الكساد الكبير وثورة الجياع ؛ اثار covid 19 ، ستخلق عالما جديدا بموازين مختلفة

الكساد الكبير وثورة الجياع ؛ اثار covid 19 ، ستخلق عالما جديدا بموازين مختلفة

 

 

الباحثة شذى خليل*
وفي حين يواصل كوفيد-19، الذي انطلق من الصين في أواخر عام 2019، انتشاره في جميع أنحاء العالم، مما جعلها تواجه وضعاً استثنائياً صادما من انعدام اليقين بشأن عمق هذه الأزمة ومدتها فالعالم بين عاملين مهمين كلاهما يهدد الحياة هو معضلة للاختيار بين إنقاذ حياة الناس والحفاظ على سبل العيش.
والنظام العالمي يعيش في تخبط وتغيب الخطط لمواجهة الحرب ضد كورونا وفوضى القرارات وعدم القدرة على حماية أرواح البشر في كل بقاع الأرض من المسؤول ومن المستفيد وكيف اذا وصل العالم الى يوم الصفر وسيكون العالم نظيفا هل نحن مستعدين لمواجهة النهاية ؟

لأسباب عدة أوصلت العالم الى هذا الوضع المحرج منها :
– تصريحات رئيس منظمة الصحة العالمية وتشجيعه باستمرار التجارة والسفر من والى الصين الى وقت متأخر 30 \10\ 2020 يثير الشكوك حول نوع التعاون بينه وبين الصين وهل لمنظمة الصحة العالمية شأن بالعمليات التجارية الصينية ؟؟
– عدم وجود تعاون دولي ولا قيادة دولية لإدارة المواجهة ضد الوباء القاتل .
– غياب الخطط والإجراءات السريعة على مستوى الدولة الواحدة وعلى مستوى النظام الدولي .
– غياب دور مجلس الامن الدولي والذي تعد مهمته الأولى التي تأسس من اجلها الحفاظ على الامن والسلم والامن الدولي ، لماذا تجاهل هذا الوباء القاتل .
– التعمد في إخفاء المعلومات الخاصة بالوباء من بعض الدول، المعلومات المهمة لتدارك الوضع في اوله او لتجنبه لأغراض ربما سياسية ربحية غير معروفة، وتضارب المعلومات من المرجح هذه النقطة لها علاقة بالنقطة الأولى! .

هذه المرحلة الخطرة في مواجهة وباء قاتل ينتشر بسرعة بين الدول، دون توقف مع ارتفاع نسب الإصابات والوفيات وليس هذا فقط العالم مقبل على ازمة حقيقية هي الكساد وارتفاع الأسعار في نفس الوقت .
حيث الاثار المرعبة للازمة الكبيرة لا يمكن الاستهانة بها على جميع الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ؛ فقد تراجع حجم التجارة العالمية إلى ما هو

ويعكس نطاق الاحتمالات الواسع أوجه عدم اليقين بشأن الأزمة الصحية وأظهرت الازمة ضعف التخصيصات المالية لقطاع الصحة في جميع البلدان خاصة في الدول العظمى ،وعجز البحث العلمي في مواجهة وانتاج المعالجات للوباء .

أسوأ من أزمة 2008 وحسب منظمة التجارة العالمية تسجيل تراجع حاد في التجارة العالمية خلال العام الجاري وأن الانكماش قد يتراوح بين 13 في المئة و32 في المئة هذا العام.
وتضيف المنظمة، إن التأثير على التجارة من المُرجح أن يتجاوز الركود الناجم عن الأزمة المالية العالمية قبل أكثر من عشر سنوات ووصف روبرتو أزيفيدو، مدير عام المنظمة، الأرقام بأنها “بشعة و سيفضي التراجع الحتمي في التجارة والإنتاج إلى حدوث عواقب مؤلمة على الأسر والشركات، فضلا عن المعاناة الإنسانية التي يُسببها المرض في حد ذاته .

وتم تسجيل تراجع بنسبة 13 في المئة في تجارة السلع بأنه سيناريو متفائل نسبيا، يعكس تراجعا حادا في التجارة وسيتبعه التعافي اعتبارا من النصف الثاني من عام 2020 ، وأضافت منظمة التجارة العالمية أن ذلك كان بسبب “التوترات التجارية المستمرة”، وهي إشارة تعكس إلى حد كبير النهج التصادمي الذي تبنته إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التجارة الدولية.

وقال أزيفيدو إن التجارة ستمثل عنصرا مهما في تحقيق التعافي الاقتصادي بعد الأزمة، مضيفا أن إبقاء الأسواق مفتوحة وقابلة للتنبؤ بها أمر بالغ الأهمية، اما صندوق النقد الدولي فقد اكد على أن أكثر من 170 دولة من أصل 189 دولة منتسبة للصندوق ستشهد انكماشاً في دخل الفرد لديها وإن النمو العالمي سيصبح بالضرورة سلبياً في 2020.
وهنا نتوقع ان العالم مقبل على ازمة مظلمة بين مواجهة الوباء ومعالجته وبين اثاره الاقتصادية التي لها كوارث إنسانية .
بمعنى اذا استمر تردي الوضع وعدم التكاتف الدولي في القضاء والحد من الوباء ومعالجة النتائج الكارثية الطبيعية من تدهور الاقتصاد الدولي، سوف لم تستطيع الدول تقديم المزيد من الدعم والاعانة وإعادة الحياة للناس الذين سينجون من هذه الكارثة .

الخسائر التي تكبدتها الولايات المتحدة الامريكية وبديهياً أن يكونوا العاملون الذين يفقدون وظائفهم أو أشغالهم هم الأكثر معاناة. هذا ومع انها اكبر قوة اقتصادية وعسكرية وسياسية في العالم ، كانت قد سجلت 25 مليون عاطل عن العمل ، والعجز حوالي تريليون دولار امريكي ، وانخفاض الناتج القومي وبالتالي ينخفض دخل الفرد وهنا الكارثة على مستوى دولة وعلى مستوى فرد ، ويقابله ارتفاع بالدين العالم مما يؤدي الى ارتفاع العجز في الموازنة . هذا مثال لدولة تعد رصينة اقتصاديا فما بال الدول الأخرى مثلا العراق .؟

ثورة الجياع بعد ازمة كورونا
تأتي الثورات بعد الظلم والجوع وغياب العدالة الاجتماعية بشكل عفوي عنيف كردة فعل على الحالة الاجتماعية المريرة التي يمر بها أي مجتمع ، فعلى مرة التاريخ هناك امثلة على هذه الثورات ، فكانت اول ثورة في التاريخ هي
الثورة على الملك بيبي الذي حكم مصر 96 عاما: “هجم الناس على مخازن الحكومة واعتدوا على مقابر الموتى، وصبوا غضبهم على قصور الأغنياء، وانهارت الحكومة المركزية، وظهرت مقولات مثل (الأرض لمن يحرثها) حتى اضطر رجال الدين ومَنْ تبقى من الأغنياء للهجرة”.

اما اليوم وانشاء الوباء القاتل كورونا زاد الطين بله على الدول التي أصلا تعاني من بطالة وفقر وسوء إدارة وتخطيط ماذا سيحل بها وماذا ستفعل القوى العظمى المتصارعة ، سيدخل العالم ترتيب جديد حسب معطيات الوضع ؛ الفقراء يكافحون في سبيل لقمة العيش حتى في زمن كورونا، وحتى المرض بات آخر اهتماماتهم طالما يعيشون كالأموات وقد شهدت بعض المناطق مؤخراً حالة احتقان واسعة بصفوف الاهالي بسبب الحجر الصحي وتوقف أعمالهم، وعدم تأمين المساعدات الغذائية والمادية لمواجهة كورونا.
ستكون الصراعات القادمة اشد فتكا ، الصين وامريكيا من سيرسم خريطة العالم المقبلة كيف سيكون الصراح وخاصا تشتد الاتهامات من ترامب الى الصين وبعض الدولة والمطالبة بالتعويضات كلها صراعات قادمة لترسم الصورة الجديدة لعالم يحيطه الخوف من المجهول .
بسبب إعلانات الإفلاس التي ستصيب الشركات وسيكون الاقتصاد اما مشكلة مركبة وهي غلاء الأسعار وكساد البضائع.
وأكدت منظمة أوكسفام الخيرية الدولية، إن تداعيات انتشار فيروس كورونا الذي أودى بحياة أكثر من 83 ألف شخص والفوضى التي أحدثها في اقتصادات العالم، قد تدفع نحو نصف مليار شخص نحو الفقر، ان نتائج الوباء القاتل تكون اكثر فتكا بالحياة حيث يؤكد صندوق النقد الدولي ، إن الدول ذات الدخل المنخفض أو الناشئة في أفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا “في خطر كبير”، و بلغت تدفقات رأس المال الخارجة من الاقتصادات الناشئة نحو 100 مليار دولار، أي أكثر من ثلاثة أضعاف ما خرج خلال الفترة المماثلة إبان الأزمة المالية عام 2008.

فيجب وبسرعة كبيرة ان يتم التعاون الدولي بقيادة الدولة العظمى التعاون ولسيطرة على الوباء والتخطيط للحد من اثارة المروعة.
وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن لديه قدرة إقراض بقيمة تريليون دولار. فيما اتخذت الدول في الإجمال إجراءات مساعدة اقتصادية تمثل حوالي 8000 مليار دولار.
في الولايات المتحدة، أصدر الرئيس دونالد ترامب بالفعل حزمة مساعدات ضخمة بقيمة 2.2 تريليون دولار. ومع ذلك، ومع الشلل القسري المفروض على نشاط العديد من الشركات الصغيرة، يتوقع بعض الاقتصاديين انكماشاً في الناتج المحلي الإجمالي يصل إلى 15% في الربع الثاني من السنة.

تكثيف تدابير الاحتواء الأساسية ودعم النظم الصحية، والبحث العالمي ، و حماية الأشخاص والشركات من خلال اتخاذ تدابير مالية مستهدفة، مثل إعانات الأجور والتأجيلات الضريبية وتمديد التأمين ضد البطالة. فنحن نواجه الازمة التي ان انتهت فهي بداية لازمة اكبر .

نستنتج مما سبق أن ثمة متغيرات كبرى سوف يشهدها العالم على كافة الأصعدة، وبخاصة الاقتصادي والسياسي ، حيث ينتظر أن يعاد رسم خريطة القوى الاقتصادية على مستوى العالم.
كما ينتظر أن يعاد النظر في النظم والسياسات الاقتصادية، فالثمن هذه المرة، تخطى المال والأسواق والسلع ونمط وعلاقات الإنتاج، وقفز إلى تهديد حياة الناس، مما يعني أن المال لم تعد له قيمة، وأنه فقد فلسفته في ظل الرأسمالية، في كونه غير قادر على حماية حياة الأفراد والمجتمعات.

وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية