الكويت- تعتزم الكويت إعطاء القطاع الخاص مجالا أوسع لزيادة حصة المنتجات والخدمات المحلية في المشاريع النفطية التي ستنفذها خلال السنوات المقبلة. وقال وزير النفط عصام المرزوق أمس، إن “مؤسسة البترول الكويتية لديها برنامج لزيادة المحتوى المحلي في الصناعة النفطية من خلال الاعتماد على القطاع الخاص في توفير المواد والخدمات التي تحتاجها عمليات ومشاريع المؤسسة”.
وتأتي هذه الخطة في إطار إستراتيجية شاملة طويلة الأمد تسعى الدولة الخليجية، العضو في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، من خلالها إلى تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد، إلى جانب تنويع مصادر الدخل. وتوقع نزار العدساني، الرئيس التنفيذي للمؤسسة، إنفاق حوالي 35 مليار دينار (115 مليار دولار) على المشاريع النفطية خلال السنوات الخمس القبلة.
نزار العدساني: سنخصص 30 بالمئة من الاستثمارات النفطية للمنتجات والخدمات المحلية
وقال في تصريحات خلال مؤتمر صحافي في العاصمة الكويت إن “نحو 30 بالمئة من المبلغ ستخصص للمنتجات والخدمات المحلية”. وكشف أنه سيتم خلال العام المقبل إعداد دراسة الجدوى التفصيلية لإنشاء منطقة صناعية بترولية بعد استكمال الموافقات المطلوبة لتخصيص أرض المنطقة الصناعية من المجلس البلدي. وأشار إلى أن المؤسسة أشركت القطاع الخاص في مجموعة من المشروعات مثل مشروعي الأوليفينات الأول والثاني، ومشروع العطريات والستيرين، إلى جانب طرح البعض من الأنشطة على القطاع مثل محطات تعبئة الوقود ومصنع مزج الزيوت.
وتتبنى الكويت إستراتيجية نفطية تهدف إلى الوصول إلى طاقة إنتاجية قدرها أربعة ملايين برميل من النفط يوميا، بالإضافة إلى تطوير المصافي النفطية ورفع طاقة التكرير إلى 1.4 مليون برميل يوميا من 936 ألف برميل حاليا، إلى جانب تطوير صناعة البتروكيماويات. وبحسب وزير النفط، فإن الإنفاق الفعلي للدولة في القطاع النفطي خلال المخطط الخماسي الماضي، بلغ نحو 15.4 مليار دولار.
وأوضح أن المصروفات في القطاع شهدت خلال السنة المالية الماضية نموا مطردا تجاوز نحو 40 بالمئة، بمقارنة سنوية، متوقعا استمرار ارتفاع المصروفات خلال السنتين الماليتين الحالية والقادمة حيث ستتجاوز 1.2 مليار دينار كويتي سنويا. ومن أهم مشاريع هذه الخطة مشروع الوقود البيئي الذي يهدف إلى تطوير مصفاتي الأحمدي وميناء عبدالله التابعتين لشركة البترول الوطنية الكويتية وتأهيلهما لإنتاج منتجات عالية القيمة مثل وقود الديزل والكيروسين لتصديرها.
وكانت المؤسسة قد استعانت من خلال شركة البترول الوطنية الكويتية التابعة لها، بالبنوك المحلية لتمويل ما يقرب من 4 مليارات دولار من مشروع الوقود البيئي. وأنشأت الكويت شركة نفطية جديدة العام الماضي تحت مظلة مؤسسة البترول الكويتية لتضطلع بمهام تشغيل مجمع للبتروكيماويات يضم مصفاة الزور الجديدة التي تبنيها حاليا. وتتوقع الحكومة الكويتية أن يكون هذا المشروع المتكامل، الأكبر من نوعه في منطقة الشرق الأوسط.
وأعلنت الكويت العام الماضي إستراتيجية، كباقي جيرانها في منطقة الخليج، لإصلاح أوضاع الاقتصاد على المدى المتوسط عرفت بوثيقة الإصلاح الاقتصادي. ونالت موافقة البرلمان في يونيو الماضي. وتهدف هذه الإستراتيجية إلى إصلاح أوضاع الموازنة العامة، وإعادة رسم دور الدولة في الاقتصاد وزيادة دور القطاع الخاص وتفعيل مشاركة المواطنين في تلك المشروعات العامة وإصلاح سوق العمل.
عصام المرزوق: مؤسسة البترول الكويتية لديها برنامج لزيادة الاعتماد على القطاع الخاص
وتعاني الكويت كباقي الدول المنتجة للنفط من أزمة حادة بسبب استمرار تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية جراء الفائض في المعروض، فضلا عن سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لقطاع الطاقة في بلاده. وفي السنوات الأخيرة، صار العجز في الموازنة يتكرر بشكل دوري، مما دفع الحكومة إلى التجاوب مع نصائح صندوق النقد الدولي بخصوص التقشف ورفع الضرائب رغم خطورة هذه الخطوة الاقتصادية على الحياة السياسية في البلاد.
وتعوّل الكويت على التزام المنتجين من أوبك وخارجها باتفاق خفض الإنتاج للابتعاد عن دائرة العجز. ويقول وزير النفط الكويتي إن أسعار النفط جيدة حاليا ومن المتوقع ارتفاعها مع تنامي نسبة الالتزام باتفاق خفض الإنتاج بين أوبك والمنتجين المستقلين. وأشار المرزوق إلى أن نسبة التزام أعضاء أوبك باتفاق خفض الإنتاج تبلغ 92 بالمئة في حين تبلغ نسبة التزام المنتجين من خارج المنظمة 50 بالمئة.
ورغم كل تلك التدابير التقشفية التي اتخذتها الكويت العام الماضي، إلا أنها تحتاج إلى نحو 116 مليار دولار لتمويل عجز الموازنة للسنوات الخمـس المقبلـة، وفـق صندوق النقد. وتدرس الحكومة الاقتراض من الأسواق الدولية لتمويل عجز الموزانة الحالية. وقال وزير المالية أنس الصالح في وقت سابق إن “هبوط أسعار النفط إلى مستوى 60 دولارا للبرميل يعني أن الكويت ستسجل عجزا في موازنة العام المقبل، وأن الحكومة قد تلجأ إلى السحب من احتياطاتها المالية أو الاقتراض من السوق لتمويل مشروعات التنمية”.
ويعد النفط المورد الأساسي للكويت حيث يبلغ إنتاجها أكثر من 3 ملايين برميل يوميا، كما يقدر احتياطها بنحو 7 بالمئة من الاحتياط العالمي. وحققت الكويت على مدى السنوات الماضية، عندما كان سعر برميل النفط مرتفعا، فائضا ماليا يقدر بنحو 592 مليار دولار، بحسب معهد صناديق الثروة السيادية، تديرها هيئة الاستثمار الكويتية في شكل ممتلكات أغلبها في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا.
العرب اللندنية