عمان – لا يتوقع المراقبون للشؤون العربية أن تحقق القمة العربية المقبلة أواخر الشهر الجاري أي اختراق لافت يرقى إلى التحديات المفصلية التي تواجه المنطقة العربية. ويستند هؤلاء إلى 30 بندا اعتمدها مجلس الوزراء العرب الذي انعقد في القاهرة مؤخرا تحضيرا للقمة والتي أتت تحاكي إجماعا تجميليا تقليديا لا يصل إلى مستوى القرارات المهمة.
ولفت المراقبون إلى التمثيل المتدني للاجتماع التحضيري واعتبروه مؤشرا سلبيا على عدم اهتمام العواصم العربية بالقمة المقبلة. فالاجتماع الذي حضره 14 وزيرا ما بين وزير خارجية ووزير دولة، سجل غيابا لافتا لوزراء خارجية السعودية والبحرين والكويت ولبنان والمغرب.
ومن المقرر أن تنعقد الدورة الـ28 للقمة العربية في العاصمة الأردنية عمّان، في الـ29 من الشهر الجاري.
وأكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني على “أهمية تنسيق المواقف حيال مختلف القضايا الإقليمية، وضرورة بذل الجهود لترسيخ ومأسسة العمل العربي المشترك”.
غير أن مراجع دبلوماسية عربية تشكك في إمكانية وصول قمّة عمان إلى قرارات هامة تتجاوز اللغة الدبلوماسية الرتيبة، وتعتبر أن القادة العرب سيحاولون الاتفاق على نصوص تحافظ على حدود دنيا من القواسم المشتركة متجنبين ملامسة المسائل الخلافية العديدة والتي تضخّمت في السنوات الأخيرة.
ولاحظ مراقبون لشؤون جامعة الدول العربية أن العمل الجماعي العربي متفق على دورية القمة وعلى البلدان المضيفة لها تباعا، لكنه مختلف على جل القضايا الساخنة التي تجتاح المنطقة منذ انفجار “الربيع العربي” عام 2011.
ولفت هؤلاء إلى أن الأداء العربي الجامع مازال يقارب القضايا العربية بروحية بعيدة عن مستوى الكارثة التي حلت بالعالم العربي، وأن مؤسسة القمة مازالت تعتبر أن مواجهة ومعالجة التحديات الكبرى يمكن القيام بهما من خلال اعتماد استراتيجيات منفردة ترتبط بسياسات كل دولة عربية على حدة أو من خلال تيارات عربية متناقضة تعمل دون مستوى العمل العربي المشترك.
وفيما يعتبر الإرهاب الإسلامي القضية الأولى في العالم، تستغرب أوساط سياسية عربية عدم وجود نقاش عربي مباشر وصريح داخل الجامعة العربية وعلى مستوى القمة لظاهرة الإسلام السياسي التي باتت تهدد وحدة واستقرار الدول العربية كما الأمن الدولي برمته. ورأت هذه الأوساط أن غياب موقف عربي حاسم وحازم ضد الإسلام السياسي يعكس انقساما داخل النظام السياسي العربي، وربما تواطؤا ممعنا في استخدام جماعات الإسلام السياسي في السياسة الخارجية لهذه الدولة أو تلك.
وتوقف بعض المراقبين عند الدعوة التي أطلقها وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري في الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب لإعادة عضوية سوريا إلى الجامعة العربية، واعتبروا أن الأمر أوحت به إيران، خصوصا وأن أنباء أخرى كانت تحدثت عن سعي وموافقة الرئيس اللبناني ميشال عون على ذلك، مع العلم أن الرئيس اللبناني لا يخفي دفاعه عن سلاح حزب الله ونظامي دمشق وطهران.
وطالبت هذه الأوساط بمباشرة نقاش عربي صريح لتشخيص الخطر الإيراني بعيدا عن الكليشيهات، يعيد العرب إلى الموقف الحاسم من إيران الذي اتخذوه بشبه إجماع أثناء الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي.
واستغربت هذه الأوساط نسبية المواقف في هذا الشأن رغم الانقسام الداخلي الكبير الذي سببه تدخل إيران المباشر في شؤون اليمن والعراق وسوريا ولبنان ودول خليجية.
ويحذر خبراء عرب في الشؤون الاستراتيجية من غياب أي رؤية عربية جامعة لوضع إطار للتواجد الأجنبي في المنطقة، من تركي وإيراني وروسي وأميركي، مطالبين بالاتفاق على قراءة التحولات الدولية الكبرى الراهنة وتداعياتها على دول المنطقة، كما بالإمساك بمصير المنطقة، في وقت تجري فيه مناقشة مستقبلها إما داخل العواصم الإقليمية غير العربية (إسرائيل، تركيا، إيران) وإما داخل العواصم الدولية الكبرى.
ولفتت هذه الأوساط إلى غياب الجامعة العربية عن أي جهود أو مبادرات لإطفاء البراكين في اليمن وليبيا وسوريا، فيما المساعي في هذا الأمر تجري برعاية دولية أو أممية في غياب مقلق لأي وساطات يقوم بها دبلوماسيو الجامعة، مقابل جهود الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة.
ويرى المراقبون أن العمل على القيام بالمصالحات بين الزعماء العرب لا يحاكي شروط العصر في مواجهة المستجدات الدولية الكبرى، وأن على القمة أن تؤسس لتحوّلات عميقة تقارب مصالح الدول وليس مزاج زعاماتها.
وكانت مصادر صحافية قد تحدثت عن أن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني يقود جهودا عربية من أجل توحيد المواقف بشأن القضية الفلسطينية.
وأضافت المصادر أن هذه الجهود قد تنتج عنها مصالحة بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد خلافات أخيرة بينهما.
وكان عباس نسق مع العاهل الأردني قبل اتصال الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالرئيس الفلسطيني الجمعة، كما تواصل الزعيمان مرة أخرى السبت لوضع العاهل الأردني في صورة المكالمة الهاتفية التي جرت مع ترامب.
العرب اللندنية