شهد عام 2019 تطورات بين الهند وباكستان جعلته واحدا من أسوأ الأعوام في العلاقات بين الجارتين النوويتين، ولا يزال ذلك الوضع مستمرا قبل أيام من نهاية العام، حسب خبير في إسلام أباد.
وقال الخبير إكرام سيغال (مختص في شؤون الدفاع والأمن)، ومقيم في إسلام أباد، للأناضول: “لقد كان العام كله، وخاصة شهر فبراير (شباط)، سيئا من حيث العلاقات بين البلدين، كانا على شفا الحرب في مرحلة ما”.
في فبراير/ شباط، وفي أعقاب هجوم شنه متشددون بجامو وكشمير، الشطر الخاضع لإدارة الهند من الإقليم المتنازع عليه، والذي أسفر عن مقتل العشرات من الجنود بالجانب الهندي، نفذت نيودلهي غارات جوية في باكستان، ما أدى إلى نشوب أزمة عسكرية بينهما.
وبعد ذلك بيوم، ردت إسلام أباد بإلقاء قنابل داخل جامو وكشمير، قرب منشآت عسكرية وأسقطت طائرة هندية.
كما اعتقلت طيارًا هنديًا، وأطلقت سراحه لاحقًا كـ”بادرة حسن نية” من أجل إعادة العلاقات إلى المسار الصحيح.
لكن تلك البادرة فشلت بتهدئة الأوضاع، ففي موجة جديدة من الاشتباكات الحدودية على طول خط السيطرة، وهي الحدود الفعلية بين باكستان والهند، قُتل عشرات الجنود والمدنيين من الجانبين.
وشهد هذا العام أيضًا معركة بين البلدين لكن من نوع آخر، حيث جرت وقائعها في محكمة العدل الدولية في لاهاي بشأن قضية “كلبوشان جادهاف”، وهو مواطن هندي يواجه عقوبة الإعدام في باكستان.
وتعمقت العداوة الدائمة بين الجارتين، بعد أن قررت حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، في 5 أغسطس/ آب الماضي، إلغاء الوضع الخاص لمنطقة “جامو وكشمير” وتقسيم المنطقة ذات الأغلبية المسلمة إلى إقليمين تديرهما الحكومة المركزية.
وأثارت هذه الخطوة غضب باكستان التي خفضت من مستوى العلاقات الدبلوماسية بطرد المبعوث الهندي من إسلام أباد.
– الردع النووي والدبلوماسية
ووفق سيغال، فإن التوغل الهندي كان غير مسبوق في العام 2019، لأن طائراتها لم تعبر فقط خط السيطرة، ولكن أيضا الحدود الدولية (بين باكستان والهند)، متهما إياها بأنها “دفعت المنطقة تقريبًا إلى حرب شاملة”.
وأوضح أن بعض العناصر في المؤسسة الباكستانية أرادت أن يكون هناك رد بالمثل على كل خطوة تتخذها نيودلهي، لكنه استدرك قائلا: “العناصر الرشيدة بقيادة قائد الجيش الجنرال قمر جاويد باجوا سادت رفضت ذلك بسبب عدم وقوع قتلى أو جرحى في الهجوم الهندي”.
وأردف سيغال أن الردع النووي هو الذي حال دون المزيد من التصعيد.
وأضاف: “الترسانة النووية الباكستانية هي التي حالت دون شن الهند غزوا واسع النطاق على الرغم من وجود ميزة عددية لصالح الهند من حيث الحرب التقليدية”.
لكنه حذر من أن الاشتباكات المستمرة على طول خط السيطرة قد تتحول إلى صراع أكبر.
بدوره رأى منور حسين بنهور، أستاذ مساعد في جامعة كويد آزام الدولية التي تتخذ من إسلام أباد مقراً لها، أنه لا توجد إمكانية لأي تغيير في العلاقات بين البلدين في المستقبل القريب.
وقال للأناضول: “لا أرى أي تغيير في الوضع الحالي في المستقبل القريب إلا إذا كان هناك تغيير كبير سواء في قيادة الهند أو في السياسة. والفرص ضئيلة بالنسبة لكليهما”.
لكنه أكد على أن الدبلوماسية الدولية “هي التي حالت دون نشوب صراع كبير لأن العالم لا يستطيع تحمل حرب نووية”.
وفي 5 أغسطس/ آب الماضي، قررت الحكومة الهندية إلغاء الوضع الخاص في منطقة “جامو وكشمير” وتقسيمها إلى إقليمين، وفرضت قيودا على التجوال والاتصالات فيهما وحجبت خدمة الإنترنت.
ويطلق اسم “جامو كشمير”، على الجزء الخاضع لسيطرة الهند، ويضم جماعات تكافح منذ 1989، ضد ما تعتبره “احتلالا هنديا” لمناطقها.
ويطالب سكانه بالاستقلال عن الهند، والانضمام إلى باكستان، منذ استقلال البلدين عن بريطانيا عام 1947، واقتسامهما الإقليم ذي الغالبية المسلمة.
وفي إطار الصراع على كشمير، خاضت باكستان والهند 3 حروب أعوام 1948 و1965 و1971، ما أسفر عن مقتل نحو 70 ألف شخص من الطرفين.
ومنذ 1989، قُتل أكثر من 100 ألف كشميري، وتعرضت أكثر من 10 آلاف امرأة للاغتصاب، في الشطر الخاضع للهند من الإقليم، بحسب جهات حقوقية، مع استمرار أعمال مقاومة مسلحة من قبل جماعات إسلامية ووطنية.
(الأناضول)