مع بداية عام 2020 تكاثرت الأقاويل حول حرب عالمية ثالثة على الأبواب، وبالرغم من أن الكثيرين سخروا من الأمر عبر منصات التواصل الاجتماعي، فإن الأمر خرج من حيز المزحة إلى الاحتمالات وهو ما أثار قلق الجميع، خاصة بعد التصعيد الذي حدث فجر اليوم الأربعاء من استهداف إيران قاعدة عين الأسد في العراق بضربات صاروخية، وتهديد الحرس الثوري الإيراني بتوسيع نطاق ضرباته في حال ردت واشنطن عسكريا.
في القائمة التالية، بعض الأعمال الفنية التي ربما تسببت عبر السنوات في زيادة حدة وتيرة الضغينة بين الطرفين، خاصة مع إصرار هوليود على تقديم صورة ذهنية بعينها لجمهورها في ما يتعلق بإيران والثقافة الإيرانية، وفي حين أن البعض يرفضون فكرة تنميط الشرق الأوسط بأكمله باعتباره وجهة للإرهاب، فإن هناك من يصدقون ما يشاهدونه.
“أرغو” (Argo)
بالرغم من أن الفيلم إنتاج 2017 فإن أحداثه تدور حول واقعة حقيقية جرت في نوفمبر/تشرين الثاني 1979، بدأت حين قام بعض المتظاهرين الإيرانيين باقتحام السفارة الأميركية واحتجاز الموجودين رهائن مقابل تسليم الشاه لإيران بعد أن هرب للولايات المتحدة.
ولحسن الحظ يستطيع البعض الفرار واللجوء إلى منزل السفير الكندي، ومع أنهم يحتمون به إلا أن أمانهم يظل مؤقتا أمام عدم قدرتهم على العودة إلى وطنهم، وهنا تقرر المخابرات الأميركية مساعدتهم في الهروب عبر التظاهر بالرغبة في تصوير فيلم سينمائي بإيران.
على الصعيد الفني، نجح الفيلم بشدة ولقي استحسانا من النقاد والجمهور وتجاوزت إيراداته 232 مليون دولار، قبل أن يفوز بالأوسكار والغولدن غلوب والبافتا البريطانية.
لكن على صعيد سياسي منعت السلطات الإيرانية عرض الفيلم في إيران بدافع أن العمل استعرض أحداثا غير تلك التي جرت على أرض الواقع، وهدف لإظهار إيران دولة قوامها العنف والفوضى دون أن يوضح الأسباب المنطقية التي دفعت لحدوث كل ذلك.
“ماء الورد” (Rosewater)
فيلم دراما سياسية وسيرة ذاتية صدر عام 2014، قصته مستوحاة من مذكرات الصحفي والكاتب اﻹيراني مازيار باهاري، التي حكى فيها قصة اعتقاله من قبل السلطات الإيرانية، وذلك بعد الانتخابات الرئاسية عام 2009 وكتابته عن أعمال العنف التي مورست ضد المتظاهرين أثناء الانتخابات.
حيث تم اتهامه بالتخابر مع جاسوس أميركي، ولم يكن هذا الجاسوس سوى الإعلامي الأميركي المعروف جون ستيوارت، وذلك على خلفية ظهور الصحفي معه في لقاء تلفزيوني خلال البرنامج الكوميدي الساخر “ذي دايلي شو”، وقد سلط الفيلم الضوء على طرق الاستجواب الوحشية التي تعرض لها الصحفي على مدار 118 يوما هي فترة احتجازه.
الفيلم أخرجه جون ستيوارت وأسهم في كتابته، أما بطولته فقام بها الممثل المكسيكي غايل غارسيا برنال، وإن شارك بعض النجوم الإيرانيين في العمل كذلك.
“كتلة أكاذيب” (Body of Lies)
فيلم آخر منع من العرض في إيران بدعوى أنه يصور إيران دولة ترعى الإرهاب بل تهدف لترويج المخدرات، صدر العمل في 2008 ولعب بطولته النجم ليوناردو دي كابريو وراسل كرو، وأخرجه ريدلي سكوت. أما أحداثه فدارت حول عميل بالمخابرات الأميركية يسعى للإيقاع بأحد قادة تنظيم القاعدة، ومع توالي الأحدث يتضح أن هناك خيطا قويا يربط بين إيران والتنظيم ونشر الإرهاب.
تبعات العمل لم تتوقف عند منعه من العرض، بل شملت أيضا منع الممثلة جولشفتي فرهاني، إحدى بطلات العمل، من السفر واستجوابها من قبل المخابرات لمناقشتها حول أي أدوار مستقبلية في هوليود، خاصة أنها خالفت قواعد السلطات الإيرانية وظهرت بالفيلم دون حجاب.
“ليس من دون ابنتي” (Not Without My Daughter)
فيلم درامي أميركي صدر عام 1991 من بطولة سالي فيلد، وألفريد مولينا، ودارت أحداثه حول خبير كيميائي يقرر السفر من الولايات المتحدة إلى العاصمة الإيرانية طهران برفقة زوجته وابنته بعد وقت قصير من الثورة الإيرانية. وبالرغم من أن الزوجة تصاب بالقلق فإنها سرعان ما تستمع إلى زوجها الذي يخبرها أنهم سيعودون خلال أسبوعين.
وهناك في إيران، تفاجأ الزوجة بالفكر العنصري تجاه أميركا من جهة والنساء من جهة أخرى، وأمام تضامن زوجها مع الثورة وقراره بعدم العودة لأميركا، لا يصبح على الزوجة سوى أن تحاول الفرار من ذاك الجحيم، لكنها ترفض أن تنجو بحالها وتصر على إنقاذ ابنتها أيضا، وهو الأمر الذي يبدو صعبا للغاية، لكنها -وكما يليق بأم- لا تترك بابا دون أن تطرقه من أجل النجاة.
يذكر أن العمل أثار ضجة هائلة عند عرضه، حتى أنه منع من العرض في إيران لعدة أسباب، أهمها كونه يظهر الوضع السيئ للنساء في ظل حكم الثورة الإيرانية، بجانب إساءته لنظام ولاية الفقيه في إيران.
“أرض الوطن” (Homeland)
وأخيرا “أرض الوطن” وهو مسلسل درامي يجمع بين الجريمة والغموض، بدأ عرضه في 2011 وصدر عنه حتى الآن سبعة مواسم، على أن يعرض الموسم الثامن في فبراير/شباط المقبل.
فنيا، العمل يعد ناجحا بجميع المقاييس فمن جهة منحه الجمهور 8.3 درجات تقييما على موقع “آي.أم.دي.بي” الفني، ومن جهة أخرى حصد العمل حتى الآن ستين جائزة، أشهرها الغولدن غلوب والإيمي. أما جماهيريا، وتحديدا في الشرق الأوسط فقد أثار العمل استياء مختلف الجنسيات العربية.
خاصة، مع إصرار صناعه على إظهار العرب والمسلمين إرهابيين ومثيرين للكراهية والعنف، وتصويرهم العرب مصدرا لتهديد دائم ومشتبها بهم طوال الوقت وجاء على رأس القائمة إيران بالطبع.
وهو ما جعل البعض يصنفون المسلسل بصفته أحد أكثر الأعمال الدرامية تعصبا بتاريخ التلفزيون حتى أنه يروج لقبول ممارسة العنف ضد المدنيين من قبل أميركا باعتبارها طريقة للاحتياط وتجنب أي خطر مستقبلي.
الطريف أن القائمين على العمل تواصلوا مع فنانين غرافيتي في 2015 لكتابة بعض العبارات العربية المعادية لأميركا على الجدران وذلك بإحدى الحلقات التي دارت أحداثها داخل مخيم للاجئين على الحدود اللبنانية السورية.
ولأن صناع العمل لا يعرفون شيئا عن العربية، قام فنانو الغرافيتي بكتابة عبارات تتهم المسلسل نفسه بالعنصرية ضد العرب وتحرض على عدم مشاهدته، وذلك وفقا لما نشر بصحيفة الغارديان البريطانية.
الجزيرة