ما زالت الجهات المتضررة في «الحشد الشعبي» من قرار رئيس الوزراء عادل عبد المهدي القاضي بإخلاء السيطرات الأمنية لـ«الحشد» في سهل نينوى، تسعى للتأثير على رئيس الوزراء ودفعه للتراجع عن قراره الذي اتخذته قبل ثلاثة أيام، وذلك بعد قرار الخزانة الأميركية وضع ثلاثة شخصيات سياسية وقيادية في «الحشد» من محافظة نينوى على لائحة المطلوبين على ذمة قضايا فساد وانتهاكات لحقوق الإنسان.
ومن بين تلك الشخصيات القيادية، وعد القدو قائد «اللواء 30» في «الحشد»، وشقيق النائب عن المكون الشبكي حنين القدو، وريان الكلداني قائد «اللواء 50» في «الحشد»، والاثنان يقودان قواتهما في الموصل ومناطق سهل نينوى.
ودعا النائب عن المكون الشبكي حنين القدو أمس، رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي إلى إلغاء القرار.
وقال القدو في مؤتمر صحافي بمبنى البرلمان، أمس، إن «سحب عناصر (الحشد) من السيطرات الرئيسة لمناطق سهل نينوى هو قرار مفاجئ لنا»، مضيفاً أن «أمر القائد العام للقوات المسلحـة جاء نتيجة ضغوط سياسية معروفة من قبل قيادات سياسية».
ودعا القدو عبد المهدي إلى «إلغاء هذا القرار لطمأنة ورعاية أبناء سهل نينوى من المهجرين الذين عادوا للتو إلى مناطقهم».
وتتحدث الجماعات القريبة من «الحشد» عن ترتيبات بين بغداد وأربيل لعودة قوات الأمن الكردية إلى مناطق سهل نينوى ويتحدثون عن ترتيبات جديدة لإعادة أوضاع تلك المناطق إلى ما كانت عليه قبل صعود «داعش»، واحتلالها لتلك المناطق عام 2014.
لذلك، يقول حنين القدو إن «التفجيرات وعمليات الخطف التي وقعت بين عامي 2007 و2014 داخل سهل نينوى، كانت تتم تحت أنظار اللواء الخامس من الفرقة الثانية ولواء الزيرفاني وألوية أخرى من البيشمركة». في إشارة إلى عدم قبول جماعات الحشد بإمكانية إعادة قوات الأمن الكردية إلى تلك المناطق.
وفي إطار الضغوط المتواصلة على رئيس الوزراء لحمله على التراجع عن قراره، يُتوقع أن تخرج جماعات الشبك في «الحشد» والجهات المتحالفة معها في مظاهرة (اليوم الجمعة) ضد قرار العقوبات الأميركي على الشخصيات الأربعة ومطالبة رئيس الوزراء بإلغاء قرار إخلاء السيطرات من عناصر «الحشد».
وكانت بعض مكونات سهل نينوى، اجتمعت، أمس، وأدانت القرار الأميركي، وقال الشيخ عبد الهادي سعيد رئيس مكتب «شيوخ وتجمع الشبك الديمقراطي» إن «القرار الأميركي انتهاك للسيادة العراقية، ونطالب رئيس الوزراء بإلغاء قراره الصادر بخصوص إخلاء السيطرات الأمنية من عناصر (الحشد)».
وتبدو الأمور في سهل نينوى غاية في الصعوبة والتعقيد لجهة تداخل الولاءات والتقاطعات بين مختلف الأقليات هناك، وفي هذا الاتجاه، ويؤكد مصدر مطلع على ما يجري في سهل نينوى ذلك، ويقول إن «الأمور معقدة جداً، إذ نلاحظ أن (اللواء 30)، الذي يقوده الشيعي الشبكي وعد القدو، يتألف من خليط من الشبكة السنّة والشيعة والعرب السنّة والشيعة، إضافة إلى مسيحيين وإيزيديين، لذلك نرى أن الولاءات متشابكة تماماً، وكذلك الاختلافات بين مكونات سهل نينوى».
ويضيف المصدر الذي يفضل عدم الإشارة إلى اسمه أن «عائلة القدو التي تسيطر على (اللواء 30) في (الحشد)، تسيطر على مساحات شاسعة في نينوى وتتحكم بكل صغيرة وكبيرة في تلك المناطق، وهناك شكاوى سكانية غير قليلة من تصرفاتها هناك». واستبعد المصدر أن «يقوم حشد الشبك وقيادته بالرضوخ بسهولة لقرار عبد المهدي، لأنهم غير مستعدين لخسارة نفوذهم المتنامي والكبير في سهل نينوى وعموم مناطق الموصل».
وفي شأن آخر يتعلق بآمر اللواء 50 في «الحشد» الذي يقوده ريان الكلداني المطلوب هو الآخر على اللائحة الأميركية، أبدت الكنيسة الكلدانية في بيان أصدرته، أول من أمس، تأييدها للأمر الديواني الذي أصدره رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الخاص بـ«الحشد الشعبي» مطلع الشهر الحالي. وأعلنت الكنيسة الكلدانية في بيان «رفضها القاطع لوجود أي فصيل أو حركة مسلحة تحمل صفة مسيحية»، داعية أبناءها للانخراط في الأجهزة الأمنية الرسمية في الجيش العراقي والشرطة الاتحادية، وقوات البيشمركة في إقليم كردستان العراق.
وأضاف البيان أن «الكنيسة تحترم قرار الأفراد الشخصي في الانتماء إلى الحشد الشعبي أو العمل السياسي، ولكن ليس تشكيل فصيل مسيحي».
ولفتت إلى أن «وجود فصائل مسلحة باسم المسيحية يتعارض مع روحانية الدين المسيحي الذي يدعو إلى المحبة والتسامح والغفران والسلام». وسبق أن وجهت الكنيسة الكلدانية في وقت مبكر انتقادات لاذعة لريان الكلداني، قابلها الأخير بانتقادات مماثلة وجهها مباشرة إلى بطريرك الكنيسة الكلدانية لويس روفائيل الأول ساكو وطالبه بعدم التدخل في السياسة.
ويتهم «حشد الكلداني» بأنه مكوَّن من عناصر مقاتلة شيعية من وسط وجنوب العراق، كما يعرف بعلاقاته الوثيقة بالقيادي في «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، وإيران. وكان رشح تحالف «البناء» الحشدي شقيقة الكلداني لشغل منصب وزارة العدل أثناء التصويت على كابينة عادل عبد المهدي الوزارية، لكنها لم تحصل على موافقة البرلمان بسبب تواضع سيرتها المهنية.
الشرق الأوسط