بعد فراغ دستوري وأزمة سياسية صعبة استمرت لأكثر من خمسة أشهر، صوّت مجلس النواب العراقي، في ساعة متأخرة من ليل أمس الأول الأربعاء، على حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لتكون سابع الحكومات بعد عام 2003، والتي سيتعيّن عليها التعامل مع ملفات أمنية وسياسية واقتصادية وصحية تضع العراق، بحسب مراقبين، على مفترق طرق خطير.
وبعد ساعات من منحها الثقة، بدعم غير مسبوق داخلياً وخارجياً. وبالإضافة إلى الترحيب الداخلي واسع النطاق الذي حظيت به الحكومة الجديدة، فإنها قوبلت بترحيب إقليمي ودولي مماثل، بعد منح البرلمان ثقته لـ15 وزيراً وحجبها عن 5 مرشحين، فيما بقيت وزارتا الخارجية والنفط شاغرتين.
وكان البرلمان العراقي عقد مساء أول من أمس جلسة للتصويت على تشكيلة حكومة الكاظمي ومنهاجه الوزاري استمرت حتى فجر أمس، لتنال بعدها الحكومة السادسة منذ 2003 الثقة بصعوبة بعد فقدان 5 وزراء فرصهم لأسباب مختلفة.
الجلسة التي حضرها أكثر من 260 نائباً من أصل 329، وهو عدد كبير جداً بالقياس إلى المعدل العادي لحضور الجلسات، لم تشهد توتراً خلال التصويت. وتعهد الكاظمي بعد نيل الثقة مواجهة التحديات التي تمر بها البلاد، بما في ذلك إجراء تحقيق في عملية قتل المتظاهرين خلال مظاهرات أكتوبر ومواجهة جائحة «كورونا» والأزمة الاقتصادية وإجراء انتخابات مبكرة. وشدد على أولوية «سيادة العراق وأمنه واستقراره وازدهاره».
وفي أول تعليق له بعد تسلّمه منصب رئاسة الحكومة، أكد الكاظمي أنه سيعمل على استعادة ثقة المواطنين. وقال الكاظمي، في تغريدة له على موقع “تويتر”، “اليوم (أمس) منحَ مجلس النواب الموقّر ثقته لحكومتي، وسأعمل بمعيّة الفريق الوزاري الكريم بشكل حثيث على كسب ثقة ودعم شعبنا. امتناني لكل من دعمنا، وأملي أن تتكاتف القوى السياسية جميعاً لمواجهة التحديات الصعبة. سيادة العراق وأمنه واستقراره وازدهاره مسارنا”.
عربيّا، رحب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط اليوم (الجمعة) بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي، وحصولها على ثقة مجلس النواب.ودعا أبوالغيط إلى الإسراع في استكمال التشكيل الوزاري، لكي تتمكن الحكومة الجديدة من مواجهة التحديات الراهنة وتلبية التطلعات المشروعة التي مازالت جماهير الشعب العراقي تطالب بها منذ أكتوبر من العام الماضي.
ووجه الأمين العام لجامعة الدول العربية رسالة تهنئة الى رئيس الوزراء العراقي الجديد أكد فيها استمرار الجامعة العربية في دعمه.وأعرب عن استعداد الجامعة العربية للتعاون مع الحكومة الجديدة في كل ما من شأنه أن يحفظ للعراق وحدته واستقراره، ويمكنه من النهوض من الوضع الصعب الذي يمر به في الفترة الأخيرة.وأوضح أن المرحلة القادمة تضع أمام الحكومة العراقية تحديات سياسية واقتصادية جمة خاصة فيما يتعلق بإبعاد العراق عن التجاذبات الإقليمية والدولية، والحفاظ على أفضل العلاقات مع محيطه العربي.وأكد على مواصلة دعم الجامعة العربية للعراق وشعبه والقيام بالدور المنوط بها في مساعدته على تحقيق الاستقرار والرفاهية.
رحب رئيس البرلمان العربي الدكتور مشعل السلمي بتشكيل الحكومة «في ظل الظروف الدقيقة التي يمر بها العراق». وشدد في تصريح أمس، على أن «أمن العراق واستقراره جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي». وأكد أهمية «تعزيز علاقات العراق الرسمية والشعبية مع حاضنته العربية وتطوير مجالات أوسع للتعاون مع الدول العربية».
أردنيًا، هنأ جلالة الملك عبدالله الثاني، رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، على نيل حكومته ثقة مجلس النواب العراقي. وأكد جلالة الملك، خلال اتصال هاتفي اليوم الخميس، اعتزازه بالعلاقات الأخوية المميزة التي تجمع بين البلدين والشعبين الشقيقين، والحرص على توسيع التعاون في مختلف المجالات.وشدد جلالته على حرص الأردن الدائم على الحفاظ على أمن العراق واستقراره، ومساندته لكل الجهود الرامية إلى إعادة الأمور إلى مساراتها الكفيلة بتحقيق تطلعات الشعب العراقي الشقيق برمته.كما أكد جلالته وقوف المملكة إلى جانب الأشقاء في العراق في جهودهم للتصدي لوباء فيروس كورونا المستجد.وتناول الاتصال الجهود الثنائية والدولية، لمواجهة واحتواء الوباء، معرباً جلالته عن تمنياته للشعب العراقي بدوام الصحة والسلامة.
سعوديًا، هنأت القيادة السعودية رئيس الوزراء العراقي الجديد، بمناسبة تشكيل الحكومة، وبعث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي ببرقيات تهنئة للكاظمي، تضمنت التمنيات له بدوام التوفيق. وأعربت وزارة الخارجية السعودية عن ترحيب المملكة بإعلان تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وعبرت عن دعم بلادها ووقوفها مع العراق الشقيق واستعدادها للعمل مع الحكومة الجديدة على أساس من التعاون والاحترام المتبادل والروابط التاريخية والمصالح المشتركة، بما يصب في إطار تقوية العلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين في كافة المجالات، وبما يحقق أمن واستقرار المنطقة بعيداً عن التدخلات الخارجية.
كويتيًا، هنأ أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الخميس، الرئيس العراقي برهم صالح، ورئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي؛ بمناسبة نيل الحكومة العراقية ثقة مجلس النواب. جاء ذلك في برقيتين أرسلهما أمير الكويت للرئيس صالح والكاظمي، بعد أن نالت حكومة الأخير موافقة مجلس النواب العراقي، في جلسة تصويت جرت مساء الأربعاء.وبحسب ما أوردت “وكالة الأنباء الكويتية” (كونا)، تمنى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لصالح والكاظمي “موفور الصحة والعافية، وتحقيق كل ما تتطلع إليه جمهورية العراق وشعبها الشقيق من رقي وازدهار”.
بدوره بعث ولي العهد الكويتي، الشيخ نواف الأحمد، “ببرقيتي تهنئة إلى أخيه الرئيس الدكتور برهم صالح رئيس جمهورية العراق الشقيق، وإلى أخيه مصطفى الكاظمي رئيس مجلس الوزراء في جمهورية العراق الشقيق”.وأضافت (كونا) أن البرقيتين ضمنها الشيخ نواف الأحمد “خالص تهانيه بمناسبة نيل الحكومة العراقية الجديدة ثقة مجلس النواب، متمنياً سموه لهما موفور الصحة والعافية”.وأشارت إلى أن الشيخ صباح الخالد، رئيس مجلس الوزراء، أرسل “برقيتي تهنئة مماثلتين”.
إماراتيًا، رحبت دولة الإمارات بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي، معربة عن أملها في أن يلبي ذلك تطلعات الشعب العراقي الشقيق في تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية.وأعرب الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي عن أمنياته بالتوفيق والسداد للحكومة الجديدة، وأن يعزز ذلك استقرار العراق وازدهاره ويحفظ سيادته الوطنية ويحقق تطلعات الشعب العراقي. وأكد الشيخ حرص دولة الإمارات وتطلعها إلى تعميق وتوسيع آفاق التعاون والعلاقات الأخوية المشتركة ودفعها إلى الأمام في المجالات كافة، وبما يخدم مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين.
قطريًا، بعث أمير دولة قطر، تميم بن حمد آل ثاني، الجمعة، برقيتي تهنئة إلى رئيسي الجمهورية برهم صالح، والوزراء مصطفى الكاظمي، بمناسبة تشكيل الحكومة الجديدة. وذكرت صحيفة العرب القطرية، أن “صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد، بعث برقية تهنئة إلى كل من أخيه الرئيس برهم صالح رئيس جمهورية العراق الشقيقة، ودولة مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء، بمناسبة أداء الحكومة العراقية الجديدة اليمين الدستورية”. وأعرب أمير قطر، عن “تمنياته لهما وللحكومة التوفيق والسداد، وللشعب العراقي الشقيق المزيد من التقدم والازدهار”.
بحرينيًا، رحبت وزارة خارجية البحرين بالإعلان عن تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، معبرة عن خالص التهاني لمنح مجلس النواب العراقي الثقة للحكومة، برئاسة مصطفى الكاظمي المكلف من قبل الرئيس برهم صالح.وأشادت وزارة الخارجية البحرينية، في بيان أوردته وكالة الأنباء البحرينية “بنا”، بهذه الخطوة الهامة في تاريخ العراق، معبرة عن خالص الأمنيات لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وأعضاء الحكومة الجديدة بالانطلاق إلى مرحلة يسودها الاستقرار والتنمية والبناء، مؤكدة دعم مملكة البحرين كافة الإجراءات والجهود التي من شأنها تحقيق تطلعات الشعب العراقي في الاستقرار والتنمية والازدهار.
وأبدت مصر، في بيان صادر عن وزارة الخارجية، ترحيبها بالإعلان عن تشكيل حكومة الكاظمي، متمنية له «التوفيق في قيادة الحكومة لتحقيق تطلعات الشعب العراقي في الاستقرار والازدهار وتعزيز دور العراق على الساحتين العربية والدولية». ونوهت إلى استعدادها «لبذل الجهود المخلصة كافة من أجل دعم الحكومة العراقية في تحقيق أهدافها، مع تطلعها إلى التعاون الوثيق مع العراق عبر تفعيل وتنشيط العلاقات الثنائية في المجالات الاقتصادية وغيرها بما يحقق مصالح الشعبين، فضلاً عن تفعيل أطر التعاون العربية بمشاركة العراق لما له من تأثير مهم في محيطه وعلى الساحة الدولية بما يتناسب مع تاريخ هذا البلد العريق والإمكانات المتميزة لشعبه».
لبنانيًا، هنأ رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، رئيس الحكومة العراقية الجديد مصطفى الكاظمي، بمناسبة منحه الثقة في مجلس النواب. وجاء في نص التهنئة: “أما وقد سما العراق على ما مضى، على يديك الكاظمية فدعني أشد عليهما وإلى الأمام قدما، فما افترت مؤامرة هنا إلا واستولدت هناك”.وخاطب الكاظمي قائلا: “فوزك فوزنا. باسمي وباسم المجلس النيابي اللبناني أتقدم إليكم بأحر التهاني والتبريكات”.
أما على المستوى الإقليمي، في طهران هنأ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، رئيس الوزراء العراقي الجديد وجميع العراقيين بتشكيل الحكومة الجديدة في البلاد. وكتب ظريف عبر “تويتر” اليوم الخميس “التهاني لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وحكومته والبرلمان والشعب العراقي بالدرجة الأولى، بالنجاح في تشكيل حكومة جديدة”. وأكد ظريف أن إيران تقف دائما مع الشعب العراقي واختياره لمن يدير شؤونه.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، في تصريح الخميس، إن “إيران تعتبر اتفاق وجهات النظر بين جميع التيارات السياسية العراقية عبر الآليات الديمقراطية السبيل الوحيد لتسوية الخلافات عبر الطرق السلمية”، ولذا فهي ترحب باتفاق التيارات السياسية العراقية على “تكليف مصطفى الكاظمي بتشكيل الحكومة الجديدة”.
وعبر الموسوي عن أمل بلاده في أن ينجح الكاظمي “بتشكيل الحكومة الجديدة، وتلبية تطلعات الشعب والمرجعية الدينية في العراق، وإيجاد عراق موحد ومستقر يتبوأ مكانته المهمة على المستويين الإقليمي والدولي”.
وأضاف: “لا شك أن تناغم وتضامن جميع الأطياف المختلفة والآحزاب السياسية والشخصيات العراقية البارزة بمن فيهم السيد عدنان الزرفي لعب ويلعب دورا مهما في تحقيق هذا الهدف واستمراره”.وجدد استعداد بلاده الكامل للتعاون مع الحكومة العراقية، وصولا إلى اجتيازه المشاكل، ونيل الأهداف السامية للشعب والمرجعية في العراق.
تركيًا، رحبت بمنح البرلمان العراقي، الثقة لحكومة مصطفى الكاظمي الذي أعلن عن تشكيلته الوزارية في وقت سابق.وتمنت وزارة الخارجية التركية في بيان، التوفيق لرئيس الوزراء العراقي الجديد.وقالت: “نتمنى التوفيق لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي تولى مسؤولية حساسة في هذه الفترة الصعبة التي يمر بها عالمنا”.وأعربت عن ثقتها بأن الحكومة الجديدة ستحتضن جميع مكونات الشعب العراقي الصديق والشقيق، وستلبي مطلبه المشروعة، وستتخذ خطوات من شأنها المساهمة في استقرار المنطقة.وشدّدت على أن تركيا مستعدة للعمل مع الحكومة العراقية الجديدة، مثلما كان الأمر بالنسبة إلى الحكومة السابقة على أساس المصالح المشتركة، وفق مفهوم التعاون في جميع المجالات، وخاصة في قضايا الأمن والتجارة والاستثمار وإعادة الإعمار.
أما على المستوى الهيئات الدولية، أعلنت الأمم المتحدة عبر لسان بعثتها في العراق عن دعمها للحكومة الجديدة. ورحبت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت بمنح مجلس النواب الثقة للكاظمي وأغلبية تشكيلته الوزارية. وحثت بلاسخارت في بيان، أمس، على «استكمال تشكيل الكابينة الوزارية ليتسنى للحكومة الجديدة التحرك سريعاً لمعالجة التحديات الأمنية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والصحية المتزايدة». وقالت: «تواجه الحكومة العراقية معركة شاقة وليس هناك وقت يُدّخر. وتمثل مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت في ظل جائحة (كورونا) وتراجع أسعار النفط أولوية قصوى». لكنها شددت على ضرورة «التصدي من دون تأخير للتحديات الأخرى التي طال أمدها، وتشمل تقديم الخدمات العامة الكافية ومحاربة الفساد وتعزيز الحكم الرشيد فضلاً عن العدالة والمساءلة». وأكدت مواصلة دعم الأمم المتحدة للحكومة العراقية في التصدي لهذه التحديات.
أوروبيًا، اعتبر الاتحاد الأوروبي أن حصول الحكومة العراقية على موافقة البرلمان «خطوة مهمة وأساسية لمساعدة العراق على مواجهة تحديات كثيرة». وقال المتحدث باسم السياسة الخارجية في التكتل الموحد بيتر ستانو إن الاتحاد «يتطلع للعمل مع الحكومة العراقية الجديدة، وتقوية الشراكة بين الجانبين بما يخدم مصالح الشعب العراقي».
أما الولايات المتحدة الأمريكية،أعلنت، على لسان وزير خارجيتها مايك بومبيو دعم حكومة الكاظمي، مشيرة إلى تمديد إعفاء العراق من شراء الكهرباء من إيران لمدة 120 يوماً، وهي مهلة يحتاجها العراق بقوة خلال فصل الصيف، فيما تعد هذه المبادرة من جانب آخر أول أزمة تم حلها في أول يوم من حكومة الكاظمي. وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن بومبيو «تحدث مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، ورحب بحكومة الكاظمي الجديدة التي صادق عليها مجلس النواب، كما ناقشا ضرورة العمل الجاد الذي ينتظر الحكومة العراقية من حيث تنفيذ الإصلاحات ومواجهة وباء (كوفيد – 19) ومكافحة الفساد».
وأضاف البيان أنه «في ضوء دعم الحكومة الجديدة، فإن الولايات المتحدة ستمضي قدماً باستثناء العراق من (حظر) شراء الكهرباء والغاز الإيراني لمدة 120 يوماً ولن تفرض عقوبات على العراق». وأكد أن «الوزير الأميركي أوضح لرئيس الوزراء العراقي الجديد أن هذه البادرة هدفها إظهار رغبتنا في المساعدة في توفير الظروف الملائمة لنجاح حكومته».
وفي السياق نفسه، أعلنت السفارة الأميركية في بغداد دعم «رئيس الوزراء الجديد والشعب العراقي لمكافحة جائحة (كورونا) وتحقيق نصر شامل على (داعش) وتوفير المساعدة الإنسانية وتحقيق الاستقرار للنازحين والمناطق المحررة». وأضافت في بيان «ينبغي على الحكومة العراقية الجديدة أن تتحول الآن إلى العمل الصعب والمتمثل بتنفيذ الإصلاحات المحلة وتلبية احتياجات الشعب العراقي». وأشارت إلى أن «الحوار الاستراتيجي المقبل مع الحكومة العراقية يهدف إلى إعادة تأكيد قيمة الشراكة الأميركية – العراقية لكلا البلدين». وجدد التأكيد على وعد رئيس الوزراء بإجراء انتخابات مبكرة.
وأعلن السفير البريطاني في العراق، ستيف هيكي، عن تطلع بلاده للعمل مع الحكومة العراقية الجديدة برئاسة، مصطفى الكاظمي.وقال في تغريدة على حسابه في تويتر: “التهاني للسيد مصطفى الكاظمي على توليه منصب رئيس الوزراء”.وأضاف أن “المملكة المتحدة تقف على أهبة الاستعداد لدعم حكومتكم للقضاء على فيروس كورونا، والعمل على الإصلاح الاقتصادي والأمني، وكذلك في محاربة داعش”.وتابع “أتطلع إلى العمل معكم ومع حكومتكم لمواصلة الشراكة القوية بين بلدينا”.
أثّرت في ولادة الحكومة العراقية ثلاثة عوامل كبيرة كان أولها اغتيال الولايات المتحدة الأمريكية لقاسم سليماني، القائد العملياتي الإيراني الأكبر نفوذا في المنطقة، وثانيها قيام الانتفاضة الشعبية العراقية ضد النظام القائم، وثالثها انتشار وباء كورونا، الذي أضعف قدرات إيران الاقتصادية والسياسية، من ناحية، ووجّه ضربة كبرى لاقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي لسياسات الرئيس الأمريكي نفسه.
أدّى اغتيال سليماني إلى موجة من الارتدادات العاصفة ضمن العراق وفي مياه الخليج، وكانت هذه الارتدادات من الحدة بحيث دفعت طهران وواشنطن إلى شفا الحرب، وساهمت الانتفاضة العراقية في تغيير التوازنات مجددا وأدت إلى أزمة سياسية مديدة دفعت حكومة عادل عبد المهدي إلى الاستقالة، ثم جاءت جائحة كورونا لتعيد خلخلة التوازنات مجددا وصار لزاما على الأعداء المثخنين بالأزمات أن يتفقوا، وكانت النتيجة طبعا هي نجاح الكاظمي، بعد محاولتين فاشلتين سابقتين، في تشكيل الحكومة العتيدة، التي سيكون أكبر ما يمكن أن تنجزه، رغم وعودها الكبيرة للجميع، هو أن تحافظ على هذه «الهدنة» المحفوفة بالمخاطر. تعيد حكومة الكاظمي إذن تذكيرنا بأن السياسة ليست إلا امتدادا للحروب بأشكال أخرى وسيكون صمودها نوعا من ميزان الحرارة لجسد الاتفاق الإيراني ـ الأمريكي، في وقت يعاني فيه العالم بأجمعه من المرض.
ولكي يشفى العراق من المرض وتحقق حكومة الكاظمي الاستقرار العراقي المنشود بعد عقود من المعاناة، لابد أولا على الطبقة السياسية العراقية ومجلس النواب العراقي تقديم الدعم الكامل لحكومة مصطفى الكاظمي، فنظرًا للاجماع الدولي الاستثنائ على حكومته، فهي فرصة لا تعوض تاريخيا لخروج العراق من أزماته، لذا عليهما أن يقدما كل الدعم لإنجاح تجربته في الحكم ليس لتحقيق مكاسب شخصية لأن ذلك لايعني رئيس الوزراء بشيء، وإنما لإعادة الاعتبار للدولة العراقية، وهذا هدف كل وطني عراقي حريص على عودة تماسك المجتمع العراقي داخليًا وإعادة الاعتبار الدولة العراقية.
أما عربيًا، على المملكة العربية السعودية الدولة المحورية في الوطن العربي والشرق الاوسط لمكانتها الدينية “بلد الحرمين الشريفين” والجيو ستراتيجية، أن تقدم الدعم مصطفى الكاظمي، فالوشائج القومية والدينية والتاريخية التي تجمع المملكة العربية السعودية بالعراق يجعلها أن تقف إلى جانب العراق بكل قوة وحزم. من تجربة العراق ما بعد عام 2003، نقول ان دور المملكة العربية السعودية في العراق ضروري جدا، فالعراق بحاجة إلى عمقه العربي، فكيف إذا كان هذا العمق يتمثل بالرياض ذات الثقل العروبي والديني.
أما إقليميًا، على تركيا أن تدعم حكومة مصطفى الكاظمي، فعراق قوي يصب أيضًا في مصلحتها، وقد تكون من أكثر الدول استفادة من ذلك العراق وأكثرها تضرر مع عراق ضعيف، يقدر العراق الهواجس الأمنية للدولة التركية النابعة من حزب العمال الكردستاني، فالعراق يرفض أن يتحول جبل سنجار إلى جبال قنديل، لكن على تركيا أن تعي جيدًا أن دعمها لفئة سياسية قليلة إلى منعدمة التأثير في المجتمع العراقي لا يخدم مصالحها في العراق، وإنما عليها أن تنسج قنواتها الحوارية مع رموز الدولة العراقية في معالجة القضايا محل الخلاف كقضية المياه، وعليها أن لا تخطأ العنوان.
على إيران أن تتذكر دائمًا بأن العراق وشعبه هو وريث حضارة إنسانية أصيلة، فالماضي ليس منقطع الجذور مع الحاضر وكذلك المستقبل، من هذا المدخل على إيران – لا نأت بأمر جديد- حينما نقول أن تحترم سيادة العراق وأن تتعامل معه من مبدأ حسن الجوار وهو أحد مبادئ الناظمة للعلاقات بين الدول، وبناءً على ذلك، قد يصيغ العراق علاقة تحالف ذات طابع اقتصادي وعسكري مع إيران قائمة على الندية وليس على مبدأ تابع ومتبوع وهذا الأمر يرفضه العراق، فالعراق يرفض نهائيًا مقولة “طهران تقرر وبغداد تنفذ”، لأن ذلك لا ينسجم نهائيًا مع مكانته كدولة محورية في الشرق الاوسط، ومن جانب آخر لن يقبل العراق أن يكون ممرًا للمساس بأمن وسلامة الدولة الإيرانية والدول العربية.
أما دوليّا، الولايات المتحدة الأمريكية هي الراعية الرسمية للنظام السياسي العراقي في مرحلة ما بعد عام 2003، وهذا الأمر يتطلب منها أن تكون من أكثر الدول الحريصة على أمن واستقرار وازدهار العراق، لذلك يجب على واشنطن أن لا تزج بغداد في حربها العسكرية والاقتصادية مع طهران، وأن تستثني العراق من عقوباتها المفروضة على ايران، وأن تساهم في خروج العراق من ازماته وليس تعميقها، من خلال دعمها مصطفى الكاظمي.
الكاظمي الذي شغل منصب رئيس جهاز المخابرات العراقية منذ العام 2016 في عز المعارك ضد تنظيم داعش الإرهابي، يوصف بأنه مفاوض ماهر سيعمل على تسخير شبكة علاقاته الواسعة في واشنطن -كما في طهران- لإنقاذ العراق من كارثة اقتصادية وسياسية.
خلاصة القول يعد العراق مركز تقاطع للأمم الثلاث “العربية، والفارسية، والتركية”، واهتمام دولي، فتماسكه يعني تماسكاً لأمم الشرق الأوسط الثلاث، وتفكّكه يعني بالضرورة إعادة رسم للجغرافيا السياسية للمنطقة برمتها ، فتقسيمه ممنوع، وبقاؤه دولة قلقة غير ممكن، فأنموذج دولة التوازن هو الخيار الأفضل له وللمنطقة بأسرها ، فالعراق ومنذ تأسيس الدولة العراقية في التاريخ المعاصر لم يكن ذات يوم دولة هامشية وإنما دولة لها دور مؤثر في بيئة الشرق الأوسط ، وهذا ما يسعى إليه مصطفى الكاظمي بكل جدية وإخلاص في استعادة العراق لهذا الدور. فالعراق اليوم بأمس الحاجة إلى جهوده لمواجهة التحديات التي تنتظره.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاسترايجية