت سابق، وهما دمشق وحلب.
في 10 نيسان/أبريل، ظهرت تقارير أشارت إلى أن رقيب (عريف) من “مغاوير اللواء 65 الخاصة المحمولة جواً” قد قُتل في سوريا. وفي اليوم التالي، ذكرت وسائل الاعلام الإيرانية أن العقيد مجتبى ذو الفقار نسب، قائد “وحدة الاستخبارات في اللواء 45 مغاوير في الجيش الإيراني” قد قُتل في إحدى المعارك أيضاً، إلى جانب ضابط من “اللواء 2″، “شعبة القوات الخاصة الـ 58” (وحدة الاستجابة السريعة)، وضابط من “لواء المشاة الميكانيكى 3″، “الفرقة المدرعة 88″، وضابط آخر على الأقل. وذكرت التقارير أنهم قتلوا في معارك مع «جبهة النصرة» – جماعة متمردة تدور في فلك تنظيم «القاعدة» – في منطقتي خان طومان وزيتان جنوب غرب حلب. بالإضافة إلى ذلك، أًصيب عدد من أفراد الجيش الإيراني.
ويوم الاثنين أيضاً، أكد قائد القوات البرية الإيرانية الجنرال أحمد رضا بوردستان رسمياً وللمرة الأولى أن أفراد “لواء النخبة 65 المحمول جواً” وغيره من فروع القوات المسلحة الوطنية قاموا بأدوار “استشارية” فضلاً عن جمع المعلومات الاستخباراتية في سوريا. وكان قد تم تشكيل “اللواء 65” في عام 1959 باسم “لواء القوات الخاصة 23″، مستكمَلاً بمدرسة [لتعليم وتدريب وتبادل المعلومات الخاصة] بالحرب غير النظامية. وقد ساعد بإنشائه مستشارو “القوات الخاصة الأمريكية”. وفي عام 1991 أُعيد تنظيم اللواء كما أُعيدت تسميته، وهو يحتفظ الآن بوحدة نخبة متخصصة في عمليات مكافحة الإرهاب وإنقاذ الرهائن.
وخلال عهد الشاه، في عامي 1972-1973، نشر الجيش قوة عسكرية لا يستهان بها (من بينها قوات خاصة) في عُمان لمساعدة السلطنة في محاربة المتمردين الماركسيين. وفي سبعينيات القرن الماضي ساعدت عناصر الجيش الإيراني، القوات الكردية العراقية في قتالها ضد جيش الحكومة المركزية في بغداد. وفي عام 1982، تم نشر “اللواء 58” التابع للجيش الإيراني ما بعد الثورة الإسلامية، ولفترة وجيزة في سوريا كجزء من فرقة عمليات مشتركة تابعة لـ «الحرس الثوري» بهدف عرقلة تقدم إسرائيل في لبنان. إلا أنه تم استدعاؤها بعد وقت قصير، بعد أن غيّر آية الله روح الله الخميني رأيه.
وعموماً، إذاً، يتمتع الجيش بخبرة محدودة في الخارج – وباستثناء البحرية الإيرانية، نادراً ما أُرسلت وحدات أخرى من القوات المسلحة الوطنية لمهمات في الخارج – فوفقاً للمادة 148 من الدستور، لا يمكن نشرها إلا لحماية سيادة إيران وسلامة أراضيها. وفي المقابل، يتمتع «الحرس الثوري» الإيراني بهيكل قيادة مخصص للتعامل مع المهام الخارجية.
ولمجاراة [التطورات المتسارعة]، قطع الجيش شوطاً كبيراً في تحسين قدراته القتالية غير المتماثلة، بتشكيله المزيد من الكتائب المتنقلة وإدخاله أسلحة وتكتيكات أكثر ملاءمة لمثل هذه البيئات. وفي شباط/فبراير، تطوع قادة القوات الجوية والدفاع الجوي الايراني لتقديم خدماتهم للمساعدة في حماية نظام الأسد ومجاله الجوي، في حين تشير تقارير غير مؤكدة أن القاذفات المقاتلة الإيرانية قامت بطلعات جوية محدودة فوق سوريا في أواخر عام 2015. ويبدو أن [الحكومة في] طهران والقيادة العسكرية على حد سواء يعتبران التدخل في سوريا بمثابة فرصة سانحة لاكتساب الخبرة في محاربة عدو مصمم ومجهز تجهيزاً جيداً في بيئات غير نظامية. بيد، يبدو أن جهود الجيش للاستفادة من هذه الفرصة على أرض الواقع أثبتت للتو أنها قاتلة.
وقد يكون أحد التفسيرات المحتملة لقرار طهران نشر عناصر “ارتش” في سوريا هو تحسين الرأي العام حول ما أصبح مغامرة خارجية لا تحظى بشعبية فضلاً عن كونها مكلفة نسبياً. وتلعب قوات «الحرس الثوري» دوراً أساسياً في محاربة أعداء النظام الإيراني المحليين والأجانب، وأثبتت أن بإمكانها أن تكون قاسية في إخماد الاضطرابات المدنية كما حدث في عام 2009. وجزئياً، بسبب هذه السمعة، فشل إصرار «الحرس الثوري» على دعم الجماعات المسلحة في سوريا وأماكن أخرى في كسب قلوب وعقول التيار السائد في إيران، لذلك قد يأمل قادة النظام بأن وجود القوات المسلحة الوطنية الشعبية والتضحيات التي تقدمها سيجذبان المزيد من التأييد في صفوف عامة الشعب. ومع ذلك، قد يأتي هذا الإسلوب بنتائج عكسية، إذا استمرت ضحايا “ارتش” في الزيادة في سوريا.
فرزين نديمي
معهد واشنطن