ارتفعت أسعار النفط أمس الإثنين، لأعلى مستوى لها منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، بسبب مخاوف المضاربين من تداعيات الحرب التي تقودها مليشيات الجنرال خليفة حفتر، المدعومة من روسيا والإمارات والسعودية ومصر، ضد الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً في طرابلس.
وتدور المخاوف من احتمالات أن تؤدي تحركات قوات حفتر لاحتلال طرابلس، إلى صبّ مزيد من الزيت
في الحرب الأهلية المشتعلة قبل خمس سنوات في البلاد، وتعرقل إنتاج وصادرات النفط الليبية إلى الأسواق العالمية.
ومع اقتراب موعد انتهاء مدة الإعفاء التي منحتها واشنطن للدول المستوردة للنفط الإيراني المحظور، وتقلص صادرات النفط الفنزويلية، فإن العقود المستقبلية للخامات، خاصة لشهري مايو/ أيار ويونيو/ حزيران، من المتوقع أن تواصل الارتفاع على المدى القصير، ما لم تلجأ السعودية مرة أخرى لضخّ المزيد من النفط في الأسواق استجابة لضغوط ترامب.
يذكر أن دول “أوبك” والمنتجين خارجها، خفضوا إنتاج النفط بنحو 1.2 مليون برميل يومياً منذ يناير/ كانون الثاني، أمل سحب التخمة النفطية من السوق ودفع أسعار النفط للصعود. كما أن إنتاج النفط الفنزويلي انخفض إلى 550 ألف برميل يومياً خلال مارس/ آذار الماضي.
ومن ثم، فهنالك العديد من العوامل التي تدعم أسعار النفط حالياً، ما لم تحدث متغيرات جيوسياسية في كل من ليبيا وفنزويلا. لكن نشرة “أويل برايس”، ترى أنه في حال دخول حفتر لطرابلس والسيطرة على الصناعة النفطية، فإن أسعار النفط ستتراجع مستوياتها على المدى المتوسط. لأن روسيا ستدعم صناعة النفط الليبية التي لم تتعرض حتى الآن لدمار يذكر، وبعمليات صيانة وإصلاحات بسيطة يمكن رفع الإنتاج قريباً من المستويات التي كان عليها في عهد القذافي.
وعلى الرغم من أن الحرب التي يقودها حفتر في طرابلس ضد الشرعية، بعيدة عن حقول النفط، إلا أن هدفه الرئيسي هو إحكام السيطرة على الصناعة النفطية التي تديرها حالياً شركة النفط الوطنية، التابعة للحكومة الشرعية في طرابلس، وبالتالي حرمانها من الدخل النفطي الليبي حسب مراقبين.
ولتحقيق هذا الهدف لا يستبعد خبراء بنشرة ” أويل برايس”، أن تستهدف قوات حفتر في أي لحظة حقل الشرارة الليبي الأكبر في ليبيا، وميناء الزاوية الذي يصدر أكبر كميات من النفط. ومن ثم حرمان الحكومة الشرعية من الدخل النفطي.
وينتج حقل الشرارة نحو 300 ألف برميل يومياً، وهو حقل مرتبط بميناء الزاوية الذي تصدر ليبيا من خلاله 6 ملايين برميل يومياً. وفي حال سيطرته على حقل الشرارة، سيكون حفتر عملياً قد سيطر على صناعة النفط.
وكانت قوات حفتر منعت في يونيو/ حزيران الماضي تصدير النفط الليبي لعدة أسابيع، بعد استيلائها على اثنين من موانئ التصدير وحولت إداراتهما من شركة النفط الوطنية إلى سلطات النفط في شرق ليبيا.
في هذا الصدد، يرى الخبير النفطي البريطاني نيل كويلام، في حوار مع معهد الدراسات الملكي البريطاني، (تشاتام هاوس)، أن ليبيا لديها الطاقة لإنتاج 1.8 مليون برميل لولا الحرب الأهلية التي يقودها حفتر، والتدخلات الخارجية في تطويل أمد النزاع ومنع التسويات السياسية التي اقترحتها الأمم المتحدة. وقال إن الاحتياطات النفطية المكتشفة تسمح لليبيا بإنتاج 2.5 مليون برميل يومياً.
وسعى حفتر العام الماضي لبيع شحنات من النفط، عبر شركات أسست في الإمارات، متخطياً بذلك الحظر الدولي الذي يحصر التصرف في النفط الليبي بشركة النفط الوطنية.
وينظر المجتمع الدولي لتحركات حفتر العسكرية، على أنها تجد تشجيعاً ودعماً من الرئيس فلاديمير بوتين، الذي يعمل على استعادة نفوذه في ليبيا التي انتزعت منه بواسطة تدخل قوات حلف الأطلسي.
وحسب دبلوماسيين غربيين على علم باستراتيجية بوتين في ليبيا، فإن روسيا ترغب في استعادة الهيمنة على النفط الليبي، وتسويق معدّاتها العسكرية واحتكار عقود إعادة بناء ليبيا التي دمرتها الحرب، وتقدر بمئات المليارات. كما تخطط لإنشاء قاعدة بحرية في سواحل ليبيا على البحر المتوسط.
في هذا الصدد، يقول رئيس المعهد العالمي للاقتصاد والعلاقات الدولية الكسندر داينكن، الذي يعمل مستشاراً لدى الحكومة الروسية، إن الغرب فعل كل ما بوسعه لبثّ الفوضى والحرب الأهلية في ليبيا. ويضيف لبلومبيرغ، “الآن كل الأطراف في ليبيا تثق في روسيا”.
يذكر أن الرئيس التنفيذي لشركة النفط الوطنية مصطفى صنع الله، زار موسكو في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وأجرى محادثات مع شركات روسنفت وغازبروم وتاتنفت.
وتسعى روسيا لإنشاء خط سريع يربط بين طرابلس وسرت، بعقد قيمته 2.5 مليار دولار. كما أن ليبيا تعدّ من أهم زبائن القمح الروسي، إذ تستورد منها نحو مليون طن سنوياً، قيمته 700 مليون دولار.
العربي الجديد