في إحاطة عبر تقنية الفيديو من بغداد، شددت رئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، جينين هينيس- بلاسخارت، على أن العراق “لا يملك رفاهية الوقت” وينبغي التحرك سريعا لاستكمال تشكيل الحكومة وتلبية تطلعات الشعب، مع انكماش الاقتصاد وارتفاع معدلات الفقر. وأبلغت رئيسة البعثة مجلس الأمن أن حظر التجول الضروري لاحتواء جائحة كوفيد-19، أدّى إلى توقف النشاط التجاري بشكل شبه كامل في العراق، مما أعاق سبل العيش الحافلة بالمشاكل أصلا بالنسبة للكثير من العراقيين الذين يعتمدون على الأجور اليومية لإطعام أنفسهم وأسرهم.
جينين هينيس- بلاسخارت: العراق “لا يملك رفاهية الوقت” وينبغي التحرك سريعا لاستكمال تشكيل الحكومة وتلبية تطلعات الشعب
وحذرت مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة للعراق من حجم التحديات التي يواجهها العراق حيث فاقم انتشار فيروس كوفيد-19 والهبوط الحاد في أسعار النفط من الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية التي كان البلد يواجهها أصلا. وجاءت أقوال هينيس- بلاسخارت أمام مجلس الأمن الدولي الذي كان يناقش تجديد عمل بعثة الأمم المتحدة إلى العراق (يونامي).
وقالت هينيس- بلاسخارت إن النظام الصحي في العراق، قبل انتشار الفيروس حول العالم، كان على شفا الانهيار ومن الضروري أن يحتل منع تفشي الفيروس أعلى سلم الأولويات.
وجاء اجتماع مجلس الأمن بعد أيّام من تسمية مصطفى الكاظمي رئيسا للوزراء في العراق إلى حين إجراء انتخابات في العام المقبل. وفي حين لم يحظ أي رئيس وزراء حتى الآن بدعم المتظاهرين، أعلن الكاظمي أنه سيحافظ على نظام المحاصصة، وهو أحد أبرز مطالب المتظاهرين. وفي 6 أيّار/مايو، صادق البرلمان العراقي على الحكومة الجديدة بقيادة الكاظمي، رغم أن 7 من بين 22 مقعدا في الحكومة (من بينها الزراعة والشؤون الخارجية والعدل والهجرة والنفط والتجارة) لا تزال شاغرة.
بلاسخارت: هناك حاجة ملحة للعدالة والتحقيق حول المسؤولين عن قتل وجرح المتظاهرين العراقيين الذي خرجوا في الأشهر الأخيرة للتظاهر في بغداد ومناطق مختلفة من العراق
ووصفت هينيس- بلاسخارت تشكيل الحكومة الجديدة وتعيين مصطفى الكاظمي رئيسا جديدا لمجلس الوزراء وموافقة خمسة عشر وزيرا من أصل إثنين وعشرين في الحكومة على برنامجه، بالتطور الذي طال انتظاره. وأشارت إلى ضرورة إسناد مناصب وزارية شاغرة وبشكل سريع وتعيين المزيد من النساء والأقليات كذلك.
كما تحدثت عن أهمية أن تثبت الحكومة العراقية “أنها قادرة على إنجاز المهام الضرورية مثل حفظ النظام والقانون وتقديم الخدمات العامة”. وكررت التأكيد على أن هناك حاجة ملحة للعدالة والتحقيق حول المسؤولين عن قتل وجرح المتظاهرين العراقيين الذي خرجوا في الأشهر الأخيرة للتظاهر في بغداد ومناطق مختلفة من العراق.
وفيما يخص اقتصاد العراق أشارت إلى أن الوضع الاقتصادي الحالي كشف مجددا الثغرات في الاقتصاد العراقي نتيجة اعتماده على النفط بشكل أساسي. ونوهت في هذا السياق ” لقد انخفضت عائدات العراق الشهرية من النفط من ستة مليارات دولار إلى 1.4 مليار دولار خلال الفترة ما بين شباط ونيسان. ويأتي هذا في فترة سيكون من الصعب الحصول فيها على تمويل دولي في ظل الظروف الاقتصادية التي يشهدها العالم واستنزاف النظام المالي.”
وأشارت إلى عدد من النقاط الرئيسية التي يتعين على العراق أخذها بعين الاعتبار بغية توسيع قاعدة إيرادات الدولة والوضع الاقتصادي. ومن بينها تقليل الاعتماد على النفط، وإصلاح البنية التحتية وتطويرها، ومحاربة المحسوبية والمحاباة والفساد، وبناء مؤسسات دولة تخدم المواطنين وقابلة للاستمرار. ثم توقعت أن ينكمش الاقتصاد العراقي بنسبة 9.7 بالمئة خلال العام الجاري مع ازدياد معدلات الفقر إلى قرابة الأربعين بالمئة. ثم أعادت التأكيد على أن الفساد في العراق ربما يكون أكبر مصدر للخلل في البلد، ويعمل ضد مصلحة الشعب ويؤدي إلى ابتعاد الجهات المانحة والمستثمرين.
وتحدثت عن الوضع الأمني في العراق والمنطقة مؤكدة أن التطورات الأمنية المحلية والاقليمية تؤثر سلبا على البلاد. وحذرت من استمرار استخدام العراق وأراضيه كساحة حرب بالوكالة بين الدول. وشددت على ضرورة العمل لمحاربة ظهور التطرف العنيف والحيلولة دون عودة تنظيمات كداعش لزيادة أنشطتها.
وتابعت جينين هينيس- بلاسخارت بأنها تضم صوتها إلى أصوات زملائها الممثلين الخاصّين الذين رددوا مناشدة الأمين العام في التوصل إلى وقف عالمي لإطلاق النار، بمعانيه كلها العسكرية والسياسية.
وقالت: “لا تزال التطورات الأمنية المحلية والإقليمية والدولية تؤثر على العراق، ومن الواضح أن الخطاب التحريضي ونمط الهجمات والهجمات المضادة على الأرض العراقية لا تحقق شيئا، بل ومؤسفة للغاية… لا يمكن للعراق أن يتحمل تكاليف استخدامه كمسرح للقوى المتنافسة المختلفة أو للحروب بالوكالة”.
عبدالحميد صيام
القدس العربي