يواجه قانون الموازنة العامة الاتحادية في العراق لسنة 2020 خطر التأجيل أو الإلغاء بعد تحول الحكومة الحالية إلى حكومة “تصريف أعمال”، بعد استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي نهاية الشهر الماضي، فيما تبحث الكتل السياسية عن “مخرج قانوني” لتمرير القانون قبل نهاية العام الحالي.
وأعلن المتحدث باسم الحكومة، سعد الحديثي أن “رئاسة الوزراء تبحث عن طرق قانونية يمكن من خلالها أن تقترح حكومة تصريف الأعمال مسودة قانون وترسلها إلى البرلمان”، مبرراً تأخر قانون الموازنة وعدم إنجازها في وقت مبكر من هذا العام بـ “حرص الحكومة على أن يتضمن مشروع قانون الموازنة مطالب المتظاهرين”.
وكان عبد المهدي أكد في 4 ديسمبر (كانون الأول) أن صلاحيات الحكومة الحالية محدودة، مشيراً إلى أنه ليس بإمكانها إرسال مشروع قانون موازنة لعام 2020 إلى البرلمان.
مشكلة قانونية
ويعطي الدستور العراقي في المادة 62، الحكومة حق اقتراح القوانين ومن بينها إعداد قانون الموازنة العامة للبلاد والحساب الختامي وإرسالها إلى البرلمان من أجل التصويت، لكن تحولها إلى “حكومة تصريف أعمال” يحصر نشاطها بسير المسائل الاعتيادية والروتينية فحسب.
ويقول الخبير القانوني علي التميمي إن “البرلمان ملزم باللجوء إلى موازنة 12/1 الإدارة المالية في المادة رقم 13 كما حصل في السنوات الماضية، كما أن ذلك الصرف يكون للميزانية التشغيلية فقط من دون صرف أي مبالغ للموازنة الاستثمارية”.
ويؤكد أنه في حال خالفت الحكومة الدستور وأرسلت الموازنة إلى البرلمان، فإن هذه الخطوة قابلة للطعن أمام المحكمة الاتحادية.
لكن بعض المصادر تحدثت عن إمكان إرسال مشروع قانون الموازنة إلى البرلمان إذا كان تاريخ إعداده قديم وقبل تقديم الحكومة استقالتها في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهي خطوة محفوفة بالمخاطر، خصوصاً إذا ما تضمنت تمرير اتفاقات مالية بين الكتل والأطراف العراقية وتم الطعن بها لاحقاً لدى المحكمة الاتحادية.
وبحسب عضو لجنة المال البرلمانية أحمد حمه، فإن الموازنة ستصل إلى البرلمان قريباً على الرغم من تأكيد رئيس الوزراء أنه غير قادر على فعل ذلك. ويؤكد حمه أن “حكومة تصريف الأعمال غير قادرة على إرسال الموازنة، إلا إن الحكومة الحالية قادرة على إرسالها بناءً على أن كتاب قبول استقالة الحكومة يشير إلى تشكيل لجان وإرسال الموازنة إلى البرلمان”.
مواقف
وتتباين مواقف الكتل السياسية من المسودة المقترحة للموازنة العامة، خصوصاً في ما يتعلق بحصة إقليم كردستان، حيث ترفض الكتل العربية تخصيص نسبة 17 في المئة للإقليم بعدما رفض تنفيذ اتفاق العام الماضي بتسليم بغداد 250 ألف برميل يومياً من نفط المحافظات الكردية مقابل شمول موظفي الإقليم بالموازنة الاتحادية. غير أن قيادات كردية تحدثت الشهر الماضي عن اتفاق جديد مع عبد المهدي بشأن الموازنة، وأكدت أن وفد حكومة إقليم كردستان للتفاوض مع بغداد تمكن من إجراء مفاوضات موفقة حول حصة الإقليم من موازنة العراق، وتم إلغاء 15 فقرة من الموازنة السيادية، وبذلك ستتم زيادة موازنة إقليم كردستان، وسيتكفل العراق بدفع نفقات نقل 250 ألف برميل من النفط الذي سيسلمه الإقليم إلى العراق. أما الإقليم فسيتكفل بدفع مستحقات شركة النفط الوطنية “سومو”.
في المقابل، ترفض المحافظات الجنوبية المنتجة للنفط تنفيذ أي اتفاق مع الجانب الكردي لا يتضمن مساءلة أربيل عن النفط الذي كانت تصدره من دون موافقة بغداد وامتناعها عن تنفيذ الاتفاقات السابقة. ويرى النائب عن محافظة البصرة منصور البعيجي أن رئيس الوزراء المستقيل “حابى” حكومة إقليم كردستان كثيراً من خلال إعطاء موازنة للإقليم ودفع الأموال أثناء فترة حكمه.
ويضيف “إذا كانت حكومة إقليم كردستان صادقة النوايا مع الحكومة المركزية فعليها الانتظار إلى حين اختيار رئيس وزراء جديد يتم الاتفاق معه على الأمور النفطية والمالية كافة من أجل ضمان حقوق محافظاتنا جميعا”.
عجز كبير
والعجز المتوقع في مشروع قانون الموازنة للعام المقبل كبير جداً وقد يصل إلى 70 تريليون دينار عراقي (أكثر من 50 مليار دولار)، بحسب النسخ التي نشرتها الحكومة، والأمر قد يكون أسوأ إذا ما انخفضت أسعار النفط إلى ما دون 60 دولاراً للبرميل. وإذا توقفت المشاريع الاستثمارية بسبب اقتصار الصرف على الرواتب، فإن الاقتصاد العراقي سيتضرر كثيراً.
اندبندت العربي