وجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الأيام الأخيرة انتقادات عديدة إلى رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي جيروم باول الذي عينه قبل أشهر في هذا المنصب، واتهمه بأنه يعقد عمله عبر زيادة معدلات الفائدة.
وكرر ترامب هذه الانتقادات في مقابلة مع وكالة «رويترز»، رفض خلالها تأكيد تأييده لاستقلالية المؤسسة التي تقوم بمهام البنك المركزي، وهو موقف يمكن أن يثير قلق أسواق المال. وقال «لست سعيداً جداً بزيادة معدلات الفائدة، لا لست سعيداً بذلك».
ورداً على سؤال عما إذا كان يؤيد استقلالية الاحتياطي الفيديرالي، صرح ترامب «أؤمن باحتياطي فيديرالي يفعل ما هو مناسب للبلاد».
واتهم ترامب أيضاً الاتحاد الأوروبي والصين بالتلاعب بعملتيهما مشيراً إلى أن بكين تضعف اليوان لتخفيف تأثير الرسوم الجمركية الأميركية.
وبعد هذه التصريحات سجل الدولار تراجعاً في آسيا.
وخلال عشاء لجمع أموال الجمعة، قال ترامب إنه كان يتوقع أن يكون باول رجلاً «يحب المال غير المكلف»، ملمحاً إلى أنه شعر بخيبة أمل من زيادة معدلات الفائدة، كما نقل مشاركون في الحفل في تصريحات نقلتها صحيفة «وول ستريت جورنال» ووكالة «بلومبرغ نيوز».
وكان ترامب صرح قبل شهر تقريباً أنه «ليس سعيداً جداً» بقرار الاحتياطي الفيديرالي رفع معدلات الفائدة.
وكان الاحتياطي الفيديرالي رفع مع تحسن الاقتصاد الأميركي، معدل الفائدة الأساسي سبع مرات منذ كانون الأول (ديسمبر) 2015، بينها مرتان هذه السنة في عهد رئيسه الحالي جيروم باول. ويتوقع أن يرفع المعدلات مجدداً مرتين في 2018.
وأكد باول في مقابلة إذاعية في منتصف تموز (يوليو) أنه ليس مهتماً بالضغط الذي يمارس عليه لتغيير سياسته. وقال «لا نولي الاعتبارات السياسية أي اهتمام». وأضاف: «لم يقل لي أحد في الإدارة شيئاً يمكن أن يثير قلقي في هذا الشأن».
وكان ترامب عين في شباط (فبراير) الماضي جيروم باول على رأس الاحتياطي الفيديرالي بعدما رفض أن يبقى لولاية ثانية جانيت يلين التي انتقدته خلال حملته لانتخابات 2016. وقد اتهمها بالإبقاء على معدلات فائدة منخفضة لدعم معارضيه.
وعادة، لا يتناول السياسيون الأميركيون سياسة الاحتياطي الفيديرالي لأن ذلك يمكن أن يثير مخاوف من إخفاق المصرف المركزي في الحد من زيادة التضخم. لكن إدارة ترامب خارجة عن المألوف.
وقال كارل هيلينغ لفرانس برس إن انتقادات ترامب للاحتياطي الفيديرالي «أثارت اهتماماً كبيراً» لكنها لم تحرك فعلياً أسواق الأسهم والسندات.
وأضاف «حتى الآن، لا يعتقد الناس أن ذلك سيغير سياسة الاحتياطي الفيديرالي، على الأقل في اجتماعه في أيلول (سبتمبر)» المقبل.
لكن ديفيد غيلمور المحلل في مركز «فورين أيكستشنج أناليتيكس» يرى أن انتقادات ترامب «كانت بالتأكيد من العوامل المؤثرة» على أسواق الصرف. وأضاف «لكن لا أعتقد أن باول سيتأثر بذلك».
وانخفض مؤشر سعر الدولار في شكل طفيف بعدما نشرت «وول ستريت جورنال» و «بلومبرغ» مقاليهما، لكن التراجع أصبح أكبر مع نشر المقابلة التي أجرتها وكالة رويترز.
وأوضح باول أسباب السياسة التي يتبعها الاحتياطي الفيديرالي منذ حزيران (يونيو) عندما دخل ارتفاع معدل الفائدة الأساسية حيز التنفيذ.
وقال إن المعدلات تبقى منخفضة «لكننا نعتقد أن العودة إلى معدلات فائدة بمستوى عادي مع تحسن الاقتصاد هي أفضل طريقة يستطيع من خلالها الاحتياطي الفيديرالي مساعدة بيئة دائمة يمكن أن تزدهر فيها العائلات والشركات».
ومع ارتفاع معدل الفائدة، ارتفع سعر الدولار إذ أن المستثمرين قاموا بضخ الأموال في البلاد سعياً لتحقيق عائدات كبيرة.
وهذا يجعل الصادرات الأميركية أغلى ثمناً والواردات أرخص ويمكن أن يؤدي إلى زيادة العجز التجاري الأميركي، أي عكس ما يسعى إليه ترامب في سياساته التجارية التي فرض في إطارها عشرات الملايين من الدولارات على السلع الصينية.
لكن هذه السياسات التجارية التي ستؤثر الخميس على منتجات صينية بقيمة 50 بليون دولار، وكذلك الألمنيوم والفولاذ، تضعف العملة الصينية.
ومنذ حزيران، انخفض سعر العملة الصينية الرينمينبي بنسبة سبعة في المئة وبلغ 6,85 يوان مقابل الدولار، أي أدنى مستوى منذ أيار(مايو) 2017.