بولتون يفضح ترامب بطلبه مساعدة الصين للفوز بالانتخابات

بولتون يفضح ترامب بطلبه مساعدة الصين للفوز بالانتخابات

يتوقع المتابعون أن تسبب خبايا الكواليس التي كشفت عنها مقتطفات لكتاب مرتقب لمستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون أضرارا للرئيس الأميركي دونالد ترامب أكثر من سعي الديمقراطيين لمساءلته وعزله في وقت سابق، حيث اتهم بولتون ترامب بطلب مساعدة الرئيس الصيني لتحقيق الفوز في الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة مقابل إسقاط التحقيقات المتعلقة بارتكاب الصين لانتهاكات ضد الأقليات.

واشنطن – انضم مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون إلى نادي مسؤولي البيت الأبيض السابقين الذين يوجهون ضربات متتالية للرئيس دونالد ترامب بكشفه عن أكثر الكواليس إحراجا لترامب عندما طلب مساعدة الصين للفوز بولاية رئاسية ثانية. كما اعتبر أنه غير مؤهل لرئاسة الولايات المتحدة في تصريحات تقوي جبهة منتقدي ترامب قبل حوالي أربعة أشهر من السباق نحو البيت الأبيض.

ووجه بولتون ضربة قوية لترامب عندما كشف، وفق مقتطفات من كتابه الذي سينشر قريبا، عن تفاصيل “الأخطاء الفادحة” التي ارتكبها الرئيس الأميركي في الفترة التي عمل معه.

وفي تصوير محرج لأحداث دارت في الكواليس، اتهم بولتون الرئيس ترامب بارتكاب أخطاء فادحة، منها أنه طلب صراحة من الرئيس الصيني شي جين بينغ مساعدته في الفوز في الانتخابات بفترة رئاسية ثانية.

وقال بولتون أيضا إن الرئيس الأميركي عبّر عن استعداده لوقف تحقيقات جنائية وإسداء “معروف شخصي لطغاة يحبهم”، وذلك وفقا لما ورد في مقتطف نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” من كتاب بولتون “من قاعة الحدث: مذكرات من البيت الأبيض”.

وصرح بولتون في مقابلة مع قناة “إي.بي.سي” تُنشر كاملة في نهاية الأسبوع – في معرض حديثه عن ترامب – “لا أعتقد أنه مؤهل للمنصب. لا أعتقد أن لديه الكفاءة لتولي هذا المنصب”.

وبولتون أحد صقور السياسة الخارجية الأميركية، وقد أقاله ترامب في سبتمبر في خضم خلافات حول السياسات. ورد ترامب على بولتون ووصفه بأنه “كاذب” في مقابلة مع “وول ستريت جورنال”. ونشرت الصحيفة كذلك مقتطفات من الكتاب الأربعاء كما فعلت “واشنطن بوست”.

وقال ترامب لقناة “فوكس نيوز”، في مقابلة منفصلة، إن بولتون خرق القانون بإدراجه معلومات في غاية السرية في الكتاب.

وكتب في تغريدة “كتاب بولتون (…) هو مجموعة أكاذيب وروايات مختلقة، كلها بهدف إظهاري بصورة سيئة”. وأضاف “الكثير من التصريحات السخيفة التي ينسبها إليّ لم أقلها يوما، خيال بحت. يحاول فقط الانتقام لأنني أقلته”.

وتصور المقتطفات ترامب رئيسا يسخر منه كبار مستشاريه ويعرّض نفسه لاتهامات بعدم الأهلية أشد بكثير من تلك التي دفعت مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون إلى السعي لمساءلته وعزله العام الماضي.

وبرأ مجلس الشيوخ الأميركي الذي يسيطر عليه الجمهوريون ساحة ترامب في أوائل فبراير. وكان ترامب يواجه اتهامات بتعليق مساعدات عسكرية لأوكرانيا العام الماضي للضغط على رئيسها فولوديمير زيلينسكي كي يكشف عن معلومات تضر بمنافسه الديمقراطي جو بايدن في انتخابات الرئاسة الأميركية.

وقال بولتون في مقتطفات من الكتاب نشرتها “وول ستريت جورنال” الأربعاء “لو لم ينشغل الديمقراطيون المؤيدون للمساءلة بشكل مفرط بقضية أوكرانيا في 2019، ولو أنهم ترووا في التقصي بأسلوب أكثر منهجية في مسلك ترامب في مجمل سياساته الخارجية، لربما جاءت نتيجة المساءلة مختلفة تماما”.

ويشير منتقدو بولتون إلى أنه أحجم عن الشهادة في استجواب بمجلس النواب في وقت ربما كان حديثه فيه في غاية الأهمية. وشن النائب الديمقراطي آدم شيف، الذي قاد فريق الادعاء في قضية مساءلة الرئيس الجمهوري ترامب، هجوما على بولتون الذي هدد في ذلك الوقت بأنه “سيقيم دعوى قضائية إذا استدعي للمثول أمام لجنة التحقيق”.

وقال شيف في حسابه على تويتر “لقد فضل الاحتفاظ بالمعلومات من أجل كتاب… ربما كان بولتون مؤلفا، لكنه يفتقر للحس الوطني”.

غير أن كتاب بولتون يقدم ذخيرة جديدة لمنتقدي ترامب قبل انتخابات الرئاسة المقررة في الثالث من نوفمبر، بما في ذلك ما يرويه عن حوارات منسوبة لترامب مع الرئيس الصيني تطرقت في إحدى المرات إلى موضوع الانتخابات الأميركية.

وفي أكثر الروايات إضرارا بترامب من جانب أحد المطلعين على ما يدور في دهاليز إدارته وذلك بعد أيام فحسب من اتهام وزير الدفاع السابق جيم ماتيس لترامب بأنه يحاول تقسيم أميركا، كتب بولتون “ثم حوّل ترامب، ويا للعجب، دفة الحديث إلى الانتخابات الرئاسية القادمة بالولايات المتحدة، ملمّحا إلى قدرة الصين الاقتصادية ومناشدا شي أن يعمل على فوزه”.

وقال تشاو لي جيان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لدى سؤاله عما قاله بولتون أثناء إفادة صحافية الخميس، إن الصين لا تعتزم التدخل في الانتخابات أو في أي شأن داخلي أميركي.

وقال بايدن في بيان “إذا صدقت هذه الروايات، فلن تكون بغيضة أخلاقيا وحسب، بل تمثل أيضا انتهاكا لواجب دونالد ترامب المقدس تجاه الشعب الأميركي“.

وقال الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتهايزر في إفادة أمام مجلس الشيوخ إن رواية بولتون “غير صحيحة على الإطلاق”. وتابع “كنت حاضرا في الاجتماع. ألا أتذكر شيئا بهذا الجنون؟ بالقطع كنت سأتذكره”. وأضاف “من المؤكد أن هذا لم يحدث قط في الاجتماع. هذا جنون مطلق”.

ورفعت الحكومة الأميركية دعوى لمنع بولتون من نشر الكتاب استنادا إلى مخاطر تمس الأمن القومي، وهي تسعى إلى انعقاد جلسة بالمحكمة الجمعة.

ورفضت دار النشر سايمون آند شوستر الاتهامات وقالت إنها وزعت بالفعل “مئات الآلاف من النسخ”.

وعلى الرغم من انتقاد إدارة ترامب بشدة للاحتجاز الجماعي لأقلية الأويغور المسلمة ومجموعات أخرى مسلمة في معسكرات، فقد قال بولتون إن ترامب منح الرئيس الصيني الضوء الأخضر في يونيو 2019 أثناء وجود الاثنين في أوساكا.

كتب بولتون يقول “وفقا لمترجمنا، قال ترامب إن على شي أن يمضي قدما في بناء المعسكرات وهو ما رأى ترامب أنه الشيء الصحيح الذي يجب عمله”. وأضاف أن مسؤولا بارزا آخر بالبيت الأبيض قال إن ترامب أدلى بتصريحات مماثلة خلال زيارته للصين في نوفمبر عام 2017.

واستشهد بولتون بعدد لا يحصى من المحادثات التي أبدى فيها ترامب “سلوكا غير مقبول على الإطلاق على نحو قوض شرعية الرئاسة ذاتها”.

وعلى الرغم من انتقادات ترامب العلنية للصحافيين، نسب كتاب بولتون للرئيس الأميركي تصريحات من أكثر أحاديثه مدعاة للتوقف. فخلال اجتماع انعقد في نيوجيرزي في صيف 2019 قال ترامب حسب رواية بولتون إن الصحافيين يجب إيداعهم السجون حتى يكشفوا عن مصادرهم “هؤلاء يجب إعدامهم. إنهم حثالة”، حسبما ورد في مقتطفات أخرى نشرتها صحيفة “واشنطن بوست”.

العرب