تصاعدت حدة التصريحات بين أبرز أقطاب التحالف الوطني الشيعي الحاكم في العراق، بعد المظاهرات الأخيرة الرافضة لزيارة زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي إلى محافظات جنوب العراق، وهي مناطق تعتبر قلب رصيده الانتخابي والمقر الأساسي لحزبه حزب الدعوة.
فقد أكد حزب الدعوة الاسلامي أن الوضع في محافظة البصرة يحتاج إلى صولة فرسان ثانية تنهي نشاط الخارجين على القانون فيها، في حين وصفت كتلة الأحرار التابعة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تلك التصريحات بأنها “غير مسؤولة وتنم عن حماقة وجهل بالواقع”.
وشهدت ثلاث محافظات جنوبية (ذي قار وميسان والبصرة) منذ الخميس الماضي مظاهرات شعبية ضد المالكي، اتهمته بالتفريط بأمن وثروات البلاد طوال فترة حكمه التي استمرت ثماني سنوات.
كتلة معينة
لكن القيادي بحزب الدعوة صلاح عبد الرزاق يرى أن الأحداث الأخيرة لا تعبر عن موقف الشارع الشيعي ولا تعتبر رفضاً شيعيا للمالكي، وإنما تعبر عن موقف كتلة معينة (في إشارة إلى الأحرار) في ظل التنافس الانتخابي.
واستبعد عبد الرزاق أن تؤثر الأحداث الأخيرة على مستقبل زعيم ائتلاف دولة القانون السياسي، معتبرا أن ما حدث “أمر طبيعي يواجه أي مسؤول في الدولة”.
واعترف القيادي بحزب الدعوة أن الانشقاق داخل البيت الشيعي أمر لا يمكن إنكاره، معتبرا أن “الخلاف بدأ منذ اقتحام مبنى البرلمان وتهديد المنطقة الخضراء الذي رفضه التحالف الوطني”. وزاد أن الخروج من الأزمة يحتاج إلى ضبط أمني وسياسي.
وكان الآلاف من أنصار التيار الصدري قد اقتحموا نهاية أبريل/نيسان الماضي المنطقة الخضراء شديدة التحصين وسط بغداد ومبنى مجلس النواب احتجاجا على عدم تحقيق الإصلاحات الشاملة التي أعلن عنها رئيس الحكومة حيدر العبادي بأغسطس/آب 2015.
لا انقسام
من جانبه، نفى النائب عن كتلة الأحرار جمعة ديوان وجود انقسام داخل البيت الشيعي، متهما المالكي بأنه لا يمت بصلة إلى المذهب الشيعي بعد التصريحات الأخيرة.
وحول اتهام التيار الصدري بالوقوف وراء المظاهرات، قال ديوان إن متظاهري المحافظات الجنوبية لا يمثلون جمهور التيار الصدري فقط، وإنما كل الساخطين على سياسة المالكي خلال توليه إدارة البلاد.
ولفت إلى أن زعيم ائتلاف دولة القانون كان السبب وراء الموازنات الانفجارية التي لم يستفد منها الشعب العراقي، فضلا عن الوضع الأمني المتدهور وضياع ثلث البلاد بعد سيطرة تنظيم الدولة.
واعتبر تصريحات حزب الدعوة تجاه المتظاهرين غير مسؤولة، وتنم عن حماقة وجهل بواقع الشارع العراقي، وأضاف “إن من يتوعد ويهدد أبناء شعبه لا يستحق أن يحكم البلاد” وطالب بـ “معاقبة كل من يرتكب جريمة بحق العراقيين أو يلوح بأي صولة ضد جهة قاومت الاحتلال”.
وبدوره، عد حزب الدعوة الإسلامي المتظاهرين ضد أمينه العام (المالكي) بأنهم “خارجون عن القانون” مشيرا إلى أنهم يتبعون كتلة سياسية “معروفة بالشغب” وتوعدهم بـ “صولة فرسان أخرى”.
من جانبه، نأى حزب الفضيلة (أحد أطراف التحالف الشيعي) بنفسه عن الخلافات بين الدعوة الإسلامي والأحرار، مؤكداً “لدينا قناعة أن الحديث مع الأطراف المعنية يجب أن يكون بعيدا عن الإعلام” رافضا التعليق على حجم الخلاف داخل البيت الشيعي وأزمة الثقة بين أطرافه.
بالمقابل، رأى القيادي بالمجلس الأعلى الإسلامي حميد المعلة أن إيجاد روابط وعلائق حقيقية بين كتل التحالف الوطني هو الهدف الأساس في المرحلة الراهنة.
صراع حزبي
وبرأي الكاتب والمحلل السياسي حمزة مصطفى فإن الأحداث الأخيرة بالرغم من حصولها في بيئة شيعية فإنها لا تعتبر رفضا للمالكي، بقدر كونها جزءا من الصراع المحتدم بين الأحزاب الشيعية التي تحاول كسب الناخب من خلال إسقاط الآخر.
ولفت إلى أن كل المؤشرات تؤكد أن التيار الصدري أكبر قوة مناوئة للمالكي ضمن التحالف الوطني، ولا يخفي مصطفى أن محاولات زعيم المجلس الأعلى عمار الحكيم ترميم البيت الشيعي “لا تزال غير موفقة”.
واعتبر مصطفى أن تهديدات حزب الدعوة بشن صولة فرسان ثانية خطأ كبير، ومفارقة خطيرة تؤشر لإمكانية التصادم الشيعي الشيعي.
وأطلقت حكومة المالكي في مارس/آذار 2008 عملية صولة الفرسان العسكرية التي تبناها وأشرف عليها الأخير، بعد تصاعد نفوذ جيش المهدي بقيادة الصدر وسط وجنوب البلاد.
الجزيرة