وصل الرئيس العراقي، برهم صالح، إلى الكويت، اليوم الأحد، في مستهل جولة خليجية هي الأولى له منذ توليه منصبه أوائل أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تشمل الإمارات وعدة دول. وقال بيان صادر عن الرئاسة العراقية، “وصل سيادة رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح، صباح اليوم الأحد، إلى دولة الكويت في زيارة رسمية تهدف إلى تعزيز سبل التعاون بين البلدين الشقيقين”. وأضاف البيان، “كان على رأس مستقبلي سيادته، أمير دولة الكويت سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، ورئيس مجلس الأمة مرزوق علي الغانم، وعدد من الوزراء وشيوخ الدولة”.وأشار البيان إلى أن “هذه الزيارة تأتي تلبية لدعوة من أمير الكويت في إطار تعزيز العلاقات والتعاون بين البلدين الشقيقين، فضلا عن بحث الملفات المشتركة بين العراق والكويت”.وضم الوفد العراقي وزير الخارجية محمد علي الحكيم والصناعة صالح الجبوري، وعدد من المسؤولين والمستشارين والخبراء، بحسب البيان.وأوضحت الرئاسة العراقية، في وقت سابق، أن “الجولة الخليجية لرئيس الجمهورية، ستشمل دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، بالإضافة إلى عدد من الدول المجاورة لها”، مشيرة إلى أن “الجولة تهدف إلى سعي العراق نحو بناء أفضل العلاقات مع عمقه العربي والخليجي، والتعاون مع أشقائه في إرساء قواعد حسن الجوار والتكامل الاقتصادي والإنمائي والنهوض الثقافي المشترك بما يخدم شعوب المنطقة ويعزز مفاهيم التعاون الدولي”.
وفي قصر بيان بحث الرئيس العراقي برهم صالح مع أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح سبل تعزيز الجهود المبذولة في مكافحة الإرهاب والقضاء عليه. وقال وزير الديوان الأميري علي الجراح الصباح، في تصريح صحفي، إن المباحثات تناولت العلاقات الثنائية التي تربط البلدين وتعزيزها وتنميتها في مختلف المجالات وسبل دعم أمن واستقرار العراق لتحقيق وحدة وسلامة أراضيه. وأضاف أن الطرفين بحثا “القضايا ذات الاهتمام المشترك وآخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، وسط أجواء ودية تعكس روح الأخوة”.
ونقلت صحيفة “الرأي” الكويتية، عن الرئيس العراقي برهم صالح، أن زيارته “ستشهد تسليم دفعة من الممتلكات والأرشيف الكويتي الموجود في خزائن الخارجية العراقية، على أن يتم تسليم بقية تلك الممتلكات على دفعات لاحقة ومتتابعة، كجزء من بادرة حسن النية لدى العراق تجاه دولة وشعب الكويت الشقيق”.وأضاف “صالح”، عشية وصوله الكويت، أن زيارته “تأتي في إطارها الطبيعي، (باعتبار العراق والكويت) دولتين جارتين شقيقتين تجمعهما أواصر العلاقات التاريخية الوثيقة والأخوة الحقيقية والتطلعات المشتركة نحو المستقبل الزاهر بين البلدين”.وأردف “للكويت أمير حكيم وقدير هو سمو الشيخ صباح الأحمد، يشرفني الاجتماع به لبحث سبل التعاون المشترك وفتح آفاق التكامل والإنماء بين بلدينا وشعبينا”. وأشار أن العراق يصر على “تجاوز صفحات الماضي المؤلمة، من دون أن ننسى معاناة الشعب الكويتي، وقد تجاوزنا بإصرار شعبنا حقبة النظام الديكتاتوري المعتدي على جيرانه”.وانقطعت العلاقات تمامًا بين البلدين، عندما اجتاح العراق برئاسة الرئيس الراحل صدام حسين، الكويت واحتلالها لعدة أشهر، قبل أن تخرج القوات العراقية تحت وطأة حملة عسكرية دولية.
وقال مسؤول عراقي حكومي في بغداد، إن الزيارة متفق عليها بين رئيس الحكومة وبرهم صالح خلال اجتماع جرى مؤخرا بينهما، والملف الأبرز هو إبلاغ دول الخليج أن العراق لا يرغب بأن يكون في أي محور من محاور الأزمة الخليجية أو الصراع الأميركي الإيراني بالمنطقة، وأنه “قرر أن يكون على مسافة واحدة من الجميع، وأن يتم طمأنة بعض الأطراف الخليجية من أن الحكومة الجديدة خاصة، والرئاسات الثلاث في البلاد عامة (الجمهورية والبرلمان والحكومة) “غير محسوبة على أي فاعل إقليمي”، في إشارة إلى إيران. وأكد المتحدث ذاته أن الرئيس العراقي سيحاول الحصول على إنجازات في زيارته من خلال الحصول على دعم للمدن العراقية المدمرة من الدول الخليجية التي اختار أن يبدأ بها جولته ضمن رسالة سياسية أيضا.
وكان برهم صالح لفت في مقال نشر في الصحافة الدولية عن رؤيته للإصلاح الداخلي في العراق وعلاقاته الإقليمية، إلى أن «المرحلة الجديدة قد تكون لحظة انعطاف تسجل في تاريخ العراق»، لافتاً إلى أنه «على رغم أن العملية السياسية منذ عام 2003 وحتى اليوم حققت منجزات، خصوصاً على مستوى البناء الديموقراطي، لكن العراقيين واجهوا في المقابل عدداً من التحديات والأخطار التي نجمت في الغالب عن الخلل البنيوي في منظومة الحكم والصراعات الداخلية التي يغذيها الفساد والتجاذبات الإقليمية والدولية التي دفعت بالعراق لينتقل من أزمة خطرة إلى أخرى».
وأشار إلى أنه في الوقت الذي نجح العراق وبالتعاون الإقليمي والدولي في دحر «داعش»، فإن «استحقاقات اجتثاث الإرهاب من جذوره ما زالت تستدعي مزيداً من التعاون الإقليمي والدولي، بوصفها قضية تخص الأمن والسلم الدوليين، فالعمل على استقرار العراق سيعزز الإرادة الجدية في العمل على استقرار منطقة الشرق الأوسط، ولا يمكن القضاء على الإرهاب من دون استقرار العراق واخذ دوره الطبيعي في المنطقة».
وأكد برهم صالح أن «مصلحتنا الوطنية تكمن في حسن الجوار واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ورفض سياسة المحاور، والتمسك بالدور العراقي المحوري في بناء منظومة أمن إقليمي يستند إلى الاحترام المتبادل للسيادة وحقوق شعوب المنطقة، وأن التعاون والتكامل الاقتصادي والثقافي والأمني والإنمائي، هي مفاتيح أساسية للنهوض بمنطقة الشرق الأوسط برمتها، عبر استبدال لغة الخلاف بالاتفاق، والتناحر بالتعاون، والبناء على المشتركات، قبل الوقوف أمام الخلافات».
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية