يستمر إغلاق المدارس والجامعات في بغداد وجنوب العراق، كذلك نقابة المعلمين، دعماً للاحتجاجات التي تطالب برحيل الطبقة السياسية وإقرار نظام جديد
في الوقت الذي يطالب مسؤولون عراقيون وزعماء أحزاب بإبعاد المؤسسات التعليمية عن التظاهرات المناهضة للحكومة، يعتبر آخرون أنّ التعليم في العراق يمرّ بأكثر مراحله خطورة وتراجعاً، وبين الطرفين يستمر إغلاق المدارس والجامعات في بغداد ومناطق الجنوب دعماً للاحتجاجات.
بالرغم من أنّ زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، هو أكثر المؤيدين للإضراب العام والشامل في كلّ المؤسسات الحيوية والخدمية في العراق “إلى أن يتحقق الإصلاح” كما قال، فقد عاد واعتبر أخيراً أنّ “ذهاب تلاميذ الابتدائية حصراً إلى مدارسهم لا يعارض الثورة الإصلاحية، لا سيما أنّ شعار ماكو وطن ماكو دوام (لا وطن لا دوام) لا يصح فرضه على الأطفال فهم نواة الوطن وهم أزهار الوطن”، بحسب صفحة تابعة للصدر على موقع “فيسبوك”.
في السياق، يقول مسؤول حكومي لـ”العربي الجديد” إنّ “الدوام الرسمي للمدارس في العراق لا يخضع لضوابط وزارة التربية إنما هو مرتبط بالمزاج العام للبلد، ودخول مقتدى الصدر على خط دعم إغلاق المدارس عبر تعميم عبارة “ماكو دوام” أدى إلى تعطيل الحركة التربوية في العراق”، مشيراً إلى أنّ “بداية السنة الجديدة، ستشهد امتحانات منتصف العام الدراسي، ووزارة التربية حتى الآن لا تعرف ماذا ستفعل وكيف سيجري إعداد الأسئلة للتلاميذ. ويتابع: “كان من المفترض ألا يجري زجّ الطلاب، وخصوصاً تلاميذ المدارس في صراعات سياسية وأحداث احتجاجية”، لافتاً إلى أنّ “بقاء الإضراب الطلابي وتعطيل الدوام الرسمي للمدارس سيُجبر الحكومة العراقية في الأشهر المقبلة على اعتبار العام الحالي سنة عدم رسوب، لأنّ آلاف التلاميذ سيرسبون في أداء الامتحانات وبالتالي ستكون لدينا كارثة تربوية”.
بدورها، لجأت حركة “صادقون” وهي الجناح السياسي لجماعة عصائب أهل الحق، إلى عقد ندوة مرتبطة بالإضراب العام لطلاب العراق بعنوان “التعليم وطن”، في رسالة إلى الصدر الذي يؤيد الإضراب، لا سيما أنّ بينهما خصومة مليشياوية منذ أكثر من سبع سنوات. وقال زعيم الجماعة، قيس الخزعلي، في الندوة، إنّ “سبع محافظات ونصف لا يوجد فيها دوام، وسبع محافظات ونصف يوجد فيها دوام، السؤال هنا إذا كان (ماكو وطن ماكو دوام) تعني أنّ الطلاب والتلاميذ لا يداومون، أم أنّ المسؤولية تضامنية؟ هل الموظف الذي يداوم مشمول بالخطاب أم لا؟ وهل أصحاب القطاع الخاص مشمولون أم لا؟ لماذا الكل يداوم والوزارات تداوم بينما المعطل فقط هو التعليم؟ من أسوأ محاولات خلط الأوراق هو تعطيل الدوام والشعار الخبيث (ماكو وطن ماكو دوام) الذي كان في حقيقته دسا للسم في العسل، وقد صدر في البداية من مدارس معينة وشخصيات بعثية” على حد زعمه.
من جهته، أكد عضو لجنة التربية النيابية النائب عباس الزاملي أنّ “إضراب التلاميذ والمدارس كان له دور كبير في الضغط على الحكومة والبرلمان منذ شهرين”، مشيراً إلى أنّ “الأعداد في ساحات التظاهرات وصلت إلى نحو 40 ألف تلميذ، لكن يجب معرفة أين نريد الوصول بقضية الإضراب”. أضاف الزاملي في حديث تلفزيوني أنّ “الوضع التربوي في البلاد مأساوي، ويحتاج إلى البناء، وهذا البناء لا يمكن إنجازه في شهر أو شهرين”، ولفت إلى أنّ “الاعتصامات والتظاهرات ممكنة، لكن من دون المساس بساعات العام الدراسي والإضرار به، لأنّ إضراب التلاميذ أخذ وقتاً كبيراً ولا نستطيع الاستمرار فيه. وأغلب المدارس مغلقة، والتلاميذ والمعلمون في بيوتهم وليسوا في ساحات التظاهرات كي يستمر الإضراب، وقد وصلنا اليوم إلى عدم الحاجة لاستخدام سلاح الضغط بالتلاميذ في التظاهرات”.
أما وزارة التربية فقد أكدت أخيراً أنّ “هيئة الرأي في الوزارة لم تُناقش موضوع تأجيل العام الدراسي لهذا العام”، مؤكدة أيضاً أنّها “أنهت استعداداتها اﻟﻔﻨﻴﺔ واﻟﻠﻮﺟﺴﺘﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ لإجراء امتحانات منتصف السنة، إذ منحت الوزارة المدارس والمديريات صلاحية تحديد جدول الامتحانات”. بدوره، قال المشرف التربوي باسم الشمري لـ”العربي الجديد” إنّ “غالبية المعلمين في مدارس بغداد ومدن جنوب العراق يشكون من كارثة عدم استكمال المناهج التربوية التي من المفترض أنّ ينجز نصفها خلال أيام، ثم يباشر بامتحانات منتصف السنة”. ويضيف الشمري أنّ “المتضرر الأكبر في هذا الإضراب هم تلاميذ الثانوية العامة”، لأنّ وزارة التربية لن تستثني أجزاء من منهجهم المطلوب خلال الامتحان الرسمي في نهاية العام، وبالتالي سيجري امتحان التلاميذ بما لم يتمكنوا من تناوله في المدارس”.
العربي الجديد