هل تنتقم الصين من الشركات الأميركية ردا على استهداف تيك توك؟

هل تنتقم الصين من الشركات الأميركية ردا على استهداف تيك توك؟

لم تتخذ الصين أي إجراءات فورية ردا على القرارات الأميركية الأخيرة بشأن تطبيق تيك توك (TikTok)، لكن بكين تستطيع أن تستهدف عددا من الشركات الأميركية كخطوة انتقامية.

وفي تقريرها الذي نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، قالت الكاتبة نينا بالمر إن إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل أيام عزمه حظر تطبيق تيك توك الصيني في الولايات المتحدة أحدث صدمة كبيرة في قطاع التكنولوجيا، وقد يؤثر على الشركات الأميركية العاملة في الصين.

وقد بدأت شركة مايكروسوفت (Microsoft) مفاوضات مع شركة “بايت دانس” (ByteDance) المالكة للتطبيق من أجل الاستحواذ عليه، ومنحت لجنة الاستثمار الخارجي في الولايات المتحدة مهلة 45 يوما لإتمام الصفقة أو حظر التطبيق.

ورغم أن شركة “بايت دانس” ليست مملوكة للحكومة الصينية، بل هي شركة خاصة تمكنت من غزو الأسواق المحلية والعالمية عبر تطبيق تيك توك الذي تُقدّر قيمته السوقية حاليا بـ50 مليار دولار (انخفضت القيمة إلى النصف مقارنة بشهر مايو/أيار الماضي)، فقد جاء الرد الرسمي على الخطوات الأميركية من السلطات في بكين.

وأعلنت وزارة الخارجية الصينية في مناسبتين خلال الأيام الماضية، اعتراضها على تحرك الحكومة الأميركية ضد تطبيق تيك توك، مشيرة إلى أن الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة على شركة صينية لبيع جزء من عملياتها مخالف لمبادئ منظمة التجارة العالمية في الانفتاح والشفافية وعدم التمييز.

الأزمة الجديدة بشأن تيك توك هي إحدى تبعات الصراع التجاري الحالي بين العملاقين الولايات المتحدة والصين (شترستوك)
رد فعل مؤجل
لكن الكاتبة ترى أن الصين لن تتخذ حاليا أي إجراءات انتقامية فورية ضد الشركات الأميركية كرد فعل على عزم الرئيس ترامب حظر تطبيق تيك توك أو فرض صفقة استحواذ، وذلك لأسباب عدة.

أول هذه الأسباب أن السلطات الصينية تفرض من الأساس قيودا كبيرة على الشركات والاستثمارات الأجنبية، وقد جرى فعلا حظر أغلب شركات التقنية الأميركية من العمل في الصين، ولا يُوجد أي تطبيق أميركي يستخدمه الصينيون بكثافة وتستطيع بكين حظره كخطوة انتقامية.

كما أن الحكومة الصينية تعمل حاليا على تشجيع الاستثمار الأجنبي للتقليل من الآثار المدمرة التي خلّفها انتشار فيروس كورونا المستجد، وللحفاظ على مستويات النمو السابقة وجعل اقتصادها أكثر تقدما وتنوعا.

وتسعى بكين أيضا إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع نخب المال والأعمال في الولايات المتحدة، لأن المصالح المشتركة جعلت رجال الأعمال ينتهجون تقليديا مقاربة أقل عدائية في التعامل مع الصين، على عكس صناع السياسة الأميركية.

اعلان
وقالت الكاتبة إن ما يعزز فرضية عدم لجوء الصين إلى أي ردود انتقامية متسرعة تجاه الخطوات الأميركية، هو طريقة تعاملها مع أزمتها المماثلة مع الهند خلال الفترة الماضية.

وكانت الحكومة الهندية قد حظرت استخدام تطبيق تيك توك و58 تطبيقًا صينيًا آخر في يونيو/حزيران الماضي، وقد عبّرت الصين عن رفضها لهذا الإجراء، لكنها لم تتخذ أي خطوات عقابية.

وقد أعلن المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية في الثاني من يوليو/تموز أن بكين لا تعتزم اتخاذ أي إجراءات حظر أو تمييز ضد السلع والخدمات القادمة من الهند.

وحسب الكاتبة، فإن ذلك قد يشير إلى أن الحكومة الصينية لا تنوي اتخاذ أي إجراءات انتقامية فيما يتعلق بحظر تيك توك في الولايات المتحدة، أو أن موقفها من الهند كان سببه الرغبة في خفض التوتر بعد المناوشات الحدودية بين البلدين في منطقة وادي غالوان.

ترى الكاتبة أن الصين قد لا تلجأ إلى أي ردود انتقامية متسرعة تجاه الخطوات الأميركية، قياسا على طريقة تعاملها مع أزمتها المماثلة مع الهند خلال الفترة الماضية (شترستوك)
أهداف محتملة
تضيف الكاتبة أنه في حال اختارت الحكومة الصينية الانتقام من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الأميركية بشأن تطبيق تيك توك، فإنها تملك العديد من الأهداف المحتملة.

ومن بين هذه الأهداف شركة “سيسكو” (Cisco Systems) التي لا ترتبط بعلاقات جيدة مع الصينيين على خلفية نزاعها المستمر منذ أعوام مع شركة “هواوي” (Huawei) حول حقوق الملكية الفكرية.

ومن الشركات الأميركية الأخرى التي قد تستهدفها الصين “خدمات أمازون ويب” (Amazon Web Services) التي تمتلك مشروعا للخدمات السحابية في الصين، وشركتا “آبل” (Apple) و”مايكروسوفت”.

وحسب الكاتبة، فإن الحكومة الصينية التي تسعى إلى تحقيق التوازن بين مصالحها التجارية والتزامها المبدئي بعدم السكوت عن الإجراءات الأميركية، قد تلجأ إلى خطوات انتقامية من نوع خاص، مثل مواصلة اعتماد سياسة التضييق على الشركات الأميركية بهدف منعها من توسيع أنشطتها في السوق الصينية.

وأكدت الكاتبة أنه في حال أجبرت حكومة الولايات المتحدة “تيك توك” على بيع حصته في السوق الأميركية، بدلاً من حظره، فإن هذا سيزيد من احتمالات استهداف الحكومة الصينية للشركات الأميركية، وقد يصل ذلك إلى إجبار بعض الشركات العاملة في الصين على بيع أصولها.

الجزيرة