تونس – بعد اتساع رقعة الاحتجاجات السلمية في تونس لتشمل مناطق مختلفة من أنحاء البلاد للمطالبة بالتنمية وتوفير فرص عمل للعاطلين، دعت مجموعة من الأحزاب إلى عدم توظيف التحركات الأخيرة التي تشهدها مختلف محافظات البلاد سياسيا معلنين عن تفهمهم لمشروعية المطالب المرفوعة ومطالبين بفسح المجال لحكومة الوحدة الوطنية للعمل.
في المقابل أكدت أحزاب أخرى في بيانات لها مساندتها لهذه التحركات المطالبة بالتنمية والتشغيل منبهة الحكومة من خطورة إطلاق ما وصفوه بـ”الوعود الزائفة وسياسة التسويف والمماطلة”.
ولا تزال محافظة تطاوين جنوب البلاد تعيش على وقع الاحتجاجات والاعتصامات للعاطلين عن العمل بعد إضراب عام نظمه الأهالي الثلاثاء الماضي، لدفع السلطة المركزية في العاصمة لإيجاد حلول عاجلة لمشاكل المحافظة وفي مقدمتها البطالة.
وتشهد تطاوين، التي تمثل ثلث مساحة البلاد، أكبر نسبة بطالة مقارنة بباقي الولايات حيث تفوق الـ30 بالمئة.
ويطالب الأهالي بشكل أساسي برفع عدد الانتدابات في الشركات البترولية في الجهة وتخصيص نسب من عائداتها المالية لمشاريع اجتماعية في المحافظة.
وانتقلت عدوى الاحتجاجات لتطال محافظات أخرى من بينها الكاف والقيروان وقفصة والمهدية وسيدي بوزيد والقصرين.
وجددت الكتلة البرلمانية لحزب حركة نداء تونس دعمها لحكومة الوحدة الوطنية مؤكدة أهمية توفير المساندة السياسية اللازمة لحكومة يوسف الشاهد.
ودعت إلى الابتعاد عن محاولات خلق أزمات وهميّة بين حركة نداء تونس و حكومة الوحدة الوطنية داعية الأحزاب المشاركة في الحكومة إلى ضرورة تفعيل آلية التضامن الحكومي التي تفرضها الأرضية المشتركة لوثيقة قرطاج.
مطالب المحتجين تتركز على تحسين ظروف العيش ودعوة الحكومة إلى تفعيل تعهداتها بإطلاق مشاريع للتنمية تأخر تنفيذها منذ سنوات وإيجاد تسويات مع عدة مؤسسات في المحافظات الداخلية مهددة بالإفلاس والإغلاق
من جهته دعا نورالدين البحيري رئيس كتلة حركة النهضة بمجلس نواب الشعب السبت جميع الأطراف إلى فسح المجال لحكومة الشاهد للعمل ودفع عجلة التنمية بالبلاد قائلا إن حركة النهضة “تتفهم المطالب الاجتماعية المشروعة للمحتجين في الجهات، وتحيّي المحتجين على التزامهم بالنضال السلمي ورفضهم للانجرار وراء الدعوات للصدام مع مؤسسات الدولة”.
وتتركز مطالب المحتجين على تحسين ظروف العيش ودعوة الحكومة إلى تفعيل تعهداتها بإطلاق مشاريع للتنمية تأخر تنفيذها منذ سنوات وإيجاد تسويات مع عدة مؤسسات مهددة بالإفلاس والإغلاق.
وينص دستور تونس الجديد الصادر بعد الثورة عام 2014 بالتمييز الإيجابي لمصلحة المحافظات الأكثر فقرا وتهميشا. لكن المحتجين يقولون إن الفجوة الاقتصادية لا تزال واسعة بين المحافظات الساحلية وباقي المحافظات الداخلية.
وتعاني تونس من صعوبات اقتصادية منذ 2011 حيث لم يتجاوز النمو الاقتصادي على مدار السنوات الأخيرة 1 بالمئة.
وحتى الآن حافظت الاحتجاجات على طابعها السلمي. وقد حذرت أحزاب سياسية من خطورة الانزلاق إلى الفوضى في ظل الوضع الأمني الدقيق الذي تمرّ به تونس.
وفي المعارضة عبر الإتحاد الوطني الحر عن مساندته المطلقة وتضامنه الكامل مع المحتجين بمختلف شرائحهم الاجتماعية، مسجلا تفهمه لكلّ المطالب المشروعة. كما أكد في الآن نفسه دعمه لتحركات طلبة الحقوق المحتجين وسط العاصمة مطالبا الحكومة بالاستماع إلى طلباتهم المشروعة لافتا النظر إلى مدى خطورة الوضع الاجتماعي والاقتصادي بالبلاد.
وطالب الحكومة بتقدير الوضع والتوقف فورا عن إطلاق الوعود الزائفة والبرامج الوهمية، ومصارحة الشعب بحقيقة الوضع مؤكدا في الآن نفسه ضرورة التمسك بسلمية المظاهرات والاحتجاجات، وعدم توظيفها من قبل أجندات معادية لتونس ولأمنها.
كما حذر من خطورة تسليط أيّ شكل من أشكال الرقابة على وسائل الإعلام الناقلة لهذه الاحتجاجات داعيا في الآن نفسه عدم الالتجاء إلى العنف ضد المحتجين أو محاولة قمعهم.
من جهته أكد حزب المبادرة متابعته بانشغال كبير تنامي ظاهرة الاحتجاجات في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد اقتصاديا واجتماعيا مؤكدا في الآن نفسه تفهمه لمشروعية مطالب سكان المناطق الداخلية المحرومة في التشغيل والتنمية.
ودعا إلى ضرورة أن تبقى هذه الاحتجاجات سلمية مهيبا في الآن نفسه بحكومة الوحدة الوطنية بأن تدرس بعمق المطالب المرفوعة من قبل المحتجين وفق رؤية إستراتيجية وطنية شاملة تستجيب لتطلعات الشباب وأبناء المناطق الأقل حظا في التنمية.
وفي هذا الإطار طالب الحكومة باتخاذ خطوات أوضح وأسرع في هذا الصدد حتى تعود الأوضاع إلى حالتها الطبيعية داعيا الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج والأحزاب الأخرى الممثلة في مجلس نواب الشعب إلى الجلوس حول طاولة الحوار مع الحكومة لتدارس الإشكاليات المطرحة والخروج بحلول توافقية.
كما شدد على رفضه لكل أشكال التوظيف الحزبي الضيق لهذه الاحتجاجات داعيا الجميع للتعقل في هذا الظرف الحساس مؤكدا أن الخلاص يكمن في إثبات مبدأ الوحدة الوطنية وجمع كل القوى الحية انطلاقا من إقرار المصالحة الوطنية الشاملة ووضع مصلحة تونس فوق كل اعتبار.
أما الحزب الجمهوري فقد أكد على شرعية مطالب المحتجين كما دعا الحكومة للإسراع في فتح ملفّي التشغيل والتنمية الجهوية وعرض خططها التنموية على الرأي العام.
من جهة أخرى تطرق إلى احتجاجات طلبة الحقوق وطالب الحكومة بمواصلة التفاوض والتشاور بين مختلف المتدخلين والمعنيين بالأمر عدد 345 بما يتماشى مع مصلحة الطلبة من ناحية والرؤية الإصلاحية لقطاع القضاء من ناحية أخرى.
وعرفت الأيام الماضية احتجاجات لطلبة الحقوق تنديدا بالمنشور الذي جاء لربط المشاركة في مناظرة الالتحاق بالقضاء بالحصول على شهادة الماجستير.
العرب اللندنية