برلين- اتهم نوربرت لامرت رئيس البرلمان الألماني “بوندستاغ” القيادة التركية تحت حكم الرئيس رجب طيب أردوغان بـ”الانقلاب على الدستور الخاص بالبلاد”.
وقال لامرت الاثنين، خلال فعالية عن مؤتمر الأمن بميونيخ، لقد وقعت محاولتا انقلاب عقب بعضهما البعض في تركيا خلال العام الماضي.
وأوضح ذلك قائلا بأن انقلابا عسكريا ضد حكومة تم اختيارها بشكل ديمقراطي أخفق في البداية، وبعد ذلك حدث “انقلاب من جانب الحكومة المختارة ضد الدستور الخاص بها”، وعقّب بقوله “يبدو أنه سينجح”.
وأكد لامرت أن تطبيق التعديل الدستوري سوف تكون له تأثيرات على المجتمع الغربي أيضا، وقال “لن نكون بعد ذلك الشيء ذاته”.
يشار إلى أن تركيا مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي كما أنها عضو بحلف شمال الأطلسي “ناتو” مثل ألمانيا. ولكن مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد مؤجلة في الواقع.
وأكد المجلس الأعلى الانتخابي التركي رسميا السبت أن الاستفتاء حول الإصلاح الدستوري الرامي إلى تعزيز صلاحيات أردوغان سيجري في الموعد المحدد؛ في 16 أبريل.
وصرح رئيس المجلس الأعلى الانتخابي سعدي غوفن في كلمة تلفزيونية بأنه تم تثبيت هذا الموعد بعد نشر نص القانون في الجريدة الرسمية السبت.
وأوضح غوفن أن البطاقات التي سيستخدمها المشاركون في الاستفتاء ستكون إما بيضاء لمؤيدي التعديل، وإما بنية لمعارضيه. وصادق أردوغان الجمعة على التعديل الدستوري الذي يعزز سلطاته بشكل كبير ما يمهد لطرحه في استفتاء شعبي لإقراره نهائيا.
وفيما يؤكد أردوغان أن هذا التعديل ضروري لضمان الاستقرار على رأس الحكم في تركيا التي تواجه اعتداءات غير مسبوقة وصعوبات اقتصادية، يعتبره معارضون ومنظمات غير حكومية وسيلة ستتيح للرئيس التفرد بالسلطة، خصوصا في أعقاب محاولة الانقلاب في يوليو وما تلاها من حملة تطهير واسعة غير مسبوقة شملت توقيف واعتقال وطرد عشرات الآلاف من الأشخاص.
وصرح أردوغان الجمعة بقوله “وصلت تركيا إلى مفترق طرق رئيسي في تغيير نظام حكمها” مضيفا أن “شعبي الحبيب سيتوجه إلى صناديق الاقتراع في 16 أبريل”.
وفي كلمة توحي بخطابات الحملات أمام حشد في بلدة أكساراي بوسط البلاد دعا الرئيس التركي مواطنيه إلى التصويت من أجل رئاسة تنفيذية “على الطريقة التركية” مؤكدا أن التعديلات ستجيز “اتخاذ قرارات بشكل سريع” وتتخلص من احتمالات الخلاف بين الرئيس ورئيس الوزراء.
ويجيز التعديل تحويل النظام البرلماني إلى نظام رئاسي يتيح لأردوغان خصوصا تعيين وإقالة الوزراء وإصدار مراسيم وإعلان حالة الطوارئ.
وقال نائب رئيس الوزراء نعمان كورتولموش إن “القرار والكلمة الفصل أصبحا الآن في يد الأمة”.
وتابع كورتولموش قائلا “آمل أن تجري الحملة بما يليق بديمقراطية تركية ناضجة. الجميع سيعبرون عن آرائهم سواء الذين سيقولون نعم أو الذين سيقولون لا”.
وأفادت وسائل الإعلام بأن حزب العدالة والتنمية الحاكم سيطلق حملته رسميا في 25 فبراير.
ويعتبر الحزب أن الانتقال إلى نظام رئاسي سيجيز تفادي تحالفات حكومية ضعيفة ويحسن من سير الأعمال في مرحلة تواجه فيها تركيا تحديات أمنية واقتصادية كبرى. لكن هذه المبررات لا تكفي لإقناع حزبي المعارضة “حزب الشعب الجمهوري” (اجتماعي ديمقراطي) و”حزب الشعوب الديمقراطي” (موال للأكراد) اللذين يعتبران النص رمزاً للنزعة التسلطية لدى الرئيس التركي.
وحذر رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو من “كارثة” في حال إقرار التعديل في الاستفتاء، معتبرا أن ذلك يعني إلغاء فصل السلطات.
وقال أوغلو “سيحصل شخص واحد على سلطات لم يملكها (مصطفى كمال) أتاتورك نفسه (…) سيخسر البرلمان سلطات ستناط بشخص واحد. ستوضع المحاكم بين يدي شخص واحد (…) هل يعقل ذلك؟”
وأثارت مناقشة النص في البرلمان الانفعال وتخللتها مشادات ذات عنف غير مسبوق إذ أصيب نائب بكسر في أنفه وطرحت نائبة مقعدة أرضاً.
وتنبئ هذه الأجواء من الاستقطاب السياسي الحاد الذي يضاف إلى سلسلة اعتداءات شهدتها البلاد بمناخ من التوتر الشديد يحيط بالاستفتاء.
ويقضي التعديل الدستوري عند سريانه بتنظيم متزامن للانتخابات التشريعية والرئاسية ويجيز انتخاب الرئيس لولايتين متتاليتين من خمس سنوات مع تحديد موعد الاستحقاق المقبل في نوفمبر 2019.
وفي حال عدم احتساب سنوات الحكم السابقة لأردوغان الذي انتخب رئيسا في 2014 بعد 12 عاما على رأس الحكومة، فإن التعديل يتيح له البقاء في السلطة حتى عام 2029 على الأقل. لكن هذا الأمر ما زال ملتبساً.
كذلك يقضي التعديل بإلغاء منصب رئيس الوزراء واستبداله بنائب رئيس أو أكثر، فيما سيجوز للرئيس حل البرلمان والتدخل في عمل القضاء.
ومنذ محاولة الانقلاب بدأت تركيا حملة قمع واسعة استهدفت من اتهمتهم بالانتماء إلى شبكة الداعية فتح الله غولن الذي ينفي اتهامات السلطات بالوقوف وراء محاولة الانقلاب في يونيو.
وقامت السلطات بطرد أو تعليق وظائف أكثر من مئة ألف شخص بينهم عدد كبير من الأساتذة ورجال الشرطة والقضاة والصحافيين، وتوقيف أكثر من 41 ألفا بتهمة الانتماء إلى شبكة غولن.
وطالت آخر موجات التسريح حوالي 4500 موظف إضافي بينهم 330 أستاذا جامعيا، عملا بمرسوم صدر الثلاثاء.
العرب اللندنية