زغرب ـ تعيش حدود تركيا مع اليونان حالة من الاحتقان بسبب محاولة الآلاف من اللاجئين العبور إلى دول الاتحاد الأوروبي، وذلك في محاولة من أنقرة لابتزاز بروكسل للتحرك ودعمها في مواجهتها للنظام السوري وحليفه الروسي في إدلب التي تلقت فيها تركيا خسائر فادحة.
غير أن الاتحاد الأوروبي يرفض مساومة النظام التركي واستخدام اللاجئين كورقة ابتزاز أو مساومة، في إشارة إلى مواقف الرئيس التركي الأخيرة رجب طيب أردوغان، والتي لوح خلالها ببحر من اللاجئين باتجاه أوروبا، في مسعى لحصد مزيد من الدعم الأوروبي لبلاده.
فقد أكد جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي أنه “لا يمكننا قبول استخدام اللاجئين كمصدر ضغط” في إشارة لقرار أنقرة فتح حدودها مع اليونان.
وقال إن حكومات التكتل ستبحث الجمعة تخصيص المزيد من الأموال للمهاجرين في تركيا لكنها لن تقبل استخدام اللاجئين كأداة مساومة.
وقال للصحفيين في العاصمة الكرواتية زغرب قبل رئاسة اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي “سنناقش الأمر”.
من جهته، حذر المستشار النمساوي زباستيان كورتس دول الاتحاد الأوروبي من استقبال لاجئين ومهاجرين من الحدود التركية-اليونانية.
وقال كورتس في تصريحات لصحف مجموعة “فونكه” الألمانية الإعلامية الصادرة الجمعة “إذا وصل هؤلاء الأفراد، الذين يوجد لدى بعضهم استعداد للعنف، إلى وسط أوروبا في النهاية، فإن عددهم لن يبق عند 13 ألف فرد، بل سيصل إلى مئات الآلاف وربما الملايين، وسيكون لدينا في النهاية نفس الأوضاع التي حدثت عام 2015”.
وذكر كورتس أن المهاجر ليس لديه حق في اللجوء، وقال: “أغلب الأشخاص الذين وصلوا حاليا إلى هذه الحدود ليسوا لاجئين فروا من منطقة الحرب في سورية، بل إن أغلبهم مهاجرون يعيشون منذ سنوات في تركيا. هؤلاء الأفراد ليس لديهم حق اللجوء في اليونان، لأنهم لا يتعرضون للملاحقة في تركيا”.
وطالب كورتس الاتحاد الأوروبي بعدم الاستجابة للضغوط التي يمارسها أردوغان باستغلاله لهؤلاء الأفراد، داعيا إلى توفير حماية فعالة للحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، وإلا سيكون هناك عودة إلى الحدود القومية داخل الاتحاد، وقال: “إذا لم تكن الحدود الخارجية فعالة، سيكون هناك حدود داخل أوروبا مجددا”.
وردا على سؤال حول ما إذا كان يتعين الاستعانة بالجيش لحماية الحدود في الحالات القصوى، قال كورتس: “في النمسا هذا أمر معتاد ولذلك لا يثير جدلا انفعاليا. الرقابة على الحدود لدينا يتولاها الجيش والشرطة سويا”.
وطالب كورتس بأن يضطلع الاتحاد الأوروبي بدور وساطة في النزاع السوري، وقال: “هناك حاجة إلى خطة سلام أوروبية لسورية. يتعين على الاتحاد الأوروبي العمل على نحو أكثر فعالية في هذا الصدد… ليس هناك حل سوى إقامة منطقة سلمية في سورية، ويُفضل في الشمال، تحت إشراف الأمم المتحدة لضمان الاستقرار والأمن هناك”، مضيفا أن هناك في سوريا نحو 6 ملايين نازحين داخليين يستحقون مثل هذه المنطقة الآمنة.
واحتدم التوتر على حدود البر الرئيسي لليونان مع تركيا الجمعة حيث أُطلق وابل من عبوات الغاز المسيل للدموع من الجانب التركي من السياج باتجاه حرس الحدود اليوناني.
والموقف متوتر في منطقة كاستانيي الحدودية منذ 28 فبراير الماضي، عندما قالت أنقرة إنها لن تمنع بعد الآن تحرك آلاف المهاجرين لديها صوب أوروبا وهو ما كانت تفعله من قبل بموجب اتفاق أبرمته مع الاتحاد الأوروبي في عام 2016.
وشاهد مراسل رويترز القوات اليونانية تستخدم مدفع مياه في محاولة لتفريق المحتشدين على الحدود، وأعقب ذلك إطلاق وابل من عبوات الغاز المسيل للدموع من الجانب الآخر.
واتهمت السلطات اليونانية القوات التركية بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الدخانية من على الجانب اليوناني من الحدود. وقال مسؤول يوناني “كانت هناك هجمات منسقة هذا الصباح”.
وتؤكد أثينا أن السلطات التركية توزع أيضاً أدوات لقطع الأسلاك التي تمنع المهاجرين من العبور إلى الجانب اليوناني.
وقال مسؤول في الحكومة اليونانية “يجري تنسيق الهجمات بواسطة طائرات مسيرة. وإلى جانب الترويع تهدف هجمات الشرطة التركية هذه لمساعدة المهاجرين على عبور خط الحدود”.
يطرح وجود الغاز المسيل للدموع في جانب المهاجرين على الحدود التركية الكثير من التساؤلات حول كيفية الحصول عليه أو المتسببين الحقيقين في إطلاقه.
وقالت تركيا إن أي عبوات غاز مسيل للدموع أطلقتها كانت ردا على عبوات أطلقت من الجانب اليوناني. وقال وزير الداخلية سليمان صويلو للصحفيين بعد تفقد المنطقة الحدودية الخميس “لماذا تطلق تركيا الغاز المسيل للدموع على الجانب اليوناني من الحدود؟… اليونان تطلق الغاز المسيل للدموع علينا وعلى مراكز شرطتنا على الحدود. ونحن نرد على ذلك”.
واستخدم الجانبان الغاز المسيل للدموع عند نقطة كاستانيي الحدودية يوم الأربعاء. واتهمت أنقرة القوات اليونانية بقتل أربعة مهاجرين بالرصاص وهو ما تنفيه أثينا وتقول إن القوات التركية تساعد المهاجرين على عبور الحدود.
ووصفت أثينا المواجهات بأنها تهديد للأمن القومي وأجرى رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس مشاورات مع القادة الأوربيين لتجنب تكرار ما حدث عام 2015 حينما تدفق عشرات الآلاف من طالبي اللجوء على دول الاتحاد الأوروبي.
وتأتي المواجهات الحدودية غداة التوقيع في موسكو، على اتفاق لوقف إطلاق النار في منطقة إدلب، شمال غرب سوريا، بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان.
وصرح مسؤول في الرئاسة التركية لوكالة أنباء الأناضول الحكومية أن وقف إطلاق النار لا يعني أن أنقرة ستغلق حدودها مع أوروبا.
العرب