الرياض – بدأت حملة متزامنة من إيران وحلفائها من جهة، والإعلام الموالي للإخوان من جهة ثانية، في محاولة للمس من قرار السعودية الحد من أعداد المشاركين في الحج والاقتصار على الموجودين داخل المملكة من سعوديين وأجانب في سياق التوقي من وباء كورونا والحيلولة دون انتشاره من بوابة أكبر تظاهرة إسلامية عالمية.
وانتقدت جماعة “أنصار الله” (الحوثي) اليمنية، الأربعاء، قرار السعودية منع استقبال الحجيج من خارج أراضيها هذا العام، واعتبرته “صدا عن بيت الله الحرام”، فيما اعتبرت دوائر إيرانية أن الحج هذا العام “غير لائق”. وقالت جهات إخوانية إن “الحج صوري” وأن السعودية “تحتكر” المناسبة الدينية لحسابات خاصة.
ومن اليسير اكتشاف أن التباكي على “تأجيل” الحج والتحكم في أعداد الحجاج مجرد واجهة للتوظيف السياسي ضد السعودية.
وأغلب “الفقهاء” ورجال الدين المحسوبين على إيران وأذرعها في المنطقة، وكذلك التابعين للإخوان، أجازوا بتعليق الصلوات في المساجد لأكثر من شهرين تحت باب “الضرورات تبيح المحظورات”، وأن الحفاظ على الأبدان مقدم على الحفاظ على الأديان، وغير ذلك من الحيل الفقهية التي تجيز لبلدان اتخاذ إجراءات وقائية ولا تجيزها للسعودية.
وكانت إيران أغلقت الأضرحة والمزارات الدينية ومنعت الناس من زيارتها سواء داخل إيران أو في العراق، وذلك في مساعيها للحد من انتشار الوباء، فكيف تبيح لنفسها هذه الخطوة وتمنعها عن السعودية؟ ومن الواضح أن الأمر يتعلق بالمناكفة السياسية ومحاولة تسجيل النقاط على حساب السعودية.
ويقول متابعون إن هناك حملة تضليل سياسية تحت عنوان الخوف على أكبر مناسبة دينية يجتمع فيها المسلمون، مشيرين إلى أن أغلب دول العالم ما زالت تطبق إجراءات الحجر الصحي، وأن إجراءات الخروج لا تزال بطيئة والمخاوف من موجة جديدة من الوباء تسيطر على الدول بما في ذلك التي تبدي تفاؤلها بإمكانية خروج اقتصادها من الأزمات.
ولاقى قرار السعودية بتقييد أعداد الحجاج للحد من انتشار كورونا دعما من مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس، وذلك في تصريحات صدرت عنه الأربعاء.
ولا يراعي الذين يشنون حملة على قرار السعودية أن الطيران العالمي شبه متوقف، وأن الحدود البرية بين الدول مقفلة، ما يجعل أعداد الحجاج أقل بكثير من الأعداد التي شهدتها السنوات الماضيةُ حتى لو فتحت السعودية الباب أمام الحج، وهو أمر غير ممكن لاعتبارات صحية ودينية.
وربما تكون الفرصة مواتية للإعلام السعودي للرد على الاتهامات التي دأب الخصوم على توجيهها إلى المملكة حتى إثر قرار يحوز على تفهم دولي واسع، إذ يحافظ على إقامة الشعيرة المقدسة وفي الوقت نفسه يحمي السعوديين والحجاج من موجة وباء جديدة ربما تكون أقوى.
ويقول إعلاميون خليجيون إن على الإعلام السعودي أن يغادر دائرة التردد، وأن يخوض حملة إعلامية مضادة تستدعي رجال الدين وخبراء الصحة لإظهار مخاطر اجتماع قرابة ثلاثة ملايين حاج في ظروف مثل هذه، وفضح تسييس الحج الذي يقوم به خصوم المملكة ثم يتهمونها به.
وقالت السعودية الثلاثاء إنها ستسمح لنحو ألف شخص فقط من المقيمين في المملكة بأداء فريضة الحج هذا العام، بسبب المخاوف من وباء كورونا، بينما يتواصل تفشي الوباء في المملكة والعالم.
وقال وزير الحج السعودي محمد بنتن في مؤتمر صحافي “ما زلنا في مرحلة المراجعة، قد تكون (الأعداد) ألفا أو أقل أو أكثر بقليل” موضحا “لا نتوقع عشرات الآلاف ولا نتوقع مئات الآلاف”.
ومن جانبه، أعلن وزير الصحة السعودي توفيق الربيعة في المؤتمر أن الحج سيقتصر هذا العام على من هم دون 65 عاما ولا يعانون من أي أمراض مزمنة.
وسيخضع المشاركون في الحج لفحص الفايروس قبل وصولهم إلى مكة المكرمة، وسيطلب منهم الالتزام بالحجر المنزلي بعد عودتهم من أداء الفريضة.
وقد يشكل أداء هذه الفريضة بؤرة رئيسية محتملة لانتشار العدوى حيث أن ملايين الحجاج من مختلف مناطق العالم يتدفّقون على المواقع الدينية المزدحمة في مدينة مكة المكرّمة لأداء المناسك.
ولم يوضح بنتن آلية اختيار الحجاج ولكنه قال إن السعودية ستقوم بالتنسيق مع “جميع البعثات الدبلوماسية الموجودة في المملكة لمعرفة الأعداد من الإخوة غير السعوديين والمقيمين في المملكة العربية السعودية والذين تنطبق عليهم الشروط الصحية التي حددتها وزارة الصحة وفي ذلك الوقت يتم تحديد العدد”.
والعام الماضي، بلغ إجمالي أعداد الحجاج مليونين و489 ألفا و406، منهم أكثر من مليون و855 ألفا من الخارج، و634 ألفا و379 من داخل المملكة، بحسب إحصاء سعودي رسمي.
العرب