قلل محللون إيرانيون من أهمية عزم بعض الدول على إرسال قطع بحرية إلى المياه الخليجية لضمان الملاحة البحرية فيها، وأكدوا أن إيران سترد على أي خرق لمجالاتها البحرية والجوية والبرية، مثل تعاملها مع الطائرة “غلوبال هوك” الأميركية، والناقلة “ستينا إمبيرو” البريطانية.
ورغم التحذير الإيراني خلال الأسابيع الماضية من مغبة عسكرة المياه الخليجية، أعلنت وزارة الدفاع البريطانية الأحد أن مدمرتها البحرية “أتش أم أس دانكن” وصلت المنطقة الخليجية لضمان عبور سفنها من مضيق هرمز، فضلا عن وجود فرقاطة أخرى هناك.
احتمالات المواجهة
واعتبر المتخصص في الشؤون الإيرانية حسين رويوران أن وجود أي قوة عسكرية أجنبية يزعزع أمن المنطقة ويرفع احتمالات حدوث خروق، مثل ما حدث للطائرة الأميركية المسيرة غلوبال هوك؛ حيث اضطرت إيران لإسقاطها بعد انتهاكها المجال الجوي الإيراني.
وفي حديث للجزيرة نت، شدد رويوران على أن انتهاك القوات الأجنبية أمن المنطقة قد يؤدي إلى مواجهة واشتعال فتيل الحرب، مؤكدا أن إيران سبق أن أعلنت رفضها القاطع للوجود العسكري الأجنبي بالمنطقة.
واستغرب الباحث السياسي من تزامن إرسال بريطانيا مدمرة “أتش أم أس دانكن” للمياه الخليجية مع محادثات وزير الدولة العماني للشؤون الخارجية يوسف بن علوي في طهران، وسعيه للإفراج عن الناقلات المحتجزة، إلى جانب محاولاته لخفض التوتر بين أميركا وإيران.
ومنذ 19 يوليو/تموز الجاري، تحتجز السلطات الإيرانية ناقلة النفط البريطانية “ستينا إمبيرو” لمخالفتها “القوانين البحرية الدولية”، وذلك بعد نحو أسبوعين من إعلان حكومة إقليم جبل طارق التابع للتاج البريطاني احتجاز ناقلة النفط “غريس 1” التي تقول لندن إنها كانت تحمل الخام الإيراني إلى سوريا، وهو ما ترفضه طهران.
وأشار رويوران إلى أن كلا الجانبين الإيراني والغربي لا يريدان الحرب، مضيفا أن الحل للتوتر القائم بالمياه الخليجية لا بد أن يكون سياسيا، ولذلك فإن فرفض إيران عسكرة المنطقة يندرج في هذا الإطار، لأنه لا أفق للوجود العسكري الأجنبي في المنطقة سوى ضرب استقرارها.
حلول سياسية
وتوقع رويوران أن تثمر الوساطات الفرنسية والعمانية والعراقية في المستقبل حلولا سياسية، وأن تضح حدا لتصاعد الأزمة بالمنطقة.
وعن الخيار الإيراني للتعامل مع القوات الأجنبية بالمنطقة، قال رويوران إن “إيران ستتعامل مع أي خرق لسيادتها –جوا وبرا وبحرا- بحزم، مثل ما تعاملت به مع الطائرة الأميركية المسيرة، ولن تتردد في استهداف أي قطعة بحرية تنتهك مياهها الإقليمية”.
وفي السياق، قلل أستاذ العلوم السياسية بجامعة طهران محمد مرندي من أهمية إرسال بريطانيا -أو أي دولة أجنبية أخرى- قطعها البحرية إلى المياه الخليجية، وأضاف أن “إيران لا تعير اهتماما للقطع البحرية الأوروبية لأنها ضعيفة جدا مقارنة مع قدرات طهران البحرية.
وشدد مرندي في حديث للجزيرة نت على أن حضور القطع البحرية الأجنبية في المنطقة “عمل استفزازي” دون أدنى شك، لكن في المقابل إيران لديها القدرة والشجاعة على توقيف أي قطعة بحرية -إذا قررت ذلك- حتى إذا كانت المدمرات الأميركية تحيط بها لحمايتها.
وأضاف الباحث السياسي أن إيران عملت منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003 على تنمية قدراتها البحرية في شواطئها الجنوبية التي تمتد نحو ألفي كيلومتر، مما شكّل رادعا للجانب الأميركي من إقدامه على أي مغامرة ضد الجمهورية الإسلامية.
عواقب وخيمة
ونوه إلى أن إيران بعثت رسائل ضمنية للأميركان مفادها أن أي محاولة لزيادة التوتر ضد طهران؛ ستكون لها عواقب وخيمة على حلفائها في السعودية والإمارات، وحذر من أن إيران سترد بحزم على كل مغامرة قد ترتكبها بعض الدول ضد مصالحها الوطنية، فضلا عن أنها ستلقن كل من يدعم المعتدي درسا لن ينساه.
وختم بالقول إن الأمن في مضيق هرمز يرتبط ارتباطا وثيقا بالإرادة الإيرانية، ولن يكون هناك تحالف لضمان الملاحة البحرية ما دامت إيران ترفضه، بل لا أثر مشهودا لأي حضور أجنبي في المياه الخليجية سوى للقوات الأميركية التي تعرف القدرات الإيرانية خير المعرفة.
المصدر : الجزيرة