ربما يكون خفض إنتاج النفط الذي قادت منظمة أوبك المنتجين إلى تطبيقه قد نجح في خفض مخزونات النفط العالمية، لكن سريان الخفض ستة أشهر فقط يعني أن المنظمة لن تتمكن من تحقيق هدف إعادة التوازن إلى السوق. وكان أعضاء منظمة أوبك والمنتجون من غير الأعضاء قد توصلوا في ديسمبر إلى اتفاق للمرة الأولى منذ عام 2001 على الحد من الإنتاج معا بنحو 1.8 مليون برميل يوميا.
وفي الأشهر التي سبقت الاتفاق وفي أعقابه قال وزراء دول أعضاء في أوبك إن أهدافهم الرئيسية تتمثل في معالجة الزيادة في مخزونات النفط الخام والمنتجات المكررة والتي كانت سببا في خفض الأسعار لأكثر من عامين. وحتى الآن قالت السعودية التي تسهم بأكبر شريحة من الخفض إنه لا داعي لتمديد العمل بالاتفاق بعد انتهاء فترة الأشهر الستة. ويتناقض ذلك مع موقف إيران المتشدد، حيث قال وزير نفطها بيجان زنغنة إن على أوبك أن تخفض الإنتاج أكثر من ذلك في النصف الثاني من عام 2017.
وبمقتضى الاتفاق سمحت أوبك لإيران بإنتاج النفط بما يزيد قليلا على مستويات أكتوبر الماضي. وقالت وكالة الطاقة الدولية إن مخزونات النفط الخام والمكثفات والمنتجات المكررة في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ظلت تزيد بمقدار 286 مليون برميل عن متوسط مستواها على مدار خمس سنوات والبالغ 2.7 مليار برميل وذلك رغم سحب 800 ألف برميل في الربع الأخير من عام 2016.
وتنقسم الزيادة في المعروض بالتساوي تقريبا بين النفط الخام وسوائل النفط من ناحية والمنتجات النفطية المكررة من ناحية أخرى. وتتوقع وكالة الطاقة سحب 600 ألف برميل يوميا من المخزونات في النصف الأول من 2017 إذا بقي التزام المنتجين بالاتفاق على مستوياته في يناير الماضي. وقال أوليفييه لوغون المحلل بوكالة الطاقة الدولية “إذا قدر أن يستمر السحب من مخزونات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في 2017 بالمعدل نفسه الذي تم رصده في الفترة من يوليو إلى ديسمبر فسوف يستغرق الأمر عاما للعودة إلى متوسط السنوات الخمس للمخزونات”.
والمشكلة بالنسبة إلى أوبك أن الالتزام العالي بالتخفيضات الإنتاجية المتفق عليها سيسهم في خفض المخزونات غير أن فعالية هذه الخطوة قد يحد منها انخفاض الطلب عن المتوقع وارتفاع الإمدادات من خارج أوبك. وقال ديفيد ويتش العضو المنتدب بشركة جي.بي.سي إنرجي الاستشارية “إن ما يفعله اتفاق خفض الإنتاج هو في الأساس تفادي حدوث فائض أسوأ مما كان عليه الحال في 2015 والنصف الأول من 2016… لكنه لن يقضي على الفائض في النصف الأول من العام”.
وتوقع بنك بي.أن.بي بـاريبا الفـرنسي في تقرير بحثـي الأسبـوع المـاضي أن ينمـو الطلـب على النفــط في النصـف الأول من 2017 مقـارنة بالفتـرة المقـابلـة مـن العـام المـاضي في الـدول الكبرى المنتجة للنفط من غير أعضاء منظمة أوبك مثل كنـدا والبرازيل وكازاخستان. وأكد البنك أن “السؤال الرئيسي هو مدى نهضة قطاع النفط الصخري في الولايات المتحدة في ضوء استمرار الزيادة في نشاط منصات الحفر منذ مايو عام 2016 وارتفاع معدلات التحوط لعام 2017 في ما بين الدول المنتجة”.
وربما يأتي الخطر على نجاح الاتفاق من بين أعضاء أوبك مع ارتفاع إنتاج ليبيا ونيجيريا البلدين المعفيين من تخفيض الإنتاج. فقد زاد إنتاج ليبيا 190 ألف برميل يوميا منذ أكتوبر الماضي. وفي حين أن مخزونات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تراجع فإن مخزونات الدول غير الأعضاء فيها بدأت ترتفع وخاصة الصين والهند حيث تزداد صعوبة الحصول على بيانات يمكن الاعتماد عليها عن مستويات المخزونات.
وقالت وكالة الطاقة إن بيانات المخزونات في الصين تظهر ارتفاعا ضمنيا قدره نحو 600 ألف برميل يوميا في الفترة من أغسطس إلى نوفمبر 2016. ومن ثم ربما يحدث تباين في عملية إعادة التوازن بما ينقل الزيادة في المخزون من منطقة إلى أخرى. وربما يؤدي ذلك إلى استمرار الزيادة في آسيا مع تصارع المنتجين على حصص السوق في تلك المنطقة.
وحتى الآن عملت أوبك وروسيا على حماية آسيا من تخفيضات الصادرات الناتجة عن خفض الإنتاج وركزتا في الأساس على الولايات المتحدة وأوروبا. وقال ريتشارد مالينسون المحلل بشركة إنرجي اسبكتس الاستشارية “رأينا على الدوام أن ثمة فرصة طيبة للتمديد لأسباب أهمها أننا عرفنا دائما أن التركيز على خفض تلك الزيادة في المعروض وأن تلك العملية ستستغرق على الأرجح أكثر من ست سنوات.
وتقدر إنرجي اسبكتس أن الزيادة في المخزونات التجارية العالمية باستثناء احتياطيات النفط الاستراتيجية كانت تقل قليلا عن 400 مليون برميل في نهاية العام الماضي.
ويشمل ذلك حوالي 300 مليون برميل من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية و100 مليون برميل من خارجها. وتتوقع الشركة الاستشارية سحب نحو 700 ألف برميل يوميا من المخزونات في المتوسط خلال النصف الأول من العام الجاري. ويرى مالينسون أن السحب “ربما يكون أعلى من ذلك إذا استمر الاتجاه الحالي للزيادة في الطلب”.
العرب اللندنية