مدينة ووهان بوسط الصين تعيش أوقاتاً عصيبة ومفزعة بسبب تفشي فيروس كورونا القاتل. المدينة التي يقطنها 11 مليون شخص سجَّلت 571 حالة إصابة، وارتفع عدد الوفيات إلى 17، ما استدعى السلطات الصينية إلى تطبيق الحجر الصحي، وتعطيل حركة المواصلات العامة دخولاً وخروجاً من المدينة، أيضاً طُبّق الحجر الصحي في مدن مجاورة.
هذه الإجراءات حدت من حركة نحو 20 مليون شخص، كانوا يتأهبون للسفر وقضاء عطلة السنة القمرية الصينية (عيد الربيع) التي تبدأ بنهاية يوم الجمعة الموافق 24 يناير (كانون الثاني) 2020، وألغيت مئات الرحلات الجوية، ورحبت منظمة الصحة العالمية بالإجراءات الصينية للحد من انتشار المرض.
تسبب انتشار هذا الفيروس في موجة من الذُعر، ونفدت على إثر ذلك كمامات الأنف من الأسواق، مع قدوم أعياد الربيع يتزايد تحرّك السكّان إلى المناطق الريفية، ما يتطلب مجهودات كبيرة من السلطات الصينية في السيطرة على عدم نقل المرض مع هذه التحركات.
البعد الدولي لهذا الوباء يجعل الصين تحت المجهر والتوقف على قدرتها في الحد من انتشار الفيروس، ومعلوم أن الصين تضع التفاعل بين الشعوب أحد محاور خطتها للتواصل مع العالم في مشروعها (الحزام والطريق)، لذلك تسعى السلطات الصينية بجدية لمكافحة انتشار الوباء ومحاصرته في أماكن انتشاره.
ذكرت إدارة الملاحة المدنية في الصين، حسب تقرير وكالة (شينخوا)، إلغاء 288 رحلة طيران صباح الخميس 23 يناير (كانون الثاني) 2020 من أصل 566 رحلة.
أول حالة وفاة بهذا الفيروس لمسن صيني عمره 61 عاماً كانت في ووهان في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2019، بينما أول حالة إصابة سُجّلت في الشهر نفسه يوم 8 ديسمبر (كانون الأول) 2019، وتم الإعلان الرسمي في 31 ديسمبر 2019.
التأثيرات الاقتصادية
كانت التوقعات تشير إلى نحو 3 مليارات مسافر خلال عطلة السنة القمرية التي تمتد من 10 يناير (كانون الثاني) 2020 وإلى 18 فبراير (شباط) 2020، وهي فترة احتفالات الربيع والسنة الجديدة في الصين، وهو تقليد يزور فيه الصينيون الأسرة، ويرجعون إلى الأرياف.
حجوزات الطيران كانت تشير إلى 17,000 رحلة طيران في اليوم بزيادة 13% مقارنة بعدد رحلات الطيران خلال عطلة السنة القمرية العام الماضي. بعد أزمة الوباء في بعض المدن في وسط الصين سيتأثر قطاع الطيران سلباً بتراجع عدد المسافرين، وكذلك قطاع التجزئة.
تأتي هذه الأزمة والصين تشهد أبطأ وتيرة نمو خلال ثلاثة عقود، إذ بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي 6.1% في 2019.
توقع بنك غولدمان ساكس أن ينخفض الطلب على النفط بـ269,000 برميل نفط في اليوم، وأن يخسر النفط نحو 3 دولارات لكل برميل، وأن ينخفض الطلب على وقود الطائرات بـ170,000 برميل في اليوم.
الأسواق تراقب أسواق السلع والمعادن لارتباطها المباشر بحالة الاقتصاد الصيني، فعندما ترتفع حالة الخوف تطالب السلطات بتجنّب أماكن الزحام، ويتوقف الناس عن السفر، فينخفض الطلب على مشتقات الطاقة والنفط بأشكاله المختلفة.
هذا الرابط مباشر بين انخفاض أسعار النفط وتفشي الأوبئة والفيروسات، وهذا الأسبوع خسر مزيج برنت نحو 6%، وتراجع إلى 62 دولاراً للبرميل، ودائماً ما تكون المقارنة بما حدث في 2003 عندما تفشّى فيروس سارس الذي أصاب نحو 8,000 شخص، وحالات الوفاة بلغت حينها نحو 800 حالة في 37 دولة، قدّرت خسارة الاقتصاد العالمي وقتها بـ40 مليار دولار.
الصين من الدول الأكثر تضرراً، الآن السلطات الصينية تحاول تفادي الآثار الاقتصادية الكارثية، وأيضاً تحاول الحد من انتشار الفيروس بكل السبل لعدم تكرار الكارثة التي حدثت قبل 17 عاماً.
عبدالعظيم الأموي
اندبندت عربي