القوى السياسية الموالية لإيران تجبر البرلمان على إخراج القوات الأميركية من العراق

القوى السياسية الموالية لإيران تجبر البرلمان على إخراج القوات الأميركية من العراق

بغداد – أجبرت القوى السياسية العراقية الموالية لإيران برلمان البلاد على اتخاذ قرار يلزم الحكومة بإخراج القوات الأجنبية من العراق، مع إلغاء الطلب المقدم في وقت سابق للحصول على مساعدة التحالف الدولي ضد تنظيم داعش.

ومنذ ثلاثة أيام، وجهت الميليشيات الشيعية في العراق تهديدات علنية لجميع النواب الذين لن يصوتوا على مشروع قانون يستهدف طرد القوات الأميركية من العراق.

وخلال جلسة غاب عنها النواب الأكراد ومعظم النواب السنة، صوت البرلمان على مشروع قانون يتضمن أربع فقرات رئيسية، وخامسة شكلية، تتعلق بالوجود الأميركي في العراق.

وبعد قرار البرلمان العراقي تحول السؤال الذي يتصاعد في الأوساط السياسية الدولية عن كيف سترد إيران على مقتل قاسم سليماني إلى كيف سترد أميركا على طلب إخراجها من العراق.

وأعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أنّه يرى “احتمالات حقيقية” لإقدام إيران على استهداف جنود أميركيين ردّا على اغتيال سليماني في بغداد.

وقال الوزير في تصريح لشبكة فوكس نيوز “نعتبر أنّ هناك احتمالات حقيقية بأن ترتكب إيران خطأ وتتّخذ قرار استهداف بعض قواتنا، قوات عسكرية في العراق أو جنود في شمال شرق سوريا”.

والفقرة الأهم التي صوت عليها البرلمان هي إلزام الحكومة بإنهاء الوجود العسكري الأجنبي في البلاد بشكل كلي، فيما نصت الفقرة الثانية على إلغاء الطلب الذي تقدم به العراق العام 2014 إلى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة للحصول على مساعدته في الحرب على تنظيم داعش.

وفي الفقرة الثالثة، باتت الحكومة العراقية ملزمة بمنع أي قوات أجنبية من استخدام أجواء البلاد لأي سبب كان.

كما صوت البرلمان على بدء الإجراءات التشريعية لإلغاء الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة، ما يعني سد جميع الثغرات التي قد تسمح ببقاء أي قوات أميركية في العراق.

أما الفقرة الخامسة، التي كان وجودها شكليا، وفقا لمراقبين، فهي إلزام الحكومة بحصر السلاح في أجهزة الدولة الرسمية.

ووفقا لنائب كردي في البرلمان العراقي، فإن فقرة حصر السلاح بيد الدولة، وضعت لإنقاذ بعض النواب السنة الذين حضروا الجلسة وصوتوا لصالح هذه القرارات من الحرج.

وقال مراسل “العرب” في بغداد، إن عددا من النواب السنة التابعين لحزب المشروع العربي بزعامة خميس الخنجر، حضروا الجلسة وصوتوا مع أقرانهم الشيعة.

ويقول خبراء في القانون الدولي إن الإطار القانوني لعملية التصويت البرلماني ليس واضحا، فالمعاهدات الدولية هي اختصاص حكومي، يحق للبرلمان تعديلها وليس إلغاءها، ما يعني أن فض الشراكة العسكرية مع الولايات المتحدة هو من اختصاص السلطة التنفيذية.

لكن حكومة رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي، لا تملك حق نقض أي اتفاقيات دولية وفقا للقوانين النافذة، لأنها حكومة تصريف أعمال، ما يفتح الباب على نزاع قانوني لا يعرف مداه.

وسخر مراقب عراقي من قرار البرلمان العراقي بالقول “وهل استشارت الولايات المتحدة دمشق بإقامتها قواعد عسكرية في منطقة الجزيرة السورية لكي تستمع إلى رأي بغداد المأسورة إيرانيا بالكامل اليوم”.

الميليشيات الشيعية الموالية لإيران تهدد علنا النواب الذين لن يصوتوا على مشروع قانون طرد القوات الأجنبية

وأكد مصدر سياسي عراقي أن إيران ستسعى من خلال ممثليها المباشرين في مجلس النواب إلى تعويض عجزها عن الرد العسكري على مقتل سليماني، وهو ما يمكن أن تسمح به الولايات المتحدة باعتباره مخرجا للأزمة.

وتساءل المصدر في تصريح لـ”العرب”، “لكن هل سيكون ذلك القرار ملزما للولايات المتحدة؟ ذلك سؤال سيكون محل نقاش بين حكومتي العراق والولايات المتحدة من خلال العودة إلى الاتفاقية الأمنية الموقعة بين الطرفين والتي لا تنحصر بالتهديدات التي مثلها ظهور تنظيم داعش”.

وقال إن فقرة الإبقاء على فنيين ومدربين عسكريين أجانب بغض النظر عن أعدادهم، يمكن أن تفرغ قرار مجلس النواب العراقي من مضمونه.

واعتبر المصدر القرار بمثابة نصر صوري لإيران يخرجها من مأزق التورط في حرب، لن تكون في مصلحتها.

وأوضح “يمكن اعتبار قرار مجلس النواب العراقي نوعا من التهدئة التي توحي بأن إيران اكتسبت شيئا مقابل خسارتها الفادحة. وهو ما يرضي دولا كثيرة دعت إلى ضبط النفس، إضافة إلى أن الولايات المتحدة لن تخسر شيئا حين تقوم بتجزئة وجودها العسكري بين قواعد عراقية وأخرى تقع داخل كردستان”.

وكان لافتا حضور رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي إلى جلسة البرلمان العراقي، حيث ألقى كلمة، ترجمت حالة الخنوع الكامل للرغبة الإيرانية.

وقال عبدالمهدي إن “الطائرات الأميركية جابت أجواء بغداد خلال الأيام الماضية دون إذن من الحكومة العراقية”، مضيفا “كنت على موعد مع قاسم سليماني مساء يوم اغتياله ليسلمني رسالة من السلطات الإيرانية”.

وتابع “بدأنا نشعر بتراجع الثقة بيننا وبين واشنطن منذ أعلنا أننا خارج منظومة تنفيذ العقوبات ضد إيران”، مؤكدا أن واشنطن “رفضت الاعتذار عن قصفها مقار تابعة للحشد في القائم كان قد أدى إلى سقوط قتلى”.

ومضى إلى القول إن “أميركا أبلغتنا بأن إسرائيل قصفت مستودعات الحشد الشعبي الصيف الماضي”، موصيا البرلمان بـ”اتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء وجود القوات الأجنبية” في العراق.

وأعلنت وزارة الخارجية العراقية، الأحد، تقديم شكوى إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة حيال “الاعتداءات الأميركية ضد مواقع عسكرية عراقية، والقيام باغتيال قيادات عسكرية عراقية وصديقة”.

وكانت الخارجية العراقية استدعت السفير الأميركي لدى العراق، للتنديد بـ”انتهاك صارخ لسيادة” البلاد، بعد اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس في بغداد، وغارة على قاعدة لفصيل موال لإيران في 27 ديسمبر.

ودافع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن الضربة الجوية الأميركية التي أسفرت عن مقتل سليماني قائلا إن معلومات المخابرات أوضحت أن التقاعس عن التحرك ضد سليماني كان سيمثل تهديدا أكبر.

وأضاف بومبيو خلال مقابلة مع برنامج “ذيس ويك” على قناة “إي.بي.سي”، “تقديرات المخابرات أوضحت أن التقاعس، بما يسمح لسليماني بمواصلة تدبيره وتخطيطه، لحملته الإرهابية يمثل خطرا أكبر من التحرك الذي أقدمنا عليه الأسبوع الماضي”.

العرب