ايرادات النفط السعودي لا تكفي لسد رواتب مواطنيها ..

    تعاني المملكة العربية السعودية أكبر دولة مُصدرة للنفط في العالم تراجعا حادا في إيراداتها المالية، نتيجة تراجع أسعار النفط الخام ، وسوء الادارة والتخطيط .
وبحسب خبراء سياسيين واقتصاديين، فإن القرارات الاقتصادية في المملكة يتم اتخاذها بناءً على تقديرات وحسابات خاطئة، ومعظمها كانت سياسية أكثر منها اقتصادية، مما يضر بالاقتصاد السعودي بشكل كبير.
واكد الخبراء ان سياسة الحكومة زادت في تفاقم الأوضاع الاقتصادية، مثل التوسع في سياسة الاقتراض الخارجي، وتقليص الإنفاق الحكومي، ورفع الدعم عن السلع الأساسية وتحديدًا المياه والكهرباء، وفرض رسوم وغرامات جديدة على الحجاج والمغتربين، وزيادة الضرائب على السلع بنسب وصلت على بعضها إلى 100% في بعض السلع.
ومما يزيد في صعوبة الوضع الاقتصادي في المملكة أن متخذي القرار الاقتصادي يفاقمون من الأزمات ولا يعالجونها، بالإضافة الى عدم وجود إصلاحات اقتصادية ملموسة، وسلبية البيئة الاستثمارية، خاصةً مع تصاعد الأزمات الجيوسياسية في المنطقة، وتزايد إنفاق المملكة العسكري بسبب الحروب التي تخوضها في عدد من الدول المجاورة، وخاصة اليمن وسوريا.
وصرح ولي العهد محمد بن سلمان عندما كان وليا لولي العهد في ” 5/3/2017″ لقناة روسيا العربية : ان المملكة ثالث دولة في العالم تنفق على التسليح العسكري، والذي بلغ بين 50 إلى 70 مليار دولار سنويا ، مشيرا إلى أن السعودية تستورد معظم المعدات والأسلحة من الخارج، وتدعم قطاع التصنيع العسكري في السلاح الصغير والهياكل وقطع الغيار لأنواع معينة من السلاح، مما يعني ان ” 99% ، من الإنفاق العسكري يكون خارج المملكة”.
وفي السياق ذاته اكد وزير المالية السعودي محمد الجدعان ، ان المؤشرات الاقتصادية للسعودية ، تؤكد دخوله بأزمة مالية حقيقية خلال السنوات الخمسة المقبلة، مبينا ان ايرادات النفط التي قيمتها 329 مليار ريال فقط لا تكفي لسد رواتب الموظفين سنويا والتي تقدر بـ 480 مليار ريال، وهذا يعني ان واردات النفط السعودي وحدها لا تكفي لدفع الرواتب .
واشار الجدعان الى انه لو حسبنا 200 مليار ريال ايرادات اخرى، مضافة الى ايرادات النفط ،
200+ 329 = 529 مليار ريال سعودي فانها ستكون كافية للرواتب ، ولكنها غير كافية للصيانة ، والاستثمارات.
وقال ان التشغيل الحكومي = 200 مليار ريال سنويا ، لو اضفناها للمعادلة البسيطة السابقة .
529 + 200 مليار تكاليف صيانة لبلغت النفقات 729 مليار سنويا، وهذا يشير انهيار المنظومة الاقتصادية التي تنعكس سلبا على باقي مجالات الحياة في السعودية وبخاصة السياسية والاجتماعية.
ومما يؤكد انهيار المنظومة الاقتصادية للمملكة انها لم تتحدث في خططها المستقبلية عن اي مشاريع استثمارية تنموية، تزامننا مع رفع الدعم عن كثير من القطاعات، التي ستكون سلبية بشكل مباشر على حياة المواطن، مما يعني ان المملكة ستعيش في مأزق حقيقي خلال خمس السنوات المقبلة.
الواقع الاقتصادي للمملكة، في السنوات القليلة القادمة، صعب جدا، على المواطن وعلى المؤسسات، وحتى على الوافدين …
واضاف الجدعان ان الارقام المعلنة في برنامج تحقيق التوازن المالي، الذي وضعته الدولة ، في استحصالها على رسوم بسبب” رفع الدعم ” وحصولها على اكثر من 300 مليار ريال، ليست مصدرا جديدا للدخل ولا استثمارا ولا ايرادات اضافية، بل انها استقطاع من داخل الاقتصاد السعودي، تحملها المواطن او الشركات او الوافدين.
واشار الى برنامج حكومي لتخفيف اثر انهيار المنظومة الاقتصادية للمملكة على الطبقات المتوسطة والفقيرة تقدر بحوالي 70 مليار ريال، مؤكدا انها دون جدوى لان المواطن سيتضرر سلبا جراء الواقع الاقتصادي الصعب، ولن تعوضه عن فرق ارتفاع الاسعار.
ومن الاثار الاقتصادية للتراجع الحاد في الايرادات.
• تباطوء حاد في النمو الاقتصادي .
• اقفال شركات كبيرة ابوابها خاصة بعد الغاء الدعم وفرض الرسوم على العمالة.
• سيعيش المواطن السعودي بتقشف، بجميع نواحي حياته.
• زيادة تكلفة الماء والكهرباء بشكل كبير على المواطن بسبب الغاء الدعم الحكومي عن السلع الأساسية .
• انخفاض معدل المستوى المعيشي، وبالتالي وانخفاض القوى الشرائية بحوالي 30% خلال السنوات الخمسة المقبلة .
• تباطؤ نمو القطاع الخاص، وانخفاض القوة الشرائية.
• مغادرة اعداد كبيرة من الوافدين تقدر ب 2-3 مليون خلال السنوات الخمسة المقبلة مما ينعكس سلبا على حركة التجارية والاستثمار .
• في القطاع الخاص ستنخفض المبيعات بنسبة 40% ، وسترتفع التكاليف 30% .
واكد الجدعان ان الضرر الاكبر في الاقتصاد السعودي ، هو الصعوبة في ايجاد الوظائف خلال السنوات المقبلة،ويجب على المملكة ترك السلوكات الخاطئة التي تضر بمصلحتها الاقتصادية وتنعكس سلبا على جميع الاصعدة في المملكة.
وتقول مصادر اقتصادية ان السعودية تفقد 96 مليار دولار من احتياطاتها النقدية كل عام واحد ، من خلال التراجعات التي حصلت في الاصول الاحتياطية الاجنبية :
فقد تراجعت الأصول الاحتياطية الأجنبية لمؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي)، بنسبة 0.5%، على أساس شهري نهاية سبتمبر/أيلول 2016، إلى 1819.6 مليار ريال سعودي (485.2 مليار دولار).
ووصلت الأصول الاحتياطية الأجنبية للمملكة 1828.7 مليار ريال (487.7 مليار دولار) في أغسطس/آب 2017.
ووفق إحصاءات شهرية ( البنك المركزي ) السعودي، المعلنة على موقعها الإلكتروني، الأحد 29 أكتوبر/تشرين الأول، تراجعت احتياطاتها الشهر الماضي بنسبة 12.4% على أساس سنوي، هبوطاً من 2078.2 مليار ريال (554.2 مليار دولار) في سبتمبر/أيلول 2016.
وتتكتم السعودية عن توزيع الاصول الاجنبية او طبيعة الأصول الاحتياطية الأجنبية جغرافياً، إلا أن وزارة الخزانة الأميركية تعلن شهرياً استثمارات الدول في أذون وسندات الخزانة لديها، والسعودية من بينها حيث بلغت استثماراتها 137.9 مليار دولار في أغسطس/آب الماضي.

وتراجعت الأصول الاحتياطية للسعودية نهاية 2016، بنسبة 13%، إلى 2.011 تريليون ريال (536.4 مليار دولار)، هبوطاً من 2.312 تريليون ريال (616.4 مليار دولار) نهاية 2015.

وقد كانت موازنة السعودية لعام 2017، بعجز مُقدر قيمته 198 مليار ريال (52.8 مليار دولار)، متمثلة بإجمالي نفقات تبلغ 890 مليار ريال (237.3 مليار دولار)، مقابل إيرادات قيمتها 692 مليار ريال (184.5 مليار دولار)،
في سياق متصل، تراجعت تحويلات الأجانب في السعودية خلال أول تسعة أشهر من العام الحالي بنسبة 8.9 %، إلى 103.4 مليارات ريال (27.6 مليار دولار)، مقابل 113.4 مليار ريال (30.3 مليار دولار) خلال الفترة المناظرة من العام الماضي.
وفقاً لبيانات البنك الدولي، تعد المملكة ثاني أكبر دولة في العالم بعد الولايات المتحدة من حيث حجم تحويلات الأجانب في العام الماضي.

وارتفعت تحويلات الأجانب في السعودية إلى مستوى قياسي عام 2015، عند 41.8 مليار دولار، فيما تراجعت في 2016 إلى 40.5 مليار دولار.

من جهة أخرى ارتفعت موجودات (أصول) البنوك في السعودية بنهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، بنسبة 1.5% على أساس سنوي، إلى 2283.1 مليار ريال (608.8 مليارات دولار).
كانت أصول البنوك قد بلغت 2249.1 مليار ريال (599.8 مليار دولار) بنهاية سبتمبر/أيلول 2016.
ويضم القطاع المصرفي السعودي 12 بنكاً محلياً مدرجاً في البورصة السعودية وفروعاً لـ13 بنكاً أجنبياً.
وأظهرت الإحصاءات الشهرية لمؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) ، ارتفاع الودائع البنكية بنهاية الشهر الماضي، بنسبة 1.3%، إلى 1602.8 مليار ريال (427.4 مليار دولار).
وتراجع القروض البنكية بنسبة 1.5%، إلى 1408.5 مليارات ريال (375.6 مليار دولار) بنهاية الشهر الماضي.

ومن مؤشرات الازمة الاقتصادية التي تعيشها السعودية تراجع البورصة السعودية، اذ تراجعت القيمة السوقية لملكية المستثمرين الأجانب في البورصة السعودية، الأسبوع الماضي، بنسبة 2.1 % مقارنة بالأسبوع السابق له.

وبحسب النشرة الاسبوعية للبورصة، بلغت حصة المستثمرين الأجانب في البورصة 18.43 مليار دولار انخفاضا من 18.83 مليار دولار في الأسبوع السابق له.
وهذا يعني انخفاض حصة المستثمرين الأجانب بقيمة 398 مليون دولار الأسبوع الماضي، بنسبة 2.1%، اي انخفاض القيمة السوقية الإجمالية للأسهم المدرجة في البورصة السعودية بنحو سبعة مليارات دولار إلى 435.2 مليار دولار، مقابل 442.2 مليار دولار في الأسبوع السابق له.

وتصنف حصص المستثمرين الأجانب في البورصة السعودية الى خمسة أصناف، وهي:
• اتفاقيات المبادلة.
• المستثمرون المقيمون.
• المستثمرون المؤهلون.
• المحافظ المدارة.
• الشركاء الاستراتيجيون في الشركات.

ويذكر ان السعودية سمحت في منتصف 2015، للمستثمرين من المؤسسات الدولية بشراء الأسهم المحلية مباشرة، بهدف جذب مزيد من رؤوس الأموال الأجنبية، وتقليل اعتمادها على عائدات النفط، وتسريع انضمامها إلى مؤشر “MSCI” للأسواق الناشئة، لكنها لم تغيير كثيرا من واقع السوق السعودي.
مما ذكر نستنتج أن مختلف القطاعات الاقتصادية في السعودية تعاني بشكل كبير ازمة مالية، وتتعرض لخسائر باهظة، بسبب التخطيط الاقتصادي الخاطئ ، مما ينعكس على الإنتاج، وزيادة نسبة البطالة و تسريح العمالة، خاصة في قطاع الإنشاءات والمقاولات، والقطاع الخاص ، وان تقليص الإنفاق الحكومي على هذه القطاعات أثر بالسلب فيها، وهو ما يؤكد خلل التقديرات في اتخاذ القرارات الاقتصادية، الذي يمكن ان ينسحب على قرارات حكومية في مجالات حياتية متعددة، تسرع من انهيار اكثر من منظومة حكومية ومجتمعية في الاقتصاد والتعليم ومستوى المعيشة والتوظيف وتراجع القوة العسكرية لعدم القدرة على تلبية احتياجاته في ظل تراجع الموارد الاقتصادية واتساع عملياته في اكثر من دولة عربية واقليمية.