نشرت صحيفة “التايمز” البريطانية تحقيقا أكدت فيه أن لندن تعتبر مركزا هاما للدعاية للنظام الإيراني. ويشير التحقيق إلى “العديد من الأشخاص والمنظمات في المملكة المتحدة، وجزء كبير منهم يوجد في شمال غرب لندن، وترتبط آراؤهم وأنشطتهم ارتباطا وثيقا بالإيديولوجية الدينية للحكومة الإيرانية، ويلعبون دورا في تصدير أيديولوجية الثورة الإسلامية الإيرانية إلى جميع أنحاء أوروبا”.
التحقيق الذي أعده أندرو نورفولك، مسؤول قسم التحقيقات في الصحيفة، جعل من مهندس برمجيات إيراني الأصل مقيم في بريطانيا نقطة انطلاق تحقيقه، الذي عنونه “باحث ينشر الدعاية الإيرانية في بريطانيا”.
يقول نورفولك إن المهندس واسمه “شابير حسنلي، هو أيضاً رجل دين من الطائفة الشيعية، قام بتطوير برامج كمبيوتر تتيح للقنوات التلفزيونية الإيرانية المملوكة للدولة الوصول إلى منازل ملايين المسلمين”.
وبحسب الكاتب فإن حسنلي “هو واحد من بين العديد من الأشخاص والمنظمات في المملكة المتحدة، وجزء كبير منهم يوجد في شمال غرب لندن، وترتبط آراؤهم وأنشطتهم ارتباطا وثيقا بالإيديولوجية الدينية للحكومة الإيرانية. وهم يشكلون أقلية صغيرة ضمن جالية إيرانية أكبر في بريطانيا، معظم أفرادها، حسب استطلاع أجراه معهد لندن للشرق الأوسط، يقدمون أنفسهم على أنهم لا يحملون أي معتقدات دينية أو غير ممارسين”.
ويشير الكاتب إلى أن حسنلي، البالغ من العمر 48 عاماً، “صمم تطبيقات الأندرويد والبرامج الخاصة بقناة “برس” التلفزيونية الناطقة بالإنكليزية والقناتين التابعتين لها، وهما هيسبان، الناطقة بالإسبانية، والعالم، الناطقة بالعربية. والقنوات الإخبارية الثلاث هي جزء من هيئة الإعلام التابعة للجمهورية الإسلامية”.
ويقول الكاتب إن قناة “بريس تيفي” منعت من البث في بريطانيا عام 2012 بعد انتهاء رخصتها، وكذلك منعت هسبان في إسبانيا، لكن القناتين تابعتا البث عبر الإنترنت بفضل التطبيقات التي طورها حسنلي شخصياً.
وكان جدل كبير أثير حول مشاركة سياسيين بريطانيين في القناة وفي مقدمتهم زعيم العمال جيرمي كوربن. وكان النائب المحافظ ورئيس لجنة الشؤون الخارجية السابق، توم توغينهات، اتهم كوربن بالحصول على مبلغ 20.000 دولار لقاء ظهوره على القناة.
وفي 2011 كان المصرف البريطاني ناشيونال وستمنستر (ناتوست) جمّد حسابات القناة الفضائية الإيرانية ‘برس تي في’ التي تبث من لندن. وكشفت صحيفة “التايمز”، حينها، أن كين ليفنغستون عمدة لندن السابق توقف عن تقديم برنامجه الشهري في قناة ‘برس تي في’، ونقلت حينها عن الناشطة الإيرانية في مجال الدفاع عن حقوق الانسان والحاصلة على جائزة نوبل للسلام شيرين عبادي التي تعيش في المنفى شجبها ما اعتبرته ‘استعداد لينفغستون للعمل مع برس تي في مقابل 500 جنيه إسترليني عن كل حلقة يقدمها’.
وقالت التايمز، حينها، إن ‘مصرف ناتوست أغلق حساب قناة برس تي، والذي يُعتقد أنه كان يحتوي على أكثر من 100 ألف جنيه إسترليني’، وفي إطار تحرك وصفه مؤيدو القناة بأنه ‘مؤامرة لإسكات ‘برس تي في من قبل الإمبريالية الغربية’. ونسبت إلى لورين بوث شقيقة زوجة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق طوني بلير التي اعتنقت الإسلام والعاملة في القناة الإيرانية، حينها، قولها: ‘إن الإجراء الذي اتخذه مصرف ناتوست عقابي وسرقة وحشية’.
وإضافة إلى نشاطه في الجانب الدعائي التلفزيوني، أكد كاتب التايمز أن المهندس حسنلي لعب دوراً مهماً في تفعيل المواقع الإلكترونية لمعهدين مهمين ناشطين في نشر أفكار الثورة الإسلامية في العالم، وكل منهما لديه فروع في بريطانيا.
ويكشف نورفولك أن الكلية الإسلامية في لندن تعتبر فرعا من جامعة المصطفى الدولية في مدينة قم الإيرانية، كما أن بعثة أهل البيت الإسلامية في لندن هي الذراع البريطانية للمجمع العالمي لأهل البيت الموجود في طهران”.
ونقل الكاتب عن كسرى عربي، وهو خبير إيراني من معهد توني بلير للتغييرالعالمي، قوله: “إن النظام الإيراني يضع على سلم أولوياته تصدير أفكار الثورة الإسلامية إلى العالم، وهو يفعل ذلك بطرق عدة، ومن بينها إنشاء ودعم المعاهد التي تروج لأفكاره في الخارج، والتي تقع رسمياً تحت سيطرة النظام الإيراني”.
القدس العربي