تشن المقاتلات الروسية والتابعة للنظام السوري لليوم السابع على التوالي حملة قصف ھي الأعنف على منطقة خفض التصعيد الرابعة في سوريا، منذ إعلان موسكو وأنقرة تجمید كافة أشكال الأعمال القتالیة في الشمال السوري خلال قمة سوتشي منتصف سبتمبر/أیلول الماضي. وشمل القصف الجوي والمدفعي لقوات النظام و حلیفھا الروسي مدن اللطامنة، كفر زیتا، كفر نبودة، قرى في سھل الغاب، شمال غرب حماة.
كما أغارت الطائرات الحربیة والمروحیة على بلدات وقرى في جبل الزاویة، مدن خان شیخون، معرة النعمان، سراقب بریف إدلب الجنوبي، مما أسفر عن مقتل أربعين شخصاً على الأقل، بینھم نساء وأطفال، وإصابة العشرات بجروح خطرة، إضافة لدمار ھائل بالبنى التحتیة.
وتوسعت رقعة القصف الجوي بالبرامیل المتفجرة لتطال ریف مدینة أریحا، قریة المسطومة المتاخمة لمركز مدینة إدلب.
أحد المواقع التي استهدفتها طائرات النظام والطائرات الروسية في إدلب (الأناضول)
ضحايا
وقال مدیر المركز الصحي في خان شیخون الطبیب عبد القادر نجم إن الكوادر الطبیة جنوبي إدلب أحصت أكثر من مئتي قتيل وإصابة خمسمئة آخرين منذ بدء حملة القصف المدفعي والجوي لقوات النظام السوري وروسیا مطلع مارس/آذار 2019.
وأوضح أن طائرات النظام والطائرات الروسية “أخرجت العدید من النقاط الطبیة ومراكز الدفاع المدني في جنوب شرق إدلب عن الخدمة، عقب غارات مركزة” محذرا من “كارثة إنسانیة وشیكة إذا ما استمر قصف المشافي”.
ووفق ما أفاد مصدر طبي للجزیرة نت تعذر إسعاف عشرات المصابین جراء استهداف النقاط الطبیة وكوادر الإسعاف من قبل الطائرات الحربیة، الأمر الذي أدى لارتفاع أعداد القتلى المدنیین بشكل ملحوظ الأیام الأخیرة.
واعتبر علاء یوسف أحد سكان خان شیخون القصف على مدینته “حملة إبادة بكل ما تحمل الكلمة من معنى” وقال للجزیرة نت “إن الطائرات لا تفارق سماء المدینة على مدار الساعة مستھدفة المنازل والمساجد والمشافي والمدارس، بشكل عشوائي لم یبق في المدینة سوى بضع عائلات، فالجمیع فر باتجاه المخیمات”.
أما أبو أحمد عابد أحد سكان بلدة الھبیط فأبدى مخاوفه من إقدام النظام على إطلاق حملة عسكریة للسیطرة على ریف إدلب الجنوبي، مضيفا “أتجنب خطورة القصف حالیاً من خلال البقاء في الملجأ الذي جھزته سابقا أسفل المنزل لكن أكثر ما أخشاه ھو تقدم النظام برا، حینھا سأخسر منزلي إلى الأبد”.
قصف إدلب يدفع بالمدنيين إلى النزوح (الأناضول)
بوادر المعركة
وتزامناً مع موجة القصف التي تعصف بمعقل الثورة الأخیر بالشمال السوري، أعلنت “الجبھة الوطنیة للتحریر” التابعة للمعارضة المسلحة التصدي لمحاولة قوات النظام التقدم في محور قلعة المضیق في سھل الغاب بریف حماة الغربي.
ونشرت الجبھة مقاطع فیدیو تظھر تدمیر مقاتلیھا ناقلات جند تابعة لقوات النظام خلال اشتباكات اندلعت بین الطرفین عند حاجزي المكاتب والآثار بریف حماة الغربي.
ووفق الناطق الرسمي باسم الجبھة الوطنیة للتحریر النقیب ناجي مصطفى فإن قوات النظام “استقدمت مؤخرا تعزیزات عسكریة كبیرة إلى خطوط المواجھات في ریف حماة الشمالي الغربي”.
وقال مصطفى في تصریح خاص للجزیرة نت “المعارضة المسلحة بكافة تشكیلاتھا تعتزم شن ھجمات على مناطق حیویة للنظام السوري في محافظتي حلب وحماة في حال استمر التصعید العسكري” مضيفا أن “الخطط الدفاعیة” والھجومیة التي أعدتھا المعارضة “ستفاجئ النظام وحلفاءه وتمنعه من تحقیق مكاسب على الأرض”.
ویرى الناشط الإعلامي وائل الخالدي أن الاتفاق بین موسكو وأنقرة حول إدلب “كان یخفي في طیاته بنودا بدأت تتكشف مع التصعید الحالي”.
وأشار إلى أن روسیا “تعول على فشل تركیا في احتواء الفصائل الرادیكالیة، وتمارس الضغوط علیھا من خلال حملات قصف عنیفة، ودبلوماسیا عبر تصریحات بوتین ووزرائه حول شن عملیات عسكریة للقضاء على المعارضة”.
لكنه رجح “عدم رغبة أو قدرة موسكو حالیا على إطلاق عملیة عسكریة واسعة في إدلب بسبب الخلاف المتنامي مع إیران الساعیة لتوسیع نفوذھا في مؤسسات النظام”.
ولفت الخالدي إلى أن استمرار التصعید وتوسع رقعته بالشمال السوري “یعرض مسار آستانا للنسف الكامل وانھیار الاتفاق بین الدول الثلاث الضامنة”.
الجزيرة