لاجئو العراق يستغيثون

لاجئو العراق يستغيثون

كارثة إنسانية تهدد حياة مئات آلاف العراقيين اللاجئين داخل العراق. فمئات الآلاف الآخرين – بل الملايين – الذين يمموا وجوههم إلى الخارج، وتاهوا في المنافي وأماكن الشتات أو غرقوا في الحرب، وجدوا مكاناً يلقون فيه رؤوسهم، ولقمة تقيهم الجوع حتى ولو كانت مغمسة بالذل، أما من هم في الداخل فالجوع والمرض ينهشهم، ويكاد يقضي عليهم لأنهم في مواجهة عالم تخلى عنهم وأدار ظهره وصم أذنيه عن صرخات المرضى والجوعى الذين شحت عنهم المساعدات والدعم الإنساني.
يبدو أن المأساة تتجاوز التوقعات، والكارثة باتت تدق كل مخيمات اللجوء في مختلف أرجاء العراق من دون أن تتحرك الدول التي طالما صمّت الآذان بالحديث عن حقوق الإنسان وحق الحياة باتجاه التخفيف عن هؤلاء، وتقديم الحد الأدنى مما يفرضه الواجب الأخلاقي والإنساني، خصوصاً أن هناك دولاً كانت شريكة في الجريمة الإنسانية التي اُرتكبت بحق العراق والعراقيين، أشاحت بوجهها وتتهرب من تحمل مسؤوليتها.
مفوضية حقوق الإنسان العراقية دقت جرس الإنذار وحذرت من كارثة تحيق بحوالي ثلاثة ملايين لاجئ عراقي في الداخل بسبب نقص التمويل، وتقاعس المجتمع الدولي، وأعربت عن مخاوفها من تفشي الأمراض بين الأطفال وخصوصاً الشلل، ودعت إلى عقد مؤتمر دولي للدول المانحة لتدارك الوضع قبل فوات الأوان.
تقول المفوضية إن الأمم المتحدة المطالبة اليوم بالتحرك السريع كانت أوقفت برامجها الصحية، وخفضت المساعدات والبرامج التي يستفيد منها ملايين اللاجئين العراقيين، وأن الاستجابات الدولية هزيلة، فمن أصل 1.21 مليار دولار وصل 8.88 مليون دولار فقط، أي ما نسبته 8 في المئة فحسب، من حاجة الأمم المتحدة.
هذا يعني أن من لم يقتله الغزو الأمريكي، ومن لم يسقط ضحية الإرهاب التكفيري وجرائمه، فإنه مُعرَض للسقوط في فك الجوع والمرض.
وهكذا، وكأن العراقيين ينطبق عليهم المثل: «المصائب لا تأتي فرادى»، وكأنه لا تكفيهم المحاصصة الطائفية والصراعات السياسية، والفساد الذي ينخر المؤسسات والإدارات الرسمية، ما تسبب بانهيار الخدمات العامة مثل الكهرباء والماء، واتساع مساحة الفقر والعوز، إضافة إلى الإرهاب التكفيري الذي يضرب مختلف أرجاء العراق، ولا يترك إلّا الدمار والخراب والدم، ليقعوا فريسة التجاهل الدولي الذي يسهم في قتلهم.
مفوضية حقوق الإنسان العراقية تستغيث وتدعو المجتمع الدولي للتحرك سريعاً لإنقاذ ملايين اللاجئين الذين باتوا بلا نصير أو معين، ومعظمهم من الأطفال الذين يتهددهم الجوع والمرض.
لو أن دول العالم، وخصوصاً الكبرى، التي تصرف مليارات الدولارات على التسلح والحروب، تُقدم جزءاً يسيراً من هذه المليارات للمنظمات الإنسانية، ومساعدة الدول الفقيرة، لكان وضع العالم أفضل وأكثر أمناً وأزماته أقل، ولما ارتفعت صرخات إغاثة اللاجئين.

الخليج