تزايدت المؤشرات أخيراً في واشنطن، حول احتمال تجدّد التسخين مع طهران، صدرت في الأيام الأخيرة عن وزارة الخارجية وبصورة لافتة عن البنتاغون. انتقلت من التلميح إلى شبه التصريح، ثم إلى ما تردّد عن قرار لتعزيز القوات الأميركية في المنطقة بأعداد إضافية “لاستباق عملية إيرانية” في المنطقة كثر الحديث عنها.
تزامنت هذه الإشارات مع احتدام أزمة إيران الداخلية، وأزمة رئاسة دونالد ترامب في آن، الأمر الذي حمل على التساؤل عما إذا كان البيت الأبيض قد وجد فرصة في الوضع الإيراني المأزوم، للانتقال في التعامل معه من الردع إلى صيغة من المواجهة “الأقل من الحرب”، وبما يساعده على ترحيل متاعبه إلى الخارج ولو إلى حين. يعزّز هذا الاحتمال أن طهران قد تكون في وارد التصعيد هي الأخرى لتنفيس مشكلتها الداخلية المتفاقمة، بحيث تعطي الذريعة “لدفع الاحتكاكات إلى ذروتها” في لحظة ضاغطة على الطرفين.
منذ بداية الاضطرابات في إيران، سارعت الإدارة بلسان وزير الخارجية مايك بومبيو إلى ربطها بالعقوبات الأميركية، التي “أدّت إلى شح الإيرادات، وبالتالي إلى فرض ضريبة البنزين التي أشعلت الشارع”.
وفي سياق متابعتها للتطورات، اعترفت الخارجية بأنها زوّدت الحراك بطرق تمكنه من الاتصال بالخارج، بعد قطع السلطات الإيرانية للإنترنت.
الوزير بومبيو أدلى بتصريحات عدة حول المصادمات الجارية. والخميس، عقد المبعوث الخاص للملف الإيراني براين هوك، لقاءً مع الصحافة زعم فيه أنّ واشنطن حصلت “على 32 ألف فيديو عن عنف السلطة”، وأنّ حصيلة قمع التظاهرات بلغت “أكثر من ألف قتيل و7 آلاف موقوف” وآلاف الجرحى. رقم ارتسمت حوله علامات استفهام لأنه تجاوز ما نقلته معظم التقارير، ما أثار التساؤلات عن الغاية من المبالغة في تطورات أزمة وصفها هوك بأنها “الأسوأ” في تاريخ النظام الإيراني، مشدداً على أنها “خلت من أي مظاهرة ضد أميركا”.
سبقت ذلك إشاراتٌ أهم صدرت عن البنتاغون. قائد قوات المنطقة الوسطى الجنرال كينيث ماكينزي يرى أنّ “الردع التقليدي محدود في غالب الأحيان، ومن غير المتوقع أن يمنع إيران من شنّ عمليات” جديدة في الجوار. كلام ينطوي على تلميح لتغيير مهمة القوات الأميركية في المنطقة. توجه أشار إليه ضمناً نائب وزير الدفاع جون رود، عندما قال إن “الردع حالة ديناميكية” متغيرة. واكب ذلك تسريب حول اعتزام الإدارة زيادة القوات الأميركية في الخليج بـ 14 ألف جندي، ولو أنّ الناطقة في البنتاغون أليسا فرح نفت ذلك بتغريدة وليس ببيان رسمي.
صبّ في هذا المجرى، اللقاء الذي جرى، الأربعاء، في البرتغال بين الوزير بومبيو، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذي لم تنكر الوزارة أنّ بند إيران كان على رأس مباحثاتهما.
ويُعتقد أنّ الوزير بومبيو سيلقي خطاباً حول الوضع في إيران، مع الإعلان عن عقوبات جديدة يرافقها تصعيد في الحملة على طهران، وربما توسيع التواصل مع الانتفاضة.
كل هذا يجري في ظل توتر غير اعتيادي في واشنطن. فإجراءات “عزل” الرئيس ترامب أخذت شحنة كبيرة، خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية.
رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي استبقت لجنة العدل، وأعلنت، الخميس، عن المضي في إعداد قرار عزل الرئيس لطرحه على التصويت في المجلس قريباً. مداخلات لثلاثة من أصل أربعة من المراجع الدستورية، الأربعاء، أمام لجنة العدل، والتي دعمت خيار العزل، سرّعت بالعملية.
بذلك، اشتد الحصار على رئاسة تصعّد ضد وضع إيراني مخنوق، قد يفجر ضغوطه في الخارج كما حصل قبل أشهر. معادلة يخشى المراقبون ألا تقوى على الصمود طويلاً من دون اشتعال.
العربي الجديد