أميركا تجهّز نفسها للرد على استفزازات الميليشيات الموالية لإيران في العراق

أميركا تجهّز نفسها للرد على استفزازات الميليشيات الموالية لإيران في العراق

مع تواصل مسلسل استهداف القوات الأميركية في العراق قالت مصادر لـ”العرب” إن الولايات المتحدة تجهّز نفسها للرد على حماقة يُتوقع أن تدفع نحوها إيران وتنفذها الميليشيات الموالية لها في العراق قبيل الانتخابات الرئاسية في خطوة على ما يبدو لإحراج الرئيس دونالد ترامب.

بغداد – كشف مسؤول عراقي وثيق الصلة بالإدارة الأميركية أن واشنطن تتوقع أن “تتورط إيران في حماقة كبيرة، قبيل الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة”، مشيرا إلى أن الرئيس دونالد ترامب يريد أن يكون مستعدا لاحتواء هذه الحماقة ليضاعف حظوظه في الفوز بمعركة إعادة الانتخاب ضد مرشح الديمقراطيين.

وأبلغ المسؤول العراقي لـ”العرب”، أن النقاش الذي يدور حاليا بين وزارتي الخارجية والدفاع في الولايات المتحدة بشأن العراق، يتعلق بإمكانية مشاركة ميليشيات عراقية تحركها إيران، في عمليات عسكرية “كبيرة نوعا ما” ضد مصالح الولايات المتحدة في المنطقة.

وتشمل التوقعات الأميركية إمكانية أن تأتي التحركات الإيرانية من داخل العراق، أو في مياه الخليج العربي.

ويقول المسؤول العراقي إن الولايات المتحدة لديها تصور مبني على وقائع أن التوقيت الحالي هو الأنسب للإيرانيين كي يتحدّوا واشنطن من خلال مهاجمة مصالحها في العراق والمنطقة، موضحا أن الإدارة الأميركية تعتقد أن الإيرانيين واثقون من أن الولايات المتحدة لن تستجيب لتهديداتهم في هذه اللحظة ولن تقوم برد كبير على أي عملية يقومون بها ضد مصالحها، بسبب القيود التي يفرضها تفشي فايروس كورونا وملف الانتخابات الرئاسية.

ويشرح المسؤول أسباب إرسال الولايات المتحدة خلال اليومين الماضيين تحذيرات شديدة اللهجة إلى الحكومة العراقية بشأن مستقبل العلاقات مع إيران، مشيرا إلى أن “الولايات المتحدة ضاقت ذرعا بقبول بغداد لعب دور التابع لطهران، والمستسلم لسياساتها”.

وكونت الولايات المتحدة تصورا دقيقا عن حجم الأموال العراقية التي تستولي عليها إيران لتمويل ميليشياتها في العراق بعلم الحكومة في بغداد.

وعلى سبيل المثال، مولت الحكومة العراقية التي يقودها رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي، مناورات عسكرية نظمتها ميليشيا كتائب حزب الله العراقية، التي يقودها الحرس الثوري الإيراني، في منطقة جرف الصخر قرب بغداد مؤخرا، بمشاركة الآلاف من المقاتلين، على مدى أسابيع.

ووفقا لمصادر استخباراتية، فقد أشرف ضباط من الحرس الثوري الإيراني على هذه المناورات بشكل مباشر، حيث استخدمت فيها أسلحة جاءت من إيران الشهر الماضي.

وتقول مصادر مطلعة إن واشنطن استفسرت من بغداد عن كيفية سماحها لميليشيات خارجة عن القانون بإجراء مناورات عسكرية تستخدم فيها أسلحة خفيفة وثقيلة ومتوسطة، على أرض يفترض أنها تقع تحت السيادة العراقية.

وأكدت المصادر أن “هيئة الحشد الشعبي، وهي مؤسسة تابعة للحكومة العراقية، وتعتمد على خزينة الدولة، مولت جميع احتياجات المناورات الواسعة في منطقة جرف الصخر، بما في ذلك قيمة الأسلحة الإيرانية التي اشتملت على صواريخ”.

وتضمنت المناورات، تدريبات على اشتباكات مفترضة بين ميليشيات عراقية تقودها إيران وقوات أميركية على أرض العراق، كما تضمنت تدريبات على عمليات اقتحام معسكرات ومقرات تشغلها قوات أميركية.

ولم تقدم الحكومة العراقية أي تفسيرات مقنعة للإدارة الأميركية، التي تتزايد المؤشرات المتاحة لديها بإمكانية تعرض مصالحها في العراق إلى اعتداء تشنه ميليشيات تحركها إيران.

وترى أوساط المراقبين في الولايات المتحدة أن الإدارة الأميركية تنتظر ما تسفر عنه مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة في بغداد.

وفي حال استمرت بغداد في سياستها الحالية، التي تقوم على الخضوع الكلي لطهران، فإن الإدارة الأميركية ستلقي بالعراق في السلة الإيرانية.

ويقول إحسان الشمري، وهو محلل سياسي عراقي، إن تبعات استمرار عبدالمهدي في قيادة الحكومة العراقية قد تصل إلى “شمول العراق بالعقوبات الأميركية”، و”نقل ملف قتل وقمع المتظاهرين إلى محكمة الجنايات الدولية”، فضلا عن “إدراج مسؤولين على القائمة السوداء”. وأضاف المتحدث “أن استمرار الحكومة الحالية قد يؤدي إلى فرض عقوبات على قادة وفصائل مسلحة”، و”وقف الدعم العسكري” الأميركي للعراق، مع إمكانية “تجميد الأموال العراقية في البنوك الأميركية”، وصولا إلى “استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي باعتبار الحكومة مارقة”.

واعتبر الشمري أن إبلاغ الولايات المتحدة للعراق بأن مدة الاستثناءات الممنوحة له لشراء الكهرباء والغاز من إيران هي شهر واحد، وليست 45 يوما، مؤشر مقلق على الاتجاه العقابي الذي قد تسلكه واشنطن في تعاطيها مع بغداد.

وسمّم قتل الولايات المتحدة قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في بغداد في يناير الماضي العلاقات الأميركية العراقية أكثر فأكثر حيث طالب البرلمان العراقي القوات الأميركية بالانسحاب.

ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تؤكد خضوع بغداد التام لإملاءات طهران وهو ما يهدد العلاقات الأميركية العراقية خاصة بعد أن عمدت الميليشيات الموالية لإيران إلى استهداف قواعد عراقية تستضيف قوات دولية يتواجد فيها جنود أميركيون. وبالرغم من هذه الاستفزازات إلا أن الولايات المتحدة لم تنخرط في حرب مباشرة مع هذه الميليشيات.

ولكن مع استمرار قصف الجنود الأميركيين لا يستبعد مسؤولون في إدارة ترامب أن تقوم الولايات المتحدة بحملة جديدة في العراق.

وقال مسؤولون أميركيون في تصريحات لصحيفة نيويورك تايمز إن وزير الدفاع مارك إسبر أذن بالتخطيط لحملة جديدة داخل العراق، رغم تقليص عدد الجنود هناك، لتوفير خيارات للرئيس الجمهوري في حالة تصعيد الميليشيات المدعومة من إيران الهجمات ضد القوات الأميركية.

ويدفع كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية بمن فيهم وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي روبرت أوبراين نحو اتخاذ إجراءات جديدة ضد إيران لوقف استفزازاتها.

ويعتبر هؤلاء أن هناك فرصة سانحة في الظرف الراهن لـ”تدمير الميليشيات المدعومة من إيران في العراق حيث أنّ قادة إيران بمن فيهم العسكريون والحرس الثوري مشتتون بسبب انتشار وباء كورونا في بلادهم” بحسب ما نشرته نيويورك تايمز.

العرب