تسابق إسرائيل الزمن لتنفيذ مخطط ضم أراض فلسطينية بالضفة الغربية المحتلة وغور الأردن، قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة.
وقد تنهي تلك الانتخابات المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الجاري، وفق توقعات، عهد الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، الذي سبق ووصفه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بأنه “أفضل صديق لإسرائيل في تاريخها”.
فلم يمضِ وقت طويل منذ أن وطأت قدما ترامب، البيت الأبيض مطلع 2017، حتى بدأ اتخاذ خطوات كشفت “انحيازا صارخا” لتل أبيب على حساب الفلسطينيين، بداية من الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها، وصولا إلى “صفقة القرن” المزعومة.
** فرصة لن تتكرر
يدرك المسؤولون بإسرائيل أن الوقت آخذ في النفاد، وأنه لم يبق سوى أشهر قليلة أمامهم للانتهاء من التهام نحو 30 في المئة من أراضي الضفة، في إطار “صفقة القرن”.
وقال وزير الاستخبارات إيلي كوهين، الأربعاء، وفق ما نقلت هيئة البث الرسمية: “لدينا شهران أو 3 كنافذة فرص لفرض السيادة (تنفيذ مخطط الضم)، أعتقد أن هذا سيحدث حتى نهاية سبتمبر (أيلول القادم)”.
وأضاف كوهين: “لا أحد منا يعلم ما يمكن أن يحدث بعد الانتخابات الأمريكية، ولا أحد يضمن أنه سيكون بإمكاننا في المستقبل تنفيذ هذه الخطوة”.
ويقول مراقبون، إن المرشح الديمقراطي المفترض جو بايدن، قد يكون “الأوفر حظا” بالفوز في الانتخابات الأمريكية القادمة، على وقع “انتكاسات” واجهها ترامب مؤخرا، بينها التعامل مع فيروس كورونا، ومقتل الأمريكي من أصول إفريقية جورج فلويد، برصاص الشرطة.
وفي 6 مايو/ أيار الماضي، أكد بايدن، في بيان أرسله إلى وكالة الأنباء اليهودية “JTA” (خاصة مقرها نيويورك)، “ضرورة الضغط على إسرائيل لمنعها من اتخاذ خطوات أحادية الجانب قد تجعل حل الدولتين مستحيلا”، في إشارة إلى خطوة “الضم”.
ولم يكن كوهين أول مسؤول إسرائيلي يحذر من ضياع “فرصة” وجود ترامب على رأس البيت الأبيض.
وفي مايو الماضي، دعا سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة رون دريمر، في أحاديث مغلقة بواشنطن، إلى “الإسراع في تنفيذ مخطط الضم تحسبا لفوز محتمل لبايدن يحبط تنفيذه”، وفق ما نقلت القناة “13” العبرية الخاصة، عن 3 مصادر إسرائيلية وأمريكية وصفتها بالمطلعة.
وأضاف دريمر، بحسب تلك المصادر: “علينا المضي قدما في خطة الضم الآن، لأننا لا نعرف ما سيحدث في انتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة، حيث يمكن لبايدن أن يفوز”.
وأردف: “هناك فرصة سانحة لذلك، يجب القيام بالأمر الآن… لدينا فرصة لن تتكرر لتنفيذ الضم طالما كان ترامب في الحكم”.
** “انحياز صارخ”
تشبث إسرائيل بـ”ترامب الفرصة” لم يكن وليد اللحظة، فقد منحها الرجل هدايا مجانية ثمينة، امتنع جميع سابقيه الـ44 عن تقديمها لتل أبيب.
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2017، أعلن ترامب الاعتراف بالقدس بشقيها الشرقي والغربي عاصمة لإسرائيل، وأكد أنه أمر ببدء التحضيرات لنقل سفارة بلاده من تل أبيب إليها، وهي الخطوة التي جرى تنفيذها في مايو من العام التالي.
ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية، ولا يعترفون بإعلانها من قبل إسرائيل التي احتلتها عام 1967 مع القدس الغربية “عاصمة أبدية موحدة” لها.
وأواخر أغسطس/ آب 2018، قرر ترامب وقف التمويل المخصص لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” بشكل كامل، بعد مرور أشهر على خفض الدعم المالي للوكالة التي تقدم خدماتها لما مجموعه 5.4 ملايين لاجئ في مناطق عملياتها الخمس، وهي: الأردن، وسوريا، ولبنان، والضفة الغربية، وقطاع غزة.
وعاد ترامب في آذار/ مارس 2019، باسطا يده بهدية جديدة لتل أبيب بالاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السوري التي احتلتها عام 1967، متحديا مرة أخرى القانون الدولي.
وفي 28 يناير/ كانون الثاني الماضي، أخرج ترامب من جعبته هديته التي ربما كانت الأخيرة لإسرائيل (حتى الآن)، معلنا خلال مؤتمر صحفي في واشنطن، بحضور نتنياهو، “صفقة القرن” المزعومة.
وتتضمن “صفقة القرن” إقامة دويلة فلسطينية في صورة أرخبيل تربطه جسور وأنفاق، وجعل مدينة القدس عاصمة غير مقسمة لإسرائيل، والأغوار تحت سيطرة الأخيرة.
وتشهد المنطقة والعالم حالة من الترقب لإعلان إسرائيل عزمها ضم منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت (على الحدود مع الأردن) وأجزاء من الضفة الغربية المحتلة لسيادتها مطلع يوليو/ تموز المقبل، في إطار “صفقة القرن”، وسط تحذيرات من خطورة تلك الخطوة.
والأربعاء، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، إن ضم أجزاء من الضفة الغربية “قرار يخص الإسرائيليين”.
وأضاف بومبيو في إفادة صحافية من مقر وزارة الخارجية بواشنطن، أن “الأمر متروك لإسرائيل لاتخاذ قراراتها الخاصة بشأن ضم أجزاء من الضفة الغربية، وفقا لما تعهد به نتنياهو”.
تصريحات بومبيو جاءت رغم دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الأربعاء، إسرائيل إلى التراجع عن قرار الضم.
وقال غوتيريش خلال جلسة لمجلس الأمن عقدت، لبحث خطط الضم الإسرائيلية، إن ذلك “يشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي، ويضر بشدة باحتمال حل الدولتين، ويقوض إمكانية استئناف المفاوضات”.
(الأناضول)