التنافس بين إيطاليا وفرنسا يشلّ مسار الحل في ليبيا

التنافس بين إيطاليا وفرنسا يشلّ مسار الحل في ليبيا

قللت أوساط سياسية ليبية من سقف التفاؤل بالنتائج التي يمكن أن ينتهي إليها المؤتمر الدولي الذي يبدأ أعماله، الاثنين، في باليرمو بإيطاليا بحضور أهم أطراف النزاع المحليين، وعزت ذلك إلى شدة التنافس بين إيطاليا وفرنسا وسعي كل منهما إلى فرض رؤيته لحل يراعي مصالحه.

ولم يعد الصراع بين باريس وروما على الاستئثار بالحل وخلق عملية سياسية مرنة تراعي أجندات الخارج، أمرا خفيا على الأنظار، فقد بدا أن الجهات الليبية المختلفة أصبحت تتحرك وفق هذه الثنائية وتحاول توظيفها لخدمة أجندتها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المبعوث الأممي غسان سلامة.

وقال المحلل الليبي عماد بادي إن إحدى نتائج “التنافس بين روما وباريس″ في الملف الليبي هي “إطلاق مبادرات غير فعالة، ما يزيد من حالة الاستقطاب في المشهد السياسي مع جهات ليبية تدرك ذلك وتقوم باستغلاله”.

وأضاف “في ما يتعلق بمؤتمر باليرمو، من الواضح أن الاستعداد للمشاركة فيه هدفه إيجاد قوة موازية لاجتماع باريس بدلا من الخروج من المأزق السياسي”.

وتقول فيديركا فازانوتي من مؤسسة بروكينغز، رغم أن إيطاليا وفرنسا لديهما “الكثير من المصالح المشتركة في ليبيا مثل الطاقة والهجرة ومكافحة الإرهاب، لكن لديهما وجهات نظر متباينة حول كيفية تحقيق أهدافهما”.

ويقول العديد من الليبيين والمحللين إن الأزمة مستمرة بسبب التنافس بين مختلف الدول الغربية والعربية ذات المصالح المتباينة.

لكن كلوديا غازيني، خبيرة الشؤون الليبية في مجموعة الأزمات الدولية، اعتبرت أنه لا يمكن “اختزال” مؤتمر باليرمو في إطار المنافسة بين باريس وروما.

ودعت إلى “توحيد مواقف الدول المختلفة”، ورأت أنه “من شبه المستحيل التوصل إلى توافق في الظروف الحالية”.

وفي مؤشر على الصعوبات في تقريب وجهات النظر في بلد يعاني من انقسامات وصراعات على السلطة منذ انهيار نظام معمر القذافي عام 2011، أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أن العملية الانتخابية تأخرت ومن المتوقع أن تبدأ في ربيع 2019.

وهذه المرة، يعقد المؤتمر في إيطاليا القوة الاستعمارية السابقة التي لديها روابط تاريخية مع ليبيا البلد الغني بالنفط. وكان آخر اجتماع عقد في باريس في مايو.

وتشعر إيطاليا بقلق بالغ إزاء مشكلة المهاجرين الذين يحاول عشرات الآلاف منهم كل عام الوصول إلى شواطئها انطلاقا من ليبيا حيث ينشط المهربون للاستفادة من الفوضى.

وقال رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي إن “مؤتمر باليرمو خطوة أساسية نحو تحقيق الاستقرار في ليبيا وأمن حوض البحر المتوسط برمته”.

ويشارك ممثلون من دول غربية بينها فرنسا والولايات المتحدة فضلا عن دول عربية في المؤتمر الذي يستمر، الاثنين والثلاثاء، في باليرمو في صقلية في حين لا تزال ليبيا تعاني من انعدام الأمن والأزمة الاقتصادية.

وكما في اجتماع باريس، سيكون هناك على الطاولة الشخصيات الرئيسية في ليبيا من رئيس حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا فايز السراج والمشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق البلاد، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة خالد المشري. كما دعت روما شخصيات بارزة بالإضافة إلى عدد من أعيان القبائل والمجتمع المدني.

وأعرب السراج، الخميس، عن الأمل في أن يخرج المؤتمر بـ”رؤية مشتركة تجاه القضية الليبية”، مشددا على “ضرورة توحيد مواقف” باريس وروما.

وعقب اجتماع باريس، اتهمت روما فرنسا بأنها تريد أن تكون وحيدة في ليبيا التي يحكمها كيانان متنافسان: حكومة السراج المنبثقة من عملية الأمم المتحدة ومقرها طرابلس وسلطات موازية في الشرق يدعمها برلمان منتخب عام 2014 وقوة مسلحة بقيادة المشير حفتر.

وفي باريس، تعهد الزعماء الليبيون بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في العاشر من ديسمبر 2018. لكن هذا الموعد واجه شكوكا خصوصا في روما وواشنطن اللتين اعتبرتا أن الظروف غير مواتية للانتخابات.

وكان ديفيد هايل، الرجل الثالث في وزارة الخارجية الأميركية قال، الخميس، أمام معهد الشرق الأدنى في واشنطن “نؤيد الانتخابات في أقرب وقت ممكن، لكن مواعيد نهائية مصطنعة مع عملية متسرعة ستأتي بنتائج عكسية”.

وفي اليوم نفسه، أكد غسان سلامة مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا أمام مجلس الأمن الدولي أن إجراء الانتخابات قبل نهاية العام الحالي أمر غير ممكن.

وقال سلامة في مؤتمر عبر الفيديو من طرابلس “يجب عقد مؤتمر وطني في الأسابيع الأولى من عام 2019 على أن تبدأ العملية الانتخابية ربيع العام نفسه”.

وفي إيطاليا، قال مصدر دبلوماسي إيطالي إنه لن يتم الإعلان عن أي موعد، كما أنه من “غير المؤكد إصدار بيان ختامي”.

ومن الجانب الليبي، طالما أكد البرلمان الذي يتخذ من الشرق مقرا له، أنه يتمسك “دائما بتنظيم الانتخابات”.

وقال المتحدث باسم حكومة الوفاق الوطني إن السراج سيتوجه إلى باليرمو للدفاع عن أربع قضايا: العملية الانتخابية وقاعدتها الدستورية، وإنهاء “المؤسسات الموازية” وتوحيد الجيش، وكذلك الإصلاحات الاقتصادية والأمنية.

العرب