تواصل الأزمة السياسية في العراق، التي توشك أن تنهي شهرها الثالث على التوالي، من دون أي أمل بحل قريب، إذ إن خطوة تكليف عدنان الزرفي بتشكيل الحكومة من قبل الرئيس العراقي برهم صالح، الأسبوع الماضي، تسببت بردود فعل غاضبة من قوى سياسية عدة، اعتبرتها خطوة غير دستورية، رافضة عملية التكليف من أساسها، ومؤكدة بأنها لن تتفاوض معه، كما أنها لن تصوت لصالح حكومته.
كتلتا “دولة القانون” وتحالف “الفتح” أبرز القوى الرافضة لهذا التكليف، إلى جانب فصائل مسلحة مقربة من إيران أشهرت ورقة الرفض مبكراً، وملمحة إلى أن تكليف الزرفي، الذي تعتبره ضمن خط معاد لها، يهدد السلم الأهلي والاستقرار، في إشارات فهمت على أنها تهديدات.
وأكدت، اليوم الجمعة، مصادر مقربة من هذه الكتل أنها أبلغت، عبر وسطاء، الرئيس العراقي برهم صالح عدم قبولها قرار التكليف، وأن تقديم رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي اعتذاره من الآن أفضل من تضييع شهر كامل لحين قدومه إلى البرلمان حيث سيتم إسقاطه.
ووفقا للمصادر ذاتها، فإن تلك القوى طالبت باستبدال الزرفي بشخصية توافقية.
عضو البرلمان عن تحالف “الفتح” عامر الفايز أكد عدم وجود نية لدى الكتل المعارضة للزرفي لفتح حوار مع رئيس الوزراء المكلف، مضيفا أن “هذه النية غير موجودة، لأن الاساس في الرفض يكمن في آلية تكليف الزرفي”.
ولفت إلى أن الاجتماع الذي عقد في منزل رئيس “تيار الحكمة” عمار الحكيم، ليل الخميس-الجمعة، ضم جميع الكتل “الشيعية”، باستثناء تحالفي “النصر” برئاسة حيدر العبادي، و”سائرون” التابع للتيار الصدري، مبينا، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن الحاضرين أجمعوا على رفض تكليف الزرفي لسببين.
وأوضح أن السبب الأول والرئيسي للرفض هو آلية تكليف الزرفي من قبل رئيس الجمهورية برهم صالح، والتي اعتبرت من قبل المجتمعين “بأنها تجاوز على حقوق مكونهم، لأن هذا المنصب (رئاسة الوزراء) كعرف سياسي هو للمكون الشيعي، وقد قام رئيس الجمهورية بتكليف الزرفي من دون موافقة القوى السياسية الشيعية، وإذا مضى ذلك ستكون هناك سابقة تمكن رئيس الجمهورية من تكليف أي شخص يشاء في المستقبل”، مؤكدا أن السبب الآخر يتمثل بوجود ملاحظات على شخص الزرفي.
وأشار الفايز إلى أن معارضي الزرفي قرروا في اجتماعهم تشكيل لجنة تتولى مهمة تبليغ رئيس الجمهورية رفضهم لرئيس الوزراء المكلف، ووجوب تراجعه عن هذا التكليف، كي لا تتكرر تجربة المكلف السابق بتشكيل الحكومة محمد توفيق علاوي.
وبين أن حكومة الزرفي لا يمكن أن تمرر داخل مجلس النواب، وأن الوقت الذي يمضي الآن هو وقت مهدور، مؤكدا أن القوى المعارضة للزرفي ستتفق على شخصية تقوم بتقديمها إلى رئيس الجمهورية لتكليفها بدلا عن الزرفي.
ولم يصدر عن القوى السياسية، التي اجتمعت في منزل الحكيم للاتفاق على رفض الزرفي، موقف رسمي موحد كما كان متوقعا، وقالت مصادر سياسية مقربة من الاجتماع لـ”العربي الجديد” إن الخلافات وعدم اكتمال حضور ممثلي الكتل السياسية أمور حالت دون إصدار بيان لرفض الزرفي، فضلا عن تردد “تيار الحكمة” في الإعلان عن موقف صارم ومحدد تجاه رئيس الوزراء المكلف.
وفي السياق، انتقد وزير الإعمار والإسكان في حكومة تصريف الأعمال بنكين ريكاني، وهو قيادي في “الحزب الديمقراطي الكردستاني”، الشروط التي تضعها القوى السياسية على المرشح الجديد لرئاسة الوزراء، قائلا في تغريدة على موقع تويتر: “الكتل السياسية الشيعية تريد رئيس وزراء بالمواصفات التالية: تنطبق عليه شروط المرجعية، تنطبق عليه شروط المتظاهرين، وأن يكون مستقلا ونزيها”.
من جهته، قال عضو مجلس النواب قصي عباس إن رئيس الوزراء المكلف فرض من قبل رئيس الجمهورية بعيدا عن رأي الكتل السياسية، مبينا، خلال تصريح صحافي، أن الزرفي يعد شخصا جديا ليس له قبول في ساحات التظاهر، وسبق أن تولى مناصب تنفيذية، بالإضافة إلى كونه من مزدوجي الجنسية.
ونصح العضو السابق في البرلمان العراقي عزت الشابندر رئيس الوزراء المكلف بالاعتذار عن التكليف، موضحا، في مقابلة متلفزة، أن الزرفي منحاز للجانب الأميركي، ولم يأت لإيجاد التوازن في العلاقة بين واشنطن وطهران.
وتابع أن “الزرفي لم يأت بإرادة شيعية ولا بالأغلبية خلافا للمعتاد”، مبينا أن رئيس الجمهورية لا يمتلك حق ترشيح رئيس الوزراء، بل التكليف فقط.
براء الشمري وسلام الجاف
العربي الجديد