قالت أوساط سياسية لبنانية إنه لا يمكن التقليل من أهمية التصريحات الإيرانية باستخدام لبنان للرد على أي هجمات إسرائيلية ضد إيران، على المداولات الجارية حاليا للتوصل إلى صيغة لتشكيل حكومة لبنانية جديدة.
وكان مستشار قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء مرتضى قرباني صرح الاثنين “في حال ارتكبت إسرائيل أصغر خطأ تجاه إيران، سنسوي تل أبيب بالتراب انطلاقا من لبنان”.
ورد وزير الدفاع اللبناني إلياس بوصعب في تغريدة عبر “تويتر” قائلا “إذا صح ما نسب إلى مستشار رئيس الحرس الثوري الإيراني، فإنه لأمر مؤسف وغير مقبول وتعد على سيادة لبنان الذي تربطه بالجمهورية الإسلامية الإيرانية علاقة صداقة”، وأضاف وزير الدفاع اللبناني أنه “لا يجوز أن تمس استقلالية القرار اللبناني بأي شكل من الأشكال”.
اذا صح ما نُسب الى مستشار رئيس الحرس الثوري الايراني ، فانه لامر مؤسف وغير مقبول وتعد على سيادة لبنان الذي تربطه بالجمهورية الاسلامية الايرانية علاقة صداقة لا يجوز ان تمس استقلالية القرار اللبناني باي شكل من الاشكال .
ومن جهته قال وزير الاتصالات اللبناني جمال الجراح، وهو ينتمي إلى تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري، إن “إيران تستطيع أن تدافع عن نفسها كيفما تشاء، ولكن لبنان ليس صندوق بريد للحرس الثوري الإيراني، وليس ساحة للاستخدام الخارجي من أي دولة”، مضيفا أن “كلام المسؤول الإيراني مردود جملة وتفصيلا”.
تستطيع ايران ان تدافع عن نفسها كيفما تشاء ولكن لبنان ليس صندوق بريد للحرس الثوري الايراني وليس ساحة للاستخدام الخارجي من أي دولة وكلام المسؤول الايراني مردود جملة وتفصيلا .وعلى الرغم من أن تصريحات قرباني تأتي في إطار الرد على تهديدات إسرائيلية بشن عمليات عسكرية ضد إيران، إلا أن مراقبين في لبنان قرأوا الأمر بصفته تذكيرا إيرانيا بأهمية لبنان الاستراتيجية وأهمية أن يحافظ حزب الله على موقعه داخل الحكومة وعلى نفوذه داخل كل المنظومة السياسية في لبنان. ويرى هؤلاء أن التهديد الإيراني بالرد من لبنان لم يأت عرضيا، بل أريد منه تذكير المجتمع الدولي عشية انعقاد الاجتماع الدولي في باريس لمساعدة لبنان، بأهمية ما تملكه إيران من أوراق داخل لبنان، وبأهمية أن تأخذ العواصم الدولية بعين الاعتبار مصالح إيران وقدرتها على تعطيل أو تسهيل أي حل متوخّ في هذا البلد.
ومع ذلك تستبعد بعض المراجع السياسية قدرة إيران وحزب الله على قلب الطاولة في لبنان، خصوصا وأنه يظهر يوما بعد آخر عجز أدوات إيران في العراق عن إخماد الحراك الشعبي، لاسيما “الشيعي” ضد المنظومة السياسية العراقية الموالية لطهران، فيما الحراك في لبنان عابر لكل الطوائف والمناطق بما في ذلك مناطق الشيعة في البلد.
وتعتبر هذه المراجع أن الإشارة الإيرانية الجديدة لن تؤثر على موقف رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري وأن رد الجراح المقرب منه يمثل رسالة واضحة في هذا الصدد. وتؤكد هذه المراجع أن الحريري مازال، وحتى إشعار آخر، متمسكا بشروطه لجهة عدم قبوله بتشكيل حكومة جديدة إلا إذا كانت من التكنوقراط وخالية من أي وجود سياسي وتتمتع بصلاحيات استثنائية يخولها التحضير لانتخابات تشريعية مسبقة.
وتضيف المراجع أن تدخل دار الفتوى لصالح الحريري منح الأخير غطاء طائفيا واضحا ورسالة لكافة الفرقاء تمثل ردا على محاولات رئيس الجمهورية ميشال عون الالتفاف على الإجماع السني من خلال بدع تنتهك الدستور اللبناني تسعى إلى فرض رئيس للحكومة لا يتسق واتفاق الطائف الذي أنهيت بموجبه الحرب الأهلية في لبنان.
وتقول مصادر برلمانية إن انسحاب سمير الخطيب من تحت مظلة دار الفتوى، أي تحت مظلة الطائفة السنية، أعاد تصويب الجهود نحو إقناع الحريري دون غيره بالقبول بمهمة تشكيل الحكومة، وأن المداولات الحالية تبحث في سبل إيجاد أرضية مشتركة يقدم داخلها كافة الفرقاء السياسيين تنازلات متبادلة لإخراج صيغة حكومية من شأنها إنقاذ البلد من أزمته الراهنة.وقالت معلومات إن حزب الله وحركة أمل يعملان على الدفع باتجاه إعادة تكليف الحريري على الرغم من أجواء امتعاض يبديها الرئيس عون.
وتقول مصادر قريبة من قصر بعبدا إن رئيس الجمهورية متخوف من تنازلات قد يقدمها الثنائي الشيعي للحريري، فيما يرى عون الذهاب إلى تشكيل حكومة ترأسها شخصية أخرى. وتضيف المعلومات أن هذه المسألة ألقت شيئا من البرودة في علاقات عون بحزب الله، علما أن الأخير لن يذهب في أي خيارات لا تتناسب مع حليفه التاريخي المسيحي في البلد.
ومازال عون مصرا على مشاركة صهره رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في أي حكومة مقبلة. ويعتبر باسيل أن خروجه من الحكومة يهدد حظوظه في الوصول إلى سدة الرئاسة التي يطمح إليها، وأن ما أشيع عن أنه لم يعد مؤيدا لحكومة برئاسة سمير الخطيب تستثنيه هو أمر صحيح وفق هذا الاعتبار. وتقول المعلومات في هذا الصدد إن الخطيب فضل الخروج من هذا السباق من دار الفتوى بدل إسقاطه من قبل عون وباسيل. وفيما تستبعد المصادر تخلي الثنائية الشيعية عن حكومة لها طابع سياسي، خصوصا أن تصريحات قرباني من إيران تعزز موقفها، إلا أن هذه المصادر توقعت ذهاب حزب الله وحركة أمل إلى تقديم المزيد من الإغراءات للحريري لإقناعه بترؤس حكومة تكنوسياسية مخففة ووعده بإطلاق يده في ملفات كثيرة في قطاع الاقتصاد والمال.
غير أن ما صدر عن رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الله محمد رعد وأوساطه سلط المجهر على طبيعة الجدل. فقد نقل عنه أن المطلوب من الرجل (الحريري) تحديد موقفه بوضوح: فهل يريد العودة إلى رئاسة الحكومة أم لا؟ وإذا كان جوابه إيجابيا، فوفق أي شروط؟ ليُبنى بعدها، على الشيء مقتضاه. ومع ذلك لا توحي مصادر “بيت الوسط” بأي تغير في موقف زعيم تيار المستقبل. فردا على ما تداولته بعض وسائل الإعلام من شروط يضعها الحريري لتشكيل حكومة، أوضحت مصادر مقربة أن الحريري لم يقترح إلا حكومة اختصاصيين تلبي طموحات اللبنانيين وتقنع المجتمع الدولي بتقديم الدعم العاجل لمواجهة الأزمة.
وأضافت المصادر “أما إذا كان هناك من يصرّ على حكومة تكنوسياسية لمجرد البقاء ضمن الحكومة فهم مدعوون إلى تشكيل الحكومة من دون الرئيس الحريري في أسرع وقت وبالشروط التي يرونها مناسبة للبنانيين”.
العرب