حذّر مركز الأبحاث البريطاني “أكسفورد إيكونوميكس” من أن انتشار فيروس كورونا إلى مناطق خارج آسيا وتحوّله إلى وباء عالمي، سيؤدي إلى انخفاض الدخل العالمي بنسبة 1.3% هذا العام، أي ما يعادل 1.1 تريليون دولار من الدخل المفقود.
وقال إن الفيروس كان له بالفعل “تأثير تقشعر له الأبدان”، حيث امتدت عمليات إغلاق المصانع في الصين إلى الدول المجاورة، وكافحت الشركات الكبرى للحصول على المكونات والسلع من الصين.
ووضع المركز أكثر من سيناريو حول تأثيرات الفيروس على الاقتصاد، فإذا أصبح الوباء عالمياً، فإن النمو الاقتصادي سينخفض في النصف الأول من 2020 إلى ما يقرب من الصفر، وستدخل منطقة الولايات المتحدة ومنطقة اليورو “فترات الركود الفني”، كما كتب آدم سلاتر، كبير الاقتصاديين في “أكسفورد إيكونوميكس”، في مذكرة موجهة للعملاء.
ومن شأن ذلك أن يحذف 1.3% من النمو العالمي لعام 2020 من توقعاته الأساسية للنمو بنسبة 2.3%. وهذا الانخفاض يوازي 1.1 تريليون دولار، هو بمثابة خسارة إجمالي الناتج السنوي لإندونيسيا.
أما إذا كان الوباء مقتصراً على آسيا، فإن الناتج المحلي الإجمالي العالمي سينخفض 400 مليار دولار، أو نصف نقطة مئوية في عام 2020، وسوف يتراجع النمو في منطقة آسيا والمحيط الهادئ من حوالي 4% في نهاية عام 2019 إلى 1.5% في النصف الأول من عام 2020، وهو الأبطأ منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.
وأكدت أكسفورد أنها تتوقع أن ينخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين من 6% في العام الماضي إلى 5.4% في عام 2020 بعد انتشار الفيروس حتى الآن.
وتستند السيناريوهات إلى ما حدث خلال انتشار الفيروسات السابقة، مثل السارس وأنفلونزا الخنازير، وتفترض أن الهبوط الاقتصادي سيأتي من جبهات متعددة: انخفاض الإنفاق التقديري مع إصابة الناس بالمرض، قيود السفر، إعاقة الإنتاج مع وجود الكثير من الناس غير قادرين على العمل، وانخفاض حاد في الإنفاق على السياحة. كما تفترض انخفاض الاستثمار بسبب عدم اليقين، وانخفاض الطلب، وتعطل سلسلة التوريد التجاري والمالي، مع انخفاض أسعار الأسهم.
في حين تشير السيناريوهات إلى أن توجيه ضربة قوية لاحتواء الفيروس، سيؤدي إلى الانتعاش السريع والحاد، وفق وجهة النظر المتفق عليها بين المستثمرين.
ويدعم هذا الافتراض جزئياً الرأي القائل بأن السلطات الصينية تقدم حافزاً لتخفيف الضربة القاضية لاقتصادها، من المساعدات المالية إلى مساعدة ربط المصانع بشركات التكنولوجيا لتحديد النقاط الضعيفة في سلاسل التوريد الخاصة بها.
في حين شرحت شركة “كابيتال إيكونوميكس” للاستشارات، أن الوضع في الصين ما زال يتطور، وأنه من غير الواضح كم من الوقت يستلزم قبل أن تقوم الشركات بتسريح العمال على نطاق واسع مع تقليص الأجور.
وقالت إن 85% من الشركات الكبرى المدرجة في سوق الأسهم لديها أموال كافية للوفاء بالتزاماتها وفواتير الأجور لأكثر من ستة أشهر من دون أي إيرادات إضافية.
لكن الآلاف من الشركات الصغيرة والمتوسطة، المسؤولة عن نصف الوظائف تقريباً، “قد لا تستجيب لأوامر الحكومة بعدم التخلي عن الوظائف”.
وذكرت دراسة استقصائية شملت 1000 من الشركات الصغيرة والمتوسطة أجرتها جامعتان صينيتان أنه ما لم تتحسن الظروف، فإن ثلث الشركات ستنفذ من النقد خلال شهر واحد. ووجدت دراسة أخرى شملت 700 شركة أن 40% من الشركات الخاصة ستنفذ من الأموال في غضون ثلاثة أشهر.
وقال المحلل الاقتصادي في “كابيتال إيكونوميكس”، جوليان إيفانز بريتشارد: “إن أفضل تخميننا هو أنه لا تزال هناك نافذة أمل لأسبوع آخر تقريباً، حيث من المحتمل أن يحتفظ معظم الموظفين، بما في ذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة الضعيفة، بوظائفهم، إذا انتعش النشاط الاقتصادي”.
ومع تجنب تسريح العمال على نطاق واسع في الصين، فإن الإنفاق الاستهلاكي سوف يرتد بسرعة بسبب الطلب المكبوت، والذي بدوره سيساعد الشركات التي تعمل لحسابها الخاص وتلك العائلية على تعويض الكثير من خسائرها الأخيرة في الدخل.
وأضاف بريتشارد: “لكن مع كل يوم يستمر فيه الاضطراب، يرتفع خطر التراجع الطويل في الإنتاج. إذا لم يكن النشاط ينتعش بوضوح بحلول نهاية الأسبوع المقبل، فسنعيد النظر في توقعاتنا للنمو السنوي”.
وتأتي هذه التوقعات بموازاة إعلان هيئة صينية للنهوض بالتجارة، الثلاثاء، أن بعض المشترين الخارجيين للمنتجات المعدنية الصينية أوقفوا قبول الشحنات من الصين على خلفية أزمة ظهور فيروس كورونا الجديد، في حين يسعى البعض الآخر إلى الحصول على تعويضات بسبب تأخر تسليم طلبياتهم.
وقال مجلس تجارة المعادن التابع للمجلس الصيني لتشجيع التجارة الدولية، في موقعه على الإنترنت، إن شركات في دول منها روسيا وتركيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أبلغت الموردين الصينيين أنها إما لن تتسلم أو أنها تسعى إلى تعليق عمليات الشراء.
وأضافت الهيئة التي تدعمها الدولة أن مشترين أجانب آخرين، من بينهم شركات هندية، يسعون إلى طلب تعويضات على سلع لم يتسلموها في الوقت المحدد، من دون أن تشير إلى شركة أو منتجات بعينها.
وقالت إن انتشار فيروس كورونا الجديد، الذي أودى بحياة أكثر من 2000 شخص في الصين، تسبب أيضا في وقف الاتصالات التجارية المباشرة.
ومع أن الصين هي أكبر مستهلك للمعادن في العالم، فإنها تعتبر أيضا أكبر مصدر لبعض المعادن الصناعية كالصلب والألومنيوم. وصدّرت في 2019 ما تقدّر قيمته بـ52.8 مليار دولار من منتجات الصلب.
لكن من المنتظر أن يشهد ناتج البلاد من المعادن انخفاضا حادا، مع بقاء العمال في منازلهم، التزاما بقرارات الحجر الصحي المفروض.
وتكافح الشركات أيضا لتدبير المواد الخام أو شحن منتجاتها إلى الخارج، وسط قيود مفروضة على وسائل النقل تهدف إلى وقف انتشار الفيروس.
وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ، الثلاثاء، إن الصين يمكنها أن تحقق النمو الاقتصادي المستهدف للعام 2020 رغم التأثير الذي أحدثه تفشي فيروس كورونا الجديد.
فيما أكدت وزارة التجارة أن الصين ستتخذ خطوات نحو استقرار التجارة الخارجية والاستثمار الأجنبي والاستهلاك، لتقليل الآثار الناتجة عن تفشي فيروس كورونا إلى أقل قدر ممكن.
وقالت الوزارة أيضا إنها ستشجع الشركات على زيادة واردات السلع الطبية والمنتجات الزراعية التي يوجد نقص في المعروض منها في البلاد. وأضافت أن الصين ستعزز سياسات لاستقرار الاستثمار الأجنبي ودعم ثقة المستثمرين.
وخفضت الصين سعر الإقراض الرئيسي، الخميس، كما كان متوقعا، على نطاق واسع؛ إذ تتحرك السلطات لخفض تكاليف تمويل الأنشطة التجارية ودعم اقتصاد يهزه التفشي الكبير لفيروس كورونا.
وأضر التفشي بسلاسل الإمداد العالمية، وسبب تعطيلا واسعا للأنشطة التجارية والمصانع في الصين، مما دفع السلطات إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات خلال الأسابيع القليلة الماضية لتخفيف الأثر على النمو.
وقلصت بكين سعر الإقراض الرئيسي لأجل عام، وهو سعر الفائدة القياسي الجديد للقروض الذي بدأت العمل به في أغسطس/آب، عشر نقاط أساس إلى 4.05% من 4.15% في التعديل الشهري السابق.
وتقرر خفض فائدة أجل خمس سنوات بمقدار خمس نقاط أساس إلى 4.75% من 4.80%. وكان 51 مشاركا في استطلاع لرويترز أجمعوا على توقف خفض سعر الفائدة الرئيسي، بينهم 38، أو نحو 75% من المشاركين، رجحوا خفضا قدره عشر نقاط أساس للسعرين.
وفي السياق، قررت الصين إعفاء 696 سلعة أميركية من رسوم جمركية عقابية، أبرزها المنتجات الزراعية والطاقة، في أكبر إعفاء من الرسوم حتى الآن، حيث تسعى بكين إلى تنفيذ التزاماتها في اتفاق التجارة الأولي المبرم مع الولايات المتحدة.
ويأتي الإعلان بعد سريان اتفاق المرحلة الأولي بين البلدين، في الرابع عشر من فبراير/شباط، وهذه هي الجولة الثالثة من الإعفاءات التي تمنحها الصين للسلع الأميركية.
العربي الجديد