لماذا تحول غضب العراقيين من إيران إلى أمريكا؟

لماذا تحول غضب العراقيين من إيران إلى أمريكا؟

لماذا أصبحت أمريكا مركزا للغضب في العراق؟ تقول صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير أعده ألان يوهاس إن أشهرا من التظاهرات شهدها البلد كان في مركزها الحنق والسخط على إيران وتدخلها بالشؤون الداخلية، إلا أن هجوما صاروخيا وغارات جوية غيرت المعادلة بحيث أصبحت أمريكا مصدرا للغضب.

وقال إن غضب العراقيين خلال الأشهر الماضية تركز على عجز الحكومة والفساد والتدخل الأجنبي الخطير الذي تمثله إيران، إلا أن الهجوم الصاروخي الذي قتل متعهدا أمريكيا في قاعدة قرب كركوك والرد الأمريكي حول مشاعر الغضب إلى الولايات المتحدة والتي وصلت ذروتها بدخول مجمع السفارة الأمريكية ببغداد يوم الثلاثاء.

وأدى الهجوم الجوي واقتحام السفارة لأكبر أزمة دبلوماسية تواجهها الولايات المتحدة في العراق منذ عدة سنوات وجرتها إلى الوضع المتفجر الذي يعاني منه البلد وجارته الإيرانية. وأشارت الصحيفة إلى الغارات الجوية على مواقع لكتائب حزب الله في العراق وسوريا والتي خلفت وراءها عشرات القتلى ردا على مقتل المتعهد الأمريكي الذي حمل الرئيس دونالد ترامب مسؤولية مقتله. ووصف وزير الخارجية مايك بومبيو الهجوم على مواقع الميليشيات بأنه “رد حازم” وأن “الولايات المتحدة لن تقف متفرجة أمام الجمهورية الإسلامية في إيران وهي تعرض حياة الرجال والنساء الأمريكيات للخطر”.

وتختلف الولايات المتحدة مع إيران في عدد من الأمور التي تتعلق بالتنافس على التأثير في العراق والملف النووي الإيراني وقضايا أخرى. وزاد التوتر مع قرار ترامب الخروج من اتفاقية 2015 النووية وفرضه العقوبات من جديد على إيران العام الماضي. ولكن الهجمات الأمريكية جاءت في لحظة متفجرة في العراق حيث زاد سخط العراقيين من التدخل الخارجي في بلادهم.

وقال المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني إن العراق لن يكون ساحة تصفية حسابات بين القوى الخارجية. واعتبر وزير الخارجية عادل عبد المهدي الغارات خرقا للسيادة العراقية. وفي يوم الثلاثاء دخل آلاف مجمع السفارة وليس المبنى الرئيسي حيث هتفوا “الموت لأمريكا” وانضم إليهم عناصر من الميليشيات التي تشرف عليها إيران. ورد ترامب متهما طهران بترتيب الاختراق وحذرها من الثمن الباهظ الذي ستدفعه.

ويشهد العراق منذ تشرين الأول (أكتوبر) تظاهرات حاشدة تطالب بتغيير النظام السياسي الذي تسبب بفساد البلاد. وقتل منذ ذلك الوقت أكثر من 500 متظاهر وجرح حوالي 19.000، وذلك حسب أرقام المبعوث الأممي إلى العراق. ومع أن التظاهرات بدأت احتجاجا على الأوضاع المعيشية وغياب الخدمات واستشراء الفساد إلا أن مشاعر السخط توسعت لتشمل الحنق على إيران وتأثيرها الواسع في البلاد. وربط الكثير من المتظاهرين إيران بالفساد داخل الحكومة وبين الميليشيات الموالية لها. وحرق المتظاهرون القنصلية الإيرانية بالنجف وأجبروا عادل عبد المهدي، رئيس الوزراء، على الاستقالة.

ومنذ ذلك الوقت لم تستطع القوى السياسية الاتفاق على خليفة. ويمتد التأثير الذي زاد بعد خروج القوات الأمريكية من العراق عام 2011 إلى كل مستويات الحياة الدينية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والسياسية. وعندما ظهر تنظيم الدولة كقوة هددت سيادة البلاد ساعدت إيران على بناء الميليشيات المعروفة بالحشد الشعبي. ومع نهاية التنظيم تحولت الميليشيات إلى السياسة ودخل زعماؤها البرلمان، فيما زاد تأثير بعضها على الجيش وتحول بعضها إلى مافيات تقوم بابتزاز المال من العراقيين. وبعد نهاية التنظيم الدولة لا تزال أمريكا تحتفظ بـ5.200 جندي بعضهم في قواعد عسكرية شمال- غرب بغداد وآخرين في قواعد عسكرية بكردستان العراق.

وتعتبر السفارة الأمريكية التي أقيمت على 104 فدان بحجم مدينة الفاتيكان وافتتحت عام 2009 ويعمل فيها بالإضافة للقنصلية الأمريكية في أربيل 486 موظفا. ووسط تزايد التوتر مع إيران قررت الخارجية تخفيض عدد العاملين في السفارة للحد الأدنى.

القدس العربي