لماذا اختارت واشنطن التصعيد ضد الحشد الشعبي؟

لماذا اختارت واشنطن التصعيد ضد الحشد الشعبي؟

يثير التصعيد الأميركي المفاجئ ضد قوات الحشد الشعبي في العراق تساؤلات عما إن كان يندرج في إطار المواجهة المفتوحة مع إيران عبر أذرعها، وخيارات واشنطن للتمدد في العراق على حساب إيران، وموقف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي ربما تتجه بلاده لأن تكون مسرحا لمواجهة إيرانية أميركية لا يعرف مداها.
أحدث حلقات الهجوم الأميركي على الحشد تمثل في تأكيد الناطقة باسم الخارجية الأميركية هيذر ناورت أن أبو مهدي المهندس الذي يشغل نائب قائد الحشد الشعبي “هو شخص إرهابي تم إدراجه في قوائم الإرهاب من قبل الولايات المتحدة عام 2009”.
وتعود أسباب تصنيف المهندس إلى دوره بتفجير السفارتين الأميركية والفرنسية في الكويت عام 1983، حيث حكم عليه بالإعدام في الكويت رغم أنه تمكن من الفرار إلى إيران، كما يتهم المهندس بالضلوع في محاولة لاغتيال أمير الكويت السابق جابر الأحمد الصباح عام 1986، ويعتبر المهندس مطلوبا للكويت، كما أنه موضوع على قوائم الإنتربول الدولي للمطلوبين.

وسبق هذا التصنيف الأميركي مطالبة وزير الخارجية ريكس تيلرسون الأسبوع الماضي قوات الحشد التي شاركت في دحر تنظيم الدولة الإسلامية بالعودة إلى إيران.

حرب التصريحات
الجدل وتبادل التصريحات بين بغداد وواشنطن جاءا أولا على لسان العبادي الذي أعلن رفضه تصريحات تيلرسون، كما رد وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف باستغراب على تصريحات نظيره الأميركي، متسائلا عن المكان الذي سيغادر إليه العراقيون الذين يشكلون الحشد، كما قال.

ولفتت أنظار المراقبين الزيارة المفاجئة وغير المعلنة لتيلرسون إلى بغداد الاثنين الماضي، والتي التقى خلالها العبادي وكانت قضية الحشد الشعبي على رأس مباحثات الطرفين، وهو ما أظهره التصريح الصادر عن مكتب العبادي الذي امتدح قوات الحشد واعتبرها “أمل العراق والمنطقة”.
أما المتحدثون وقادة الحشد الشعبي فذهبوا أبعد من ذلك بدعوتهم القوات الأميركية إلى الرحيل فورا عن العراق.

وردا على تصريحات ناورت اعتبر المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية العراقية أنها مستغربة و”مناقضة للواقع”، وقال إن المهندس “هو نائب رئيس هذه الهيئة المقاتلة والمقرة قانونا من مجلس النواب وقد قدمت التضحيات الكبيرة في معركة العراق ضد الإرهاب”.

وفي الوقت الذي تعبر فيه أوساط سياسية عن فهمها سياق التصعيد الأميركي ضد إيران الذي ينطلق من عدم رضا ترمب عن اتفاق إدارة سلفه باراك أوباما النووي معها إلا أن التصعيد معها داخل العراق بدا مختلفا، فالتنسيق الأميركي الإيراني في العراق لم يعد سرا، وهناك تفاهمات غير معلنة على حدود عمل كل طرف، وهو ما ظهر بوضوح مؤخرا في التفاهم بين الطرفين فيما يتعلق بالسيطرة على محافظة كركوك والتي تمت دون إراقة دماء كونها جاءت في إطار تنسيق بين الطرفين.

لكن هناك من يربط التصعيد بأن واشنطن وبعد أن حسمت معركة تنظيم الدولة تتجه إلى الحد من النفوذ الإيراني في العراق، وأن التصعيد ضد الحشد ربما ينتهي لحل المليشيات المرتبطة بإيران، إضافة إلى تجريم أي قوات تعبر الحدود إلى سوريا واعتبارها خارجة عن القانون العراقي.

ترتيبات جديدة
ولا يخفى سياق هذه التطورات مع نجاح جهود تقريب العراق من الدول العربية القريبة من واشنطن، فهي جاءت في خضم القمة العراقية السعودية الأسبوع الماضي، وما تبعها من لقاءات للعبادي في القاهرة وعمّان، وإن كان هذا السياق يدفع بالعراق أكثر بعيدا عن طهران فإنه يطرح تساؤلا عن دور الأطراف مجتمعة في الإستراتيجية الأميركية الجديدة، وهل هي فعلا جزء من ترتيبات لمشهد إقليمي جديد.

كما يرى مراقبون أن واشنطن ربما تتجه لمواجهة إيران عبر أذرعها الأقوى في المنطقة، ويربط هؤلاء التصعيد ضد الحشد الشعبي بتصعيد واشنطن ضد حزب الله اللبناني في معركة تشريعات ولوائح الإرهاب.
لكن السؤال يبقى إن كانت واشنطن ستنتقل من التهديدات والتصريحات للأفعال ربما عبر “تصفية الإرهابيين”، أو حتى المواجهة العسكرية مع أذرع إيران، وموقف الحكومة العراقية ورئيسها الذي يجد نفسه وهو ينتقل من إطار الدعم الإيراني الأميركي إلى الوقوع في كماشة ضغوط الطرفين عليه، مع تساؤلات عن إمكانية صموده في مواجهة قد تتحول بلاده إلى ساحة لها.

المصدر : الجزيرة + وكالات