هل تنجح عُمان في المقاربة بين الأسد والغرب كما فعلت بملف النووي؟

هل تنجح عُمان في المقاربة بين الأسد والغرب كما فعلت بملف النووي؟

images

ثارت دعوة سلطنة عمان لوزير خارجية نظام الأسد وليد المعلم، لزيارتها، حيث وصل اليوم الخميس إلى أراضيها، أسئلة عن الدور الذي يحتمل أن تقوم به الدبلوماسية العمانية في أهم أزمتين تمسان الخليج والمنطقة، سوريا واليمن.

وقالت صحيفة الوطن السورية شبه الرسمية، في عددها الصادر الخميس: “يصل نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين وليد العلم، اليوم، إلى العاصمة العمانية مسقط، في أول زيارة “رسمية” له إلى دولة عربية منذ ما يقارب أربع سنوات، تلبية لدعوة رسمية تلقاها من نظيره العُماني يوسف بن علوي”.

وزيارة المعلم، القادم من طهران، إلى مسقط – التي لم تقطع علاقاتها الدبلوماسية والسياسية مع دمشق- هي الأولى من نوعها إلى دولة خليجية منذ بدء النزاع الذي تشهده سوريا منذ خمس سنوات.

وتحتفظ سلطنة عُمان بعلاقات صداقة مع كثير من دول العالم؛ وهو ما مكنها من القيام بأدوار وساطة في العديد من القضايا الشائكة في المنطقة، لا سيما قضية إيران النووية.

– حراك

وتأتي جهود السلطنة الخليجية في ظل متغيرات إقليمية ودولية متسارعة وعلى أكثر من صعيد، أبرزها اتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى، حيث قامت بدور الوسيط الناجح فيها، كما أنها تعقب اجتماعات عقدت في جارتها القطرية الدوحة، التي شهدت، الاثنين الماضي، اجتماعاً ثلاثياً مشتركاً ضم وزراء خارجية الولايات المتحدة وروسيا والسعودية، وآخر ثنائياً ضم الوزير الروسي إلى نظيره القطري، بحث خلاله الوزراء الملف السوري والتوصل إلى تسوية سياسية له، تزامناً مع المبادرة الإيرانية المدعومة من موسكو.

ويبدو أن الاجتماعات ستتواصل في مسقط، حيث أشارت الصحيفة السورية إلى معلومات “حول إمكانية عقد لقاء ثلاثي بين وزراء خارجية سوريا والسعودية وإيران”، في العاصمة العمانية، وهو ما قد يعني أن الحراك المتعاقب في مختلف البقاع سيصب من أجل تسوية واحدة، عنوانها سوريا واليمن أو إيران والسعودية، وتكون فيها سلطنة عمان، الدولة المعروفة بانحيازها للحياد، هي الوسيط المقبول من مختلف الأطراف.

وفي السياق ذاته، كان المعلم قد التقى في طهران، الأربعاء، عدداً من المسؤولين أبرزهم الرئيس حسن روحاني. كما التقى ممثل الرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف الموجود في طهران أيضاً.

وتزامنت زيارة المعلم إلى طهران مع إعلان إيران، أمس الأربعاء، عزمها التقدم إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بخطة سلام جديدة لإنهاء النزاع المستمر في سوريا منذ منتصف شهر مارس/آذار 2011، والذي تسبب بمقتل أكثر من 230 ألف شخص.

وذكرت قناة الميادين التلفزيونية، القريبة من الأسد وإيران، أن الخطة تقترح “وقفاً فورياً لإطلاق النار في سوريا، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وتعديل الدستور (…)؛ بهدف ضمان حقوق الأقليات وإجراء انتخابات يشرف عليها مراقبون دوليون”.

– الوساطة العمانية

وتتميز السياسة الخارجية في سلطنة عمان بالحيادية على المستوى الدولي، وهو ما وفر لها المناخ الملائم للبناء والتطوير على المستوى الداخلي، وقد نجحت بذلك بالفعل، إذ غالباً ما يكون موقفها من الأحداث الخارجية رافضاً للانحياز لأي طرف في الصراعات.

وابتعدت السلطنة بقيادة السلطان قابوس بن سعيد عن المهاترات السياسية والصراعات والتكتلات الخارجية، فضلاً عن عدم مشاركتها عسكرياً في عاصفة الحزم ضد انقلاب الحوثيين في اليمن.

ويرى مراقبون أن عُمان في الوقت الحالي تتعامل مع متغيرات المنطقة وفقاً لاستراتيجيات ثلاث؛ هي الاستفادة من مكانتها طرفاً محايداً لتصبح الجسر الرئيس بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي، وتعزيز التعاون الاقتصادي مع طهران، إلى جانب تكثيف التعاون الأمني مع الغرب.

وترتبط عمان بعلاقة قوية مع إيران، أهلتها لأن تصبح حاضنة لعدة جولات من المفاوضات النووية، وعملت على تقريب وجهات النظر بين طهران والدول الغربية، في الوقت الذي ترفض فيه السعودية وحلفاؤها أي تعامل مع إيران.

أبعد من ذلك، ذهبت السلطنة إلى التوقيع عام 2013 على اتفاقيات تعاون عسكري مع إيران، شملت حصول طهران على تسهيلات لأسطولها البحري في الموانئ العمانية الواقعة على مضيق هرمز، ومذكرة تفاهم للتعاون الدفاعي بين الجانبين، وهي اتفاقية عسكرية فريدة من نوعها للتعاون الدفاعي بين دولة خليجية وإيران.

وترجع قوة العلاقة العمانية الإيرانية لأسباب وعوامل تاريخية وسياسية عديدة، وتوطدت في السنوات الأخيرة.

ويرجع لمسقط الفضل الأول في تخفيف العداء الغربي لإيران، لا سيما أمريكا، وتحولها الواضح بشأن المفاوضات حول ملف النووي الإيراني، وفيما يتعلق بالقضية السورية والحرب على تنظيم “الدولة”، فضلاً عن أدائها دور الوسيط بين إيران وأمريكا الذي أفضى مؤخراً إلى اتفاق تاريخي بين البلدين.

ويبدو أن مسقط فتحت ذراعيها مجدداً لاستقبال أبرز ملف في المنطقة، وهو العلاقات الخليجية الإيرانية، وما يرتبط بهذه العلاقات من ملفات شائكة ومعقدة في كل من سوريا واليمن وحتى العراق، حيث تموّل إيران الأنظمة والمليشيات المتحالفة معها في سوريا والعراق، وتدعم انقلاب الحوثيين في اليمن.